إجراءات مالية تونسية منقوصة لمواجهة كورونا

ضغوط لشمول كافة الموظفين في القطاعين العام والخاص بإجراءات البنك المركزي.
الجمعة 2020/03/20
التونسيون يبحثون عن مسافة أمان مالية

انتقدت أوساط اقتصادية وشعبية تونسية الإجراءات النقدية التي اتخذها البنك المركزي لمواجهة آثار وباء فايروس كورونا على الاقتصاد المتعثر أصلا، لأنها لم تراع ظروف الموظفين في القطاعين العام والخاص والمتعلقة بتأجيل سداد ديونهم للمصارف كما هو الحال مع الشركات.

تونس - تواجه السلطات التونسية ضغوطا شعبية لحثها على دفع البنك المركزي إلى اتخاذ تدابير إضافية تساعد على تخفيف وطأة الظروف المالية على الموظفين في القطاعين العام والخاص دون استثناء.

وتفجرت هذه المطالب على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث طلب ناشطون في فيسبوك من المركزي اتخاذ قرار تأجيل اقتطاع قروض الآلاف من الموظفين لدى المصارف المحلية لمدة 6 أشهر على غرار ما تم اتخاذه مع الشركات.

وكتب الناشط محرز البوثوري على حسابه في فيسبوك إن”البنك المركزي قدم إجراءات تتضمن تأجيل دفع قروض المؤسسات أصحابها أثرياء أما الموظفون فلا يوجد أي إجراء لهم”.

وكانت حكومات دول عربية قد خففت على مواطنيها تداعيات كورونا وخاصة الموظفين عبر تأجيل سداد ديونهم للبنوك.

وأعلن المركزي في وقت سابق هذا الأسبوع حزمة تدابير طارئة في مجال السياسة النقدية هدفها تخفيف العبء المالي على الشركات وخاصة منها المتوسطة والصغيرة.

وقال المركزي في بيان نشره على موقعه الإلكتروني الأربعاء الماضي إن “هدف الإجراءات الاستثنائية مساندة المؤسسات بهدف الحفاظ على النسيج الاقتصادي وحماية فرص العمل”.

وأشار إلى أن التدابير تأتي لتعزيز قدرة القطاع المصرفي على دعم الشركات “عبر توخي مرونة أكثر بخصوص معايير التصرف الحذر”.

وأكد البيان أن التدابير ستطال أيضا مجال الدفع بهدف التقليص من تنقل الزبائن إلى فروع المصارف، وبالتالي الحد من مخاطر انتقال عدوى كورونا.

ومنح المركزي الشركات إمكانية تأجيل سداد الأقساط التي يحل أجلها أصلا وفائضا خلال الفترة الممتدة من مطلع مارس إلى نهاية سبتمبر المقبل مع تعديل جدول السداد على أساس قدرة كل مستفيد، لكنه استثنى الموظفين.

وأكد الخبير الاقتصادي أنيس القاسمي لـ”العرب” أن هناك ارتجالا في اتخاذ القرارات، ورغم أن ما يظهر في العلن يشير إلى تناغم بين الحكومة والمركزي، إلا أن مسألة عدم شمول موظفي الإدارات الحكومية وشركات القطاعين العام والخاص تدعو إلى الاستغراب.

وقال إن “الحكومة والسلطات النقدية رمتا بالكرة إلى أصحاب الشركات ممثلة في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة لاتخاذ قرار بهذا الشأن في حين أن العكس يجب أن يكون”.

وفسر القاسمي ذلك بأن الحكومة تخشى أي مواجهة مع رجال الأعمال في هذه الظروف الحرجة التي لا تبدو سانحة للدخول في معارك الجميع في غنى عنها.

وتأتي التدابير بعد يوم من اتخاذ المركزي خطوة خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نقطة مئوية لتصبح عند 6.75 في المئة، للمرة الأولى منذ 2011، بينما يواجه الاقتصاد خطر ركود.

ويقول خبراء إن القرار كان متوقعا خاصة عقب تخفيضات حادة لأسعار الفائدة في اقتصادات رئيسية حول العالم مع تسبب فايروس كورونا في توقف قطاعات واسعة من الاقتصاد.

وأغلقت تونس، التي يسهم قطاع السياحة فيها بنحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كافة حدودها البرية مع ليبيا والجزائر وكذلك الرحلات الجوية والبحرية حتى إشعار آخر.

وضع اقتصادي صعب
وضع اقتصادي صعب

وخفضت بنوك مركزية أسعار الفائدة لديها منذ الأحد الماضي بعد إعلان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) خفض أسعار الفائدة بنقطة مئوية إلى نطاق صفر و0.25 في المئة.

ويتوقع المركزي التونسي تراجع أداء كل من قطاعات السياحة والنقل الجوي والبحري، إضافة إلى القطاع الصناعي، بسبب انخفاض نسق التصدير، تبعا لتراجع الطلب من البلدان الشريكة المتضررة.

ويعتبر الاتحاد الأوروبي أحد الشركاء التقليديين لتونس، ويبدو أن تونس ستواجه متاعب أكبر بعد أن باتت القارة العجوز معزولة تقريبا عن العالم بعد أن اعتبرتها منظمة الصحة العالمية بؤرة لتفشي كورونا.

ومع ذلك تكافح الجهات المعنية بالاستثمار بتونس للمحافظة على نسق تأسيس الشركات وجذب المزيد من رؤوس الأموال إلى السوق المحلية رغم المخاوف من الوباء.

وذكرت وكالة النهوض بالصناعة والتجديد، أحد هياكل وزارة الصناعة، في بيان تلقت “العرب” نسخة منه أنها أطلقت منصة رقمية خاصة للمستثمرين لتسهيل حصولهم على المعلومات والتراخيص لتأسيس شركاتهم وكل ما يتعلق بعملية التمويل.

وقالت الوكالة إن القرار بدأ سريانه منذ الاثنين الماضي، لكنها لم تذكر بالتدقيق فترة زمنية لانتهاء العمل بهذا القرار.

وكان رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ قد أعلن في وقت سابق هذا الشهر أن بلاده خفضت توقعات النمو للعام الحالي إلى واحد بالمئة من 2.7 في المئة كانت مقدرة في موازنة 2020، مؤكدا أن تفشي كورونا واحد من الأسباب الأساسية لهذا التراجع.

وتعاني تونس منذ سنوات لكي تنهض مجددا باقتصادها وسط سنوات من النمو الضعيف وتراجع الخدمات العامة ومستويات عجز مالي ودين متصاعد.

وساهمت تدابير المركزي على مستوى السياسة النقدية في تباطؤ التضخم، الذي تراجع إلى نحو 5.8 في المئة خلال فبراير الماضي، هبوطا من 7.3 في المئة بمقارنة سنوية.

11