هيكلة قطاع المركبات في الأردن يحفز التحول إلى النقل الأخضر

عمّان - اعتبر خبراء أن قرار الحكومة الأردنية خفض الضريبة الإجمالية على المركبات وإعادة هيكلة قطاع السيارات، ضمن سلسلة من الإصلاحات، سيعمل على تحفيز الاقتصاد وتخفيف الأعباء عن المواطنين وتعزيز التحول نحو وسائط النقل المستدامة.
وبدأت دائرة الجمارك الأردنية الأحد بتطبيق قرار حكومي يتعلق بخفض نسبة الضريبة الخاصة على المركبات بمختلف فئاتها، في إطار تعزيز العدالة الضريبية وتبسيط الإجراءات وتحفيز الاستثمار في قطاع النقل المستدام.
وقال مدير عام الجمارك اللواء أحمد العكاليك إن “النظام الجديد يعكس نهجا إصلاحيا إستراتيجيا ويُسهم في إزالة التشوهات السابقة التي كانت تؤثر على احتساب الرسوم والضرائب.”
وأشار في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى أنه تم إلغاء التداخل بين “الضريبة العامة” و”الضريبة الخاصة” واستبدالهما بمعدلات موحدة مبنية على القيمة الجمركية للمركبة.
وكان النظام الضريبي السابق يستند إلى شرائح متعددة، ما أدى إلى تباين كبير في نسب الضريبة، الأمر الذي تسبب في إرباك لدى المستوردين وأثر على دقة الحصيلة الجمركية.
وبحسب العكاليك تم في النظام الجديد توحيد النسب وتبسيط الشرائح، ما أتاح إمكانية تحديد الضريبة المستحقة لكل فئة من المركبات بدقة وشفافية.
وفي ما يتعلق بالمركبات الكهربائية، أكد أن النظام السابق كان يتضمن ثلاث شرائح ضريبية مختلفة، في حين تم توحيدها حالياً لتسهيل عمليات الاستيراد ودعم توجه الحكومة نحو تعزيز استخدام المركبات الصديقة للبيئة.
وترى أوساط اقتصادية أردنية أن القرار لا يقتصر على البعد الاقتصادي فحسب، بل يحمل أبعادا بيئية واضحة ويؤكد حرص الحكومة على تعزيز مكانة البلد في مجال النقل الكهربائي والطاقة المتجددة.
وأشارت إلى أن أهمية القرار تكمن في تعزيز ثقافة التنقل بواسطة وسائط بديلة، وبالتالي تقليل الفاتورة النفطية، وحل مشكلة الازدحامات المرورية والحد من التلوث لاسيما في المدن الكبرى.
ويرى الخبير الاقتصادي الأردني هاشم عقل أن بلده اليوم يخطو خطوة كبيرة نحو مركبات أكثر عدالة في الكلفة، وأكثر نظافة في الانبعاثات.
65
في المئة من مبيعات السيارات الجديدة في السوق الأردنية كانت كهربائية خلال عام 2024
وسيحقق القرار وفرا ماليا لخزينة الدولة، يتراوح بين 100 إلى 200 مليون دينار (145.72 مليون و291.43 مليون دولار) سنويا على الأقل، وفق ما تشير إليه بعض التقديرات المحلية.
وقال عقل إن “القرار يلغي العمل بنظام الشرائح التصاعدية على السيارات الكهربائية، ما يعزز العدالة الضريبية ويسهل على المواطنين من الطبقة المتوسطة امتلاك سيارات كهربائية بأسعار معقولة.”
ومن المتوقع أن يسهم تعديل الضرائب في خفض أسعار السيارات في السوق المحلية، ما قد يعيد الحيوية إلى قطاع السيارات الذي عانى من الركود خلال الأشهر الأخيرة نتيجة ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية وشح الاستيراد.
وذكر عقل أن “القرار سيعيد الثقة إلى السوق وسيرفع المبيعات بنسبة ملحوظة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، ولاسيما في قطاع السيارات الهجينة والكهربائية، كما أن المستهلك سيبدأ في ملاحظة فرق في الأسعار.”
ورصدت مجلة فوربس الأميركية في تقرير نشرته مطلع هذا الشهر ارتفاعا ملحوظا في حجم مبيعات السيارات في الأردن، ما جعله ثاني بلد في العالم من حيث تجارة القطاع بعد النرويج.
وتُظهر المؤشرات تحولا لافتا، ففي عام 2024 كانت 65 في المئة من السيارات الجديدة في الأردن كهربائية. وتمثل الكلفة الشهرية لهذه النوعية من المركبات 10 في المئة من مصروفات سيارات البنزين، من محروقات وزيوت وقطع غيار دورية.
ويسود بين الخبراء اقتناع بأن الخطوة ستدعم جهود الحكومة الأردنية للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، انسجاما مع التعهدات الدولية.

وترى الهيئة العربية للطاقة المتجددة أن قرار الأردن خفض الرسوم على المركبات الكهربائية مدروس، وهو خطوة إستراتيجية تدعم توجهات الحكومة في التحول نحو الطاقة النظيفة وتعزيز الاستدامة البيئية.
وأكد الأمين العام للهيئة محمد الطعاني أن من شأن القرار أن يسهم في تحقيق عدة أهداف أبرزها تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، بما في ذلك البنزين والديزل، بنسبة تقدر بأكثر من 5 في المئة من إجمالي الاستهلاك خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأشار إلى أن هذا القرار يعكس حرص الأردن على تعزيز مكانته في مصاف الدول المتقدمة في مجال النقل الكهربائي والطاقة المتجددة، حيث يتصدر البلد اليوم الأسواق العربية في مجال البنية التحتية للسيارات الكهربائية وتخزين الطاقة.
ودعا الطعاني القطاع الخاص المحلي إلى استثمار هذه الفرصة للتوسع في الأسواق العربية والأفريقية، ما يمثل عائدا استثماريا مباشرا للاقتصاد، ويفتح آفاقا واسعة أمام الكفاءات الأردنية الفنية للعمل في الخارج.