دعوات متجددة لمراجعة القانون الانتخابي في تونس

إجماع سياسي على تعطيل البرلمان للحياة العامة.
الأربعاء 2021/09/22
تشتت حزبي وسياسي

تونس - لا تزال المنظومة القانونية للانتخابات في تونس تعاني من نقائص وثغرات، ما جعلها محلّ انتقادات لاذعة من موعد انتخابي إلى آخر، وسط إجماع الخبراء والمتابعين على ضرورة تغيير أسس القانون الانتخابي الذي لا يفرز أغلبية حاكمة.
وأكدت القاضية في محكمة المحاسبات فضيلة القرقوري على أهمية مراجعة القانون الانتخابي.

وقالت في تصريح لإذاعة محلية، الثلاثاء، إن “الأحكام الباتة في ما يتعلق بالمخالفات الانتخابية يجب أن تكون في وقت وجيز”.

وأوضحت القرقوري أن “القانون الانتخابي يعطيهم الحق في إسقاط العضوية لكن قيدهم بالإجراءات التي لا تتماشى مع المادة الانتخابية، إضافة إلى طول مدة الإجراءات”، مشددة على “ضرورة أن تكون الإجراءات مختصرة حتى يكون القضاء ناجزا من خلال الوصول لأحكام باتة”.

ووضعت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، التي رأسها عياض بن عاشور سنة 2011 والتي كلفت بتكوين مؤسسات تشرف على الانتقال الديمقراطي في تونس، نواة القانون الحالي.

ويمنع النظام الانتخابي استفراد أيّ حزب بغالبية حكم، ويؤدي دوما عبر قانون أكبر البقايا إلى برلمان مفتت لا جامع بين مكوناته سوى التعطيل المتبادل.

ولم يتم تعديل النقطتين الإشكاليتين في القانون المذكور الصادر سنة 2014. (القانون عدد 16 لسنة 2014)، فتم ترسيخهما وهما نقطة التصويت النسبي: الفصل 107 منه الذي ينصّ على أنه “يجرى التصويت على القائمات في دورة واحدة، ويتمّ توزيع المقاعد في مستوى الدوائر على أساس التمثيل النسبي مع الأخذ بأكبر البقايا”. ونقطة المناصفة بين الذكور والإناث في القائمات.

ناجي جلول: القانون الانتخابي الحالي هجين وبُني على مقاس النهضة
ناجي جلول: القانون الانتخابي الحالي هجين وبُني على مقاس النهضة

وأفاد ناجي جلول، أمين عام حزب الائتلاف الوطني التونسي، أن “القانون الانتخابي منذ عشر سنوات، يفرز برلمانا فيه كل شيء، إلا صراع الأفكار”، قائلا “رأينا تبادل العنف، وتدني الأخلاق، والاصطفاف في سياسة المحاور الخارجية”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن “هناك إجماعا في تونس على أن البرلمان أصبح عنصر توتر في البلاد، ويمكن لحركة النهضة بـستة في المئة من الأصوات أن تحكم البلاد، لأن النظام الانتخابي الحالي هجين ولا يعطي أغلبية حاكمة”.

وتابع جلول “نريد قانونا انتخابيا يعطي أغلبيات، ويحدد عددا معينا من الأحزاب، ويعاقب كل من يرتكب تجاوزات وإخلالات، من بينها التمويل الأجنبي، ونريد أيضا أحزبا قوية ومهيكلة”.

وأردف “هذا القانون تقريبا بُني على مقاس حركة النهضة، واليوم هي تكتوي بما فعلته”، لافتا إلى أن “الرئيس قيس سعيّد أنقذ النهضة من العنف بقراراته في الخامس والعشرين من يوليو الماضي”.

ويناقش الخبراء والمختصون منذ سنوات تداعيات اعتماد نظام الانتخاب النسبي الحالي، والذي أدى إلى الجمود مما أساء إلى الطبقة السياسية وإلى سمعة الأحزاب كما أضعف السلطة الحاكمة والمعارضة.

وتصاعدت وتيرة الدعوات المنادية بمراجعة النظام القانوني، في ظل الواقع السياسي الذي تغذيه الصراعات والمناكفات بين الأحزاب، وثمة إجماع على ضرورة إحداث تغيير جذري لإعادة تصحيح مسار ترسيخ أسس الديمقراطية الناشئة.

ضرورة تغيير أسس القانون الانتخابي

ويرى مراقبون أن دعوات التغيير كان يجب أن تطرح بقوّة مع ظهور نتائج تقرير محكمة المحاسبات بشأن مراقبة الانتخابات التشريعية والرئاسية لعام 2019، والتي كشفت خروقات حزبية كثيرة، وأن مسألة إصلاح النظام الانتخابي بمختلف عناصره وفي مقدمتها تعديل القانون الانتخابي باتت ضرورة ملحّة أكثر من أي وقت مضى.

وطرحت النتائج التي نشرتها محكمة المحاسبات في تقريرها بشأن مراقبة الانتخابات التشريعية والرئاسية التونسية التي جرت أواخر العام 2019، وكشفت جملة من الخروقات الحزبية، مسألة إصلاح المنظومة الانتخابية بمختلف عناصرها وفي مقدمتها تعديل القانون الانتخابي بالبلاد.

وكانت فضيلة القرقوري، أفادت بأن محكمة المحاسبات، رصدت خلال عملها الرقابي على الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019، العديد من الإخلالات التي شابت الحسابات المالية للمترشحين وشرعية الموارد ومجالات إنفاقها وعدم الإفصاح عن مصادر التمويل واستعمال مال مشبوه غير مصرّح به في الحملات الانتخابية وعدم احترام أحكام مرسوم الأحزاب.

وأكد القاضي محمد العيادي، أن أحكاما قضائية ستصدر تبعا لنتائج تقرير محكمة المحاسبات التي تعدّ أعلى هيئة قضائية رقابية في البلاد حول الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019، مبينا أن الأحكام المنتظرة ستغيّر المشهد السياسي.

وأبرز العيادي في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة بموقع فيسبوك أن المشهد سيتغير بفقدان عديد النواب صفتهم داخل البرلمان طبقا للفصل الـ163 من القانون الانتخابي مشددا على أن “البعض سيحرم من الترشح مستقبلا للانتخابات الرئاسية والتشريعية الموالية”.

ووصف، رئيس حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي البرلمان المجمدة أعماله من طرف رئيس الدولة، بالبرلمان المنتهي الصلوحية.

عبيد البريكي: لا يمكن تعديل الدستور دون مراجعة القانون الانتخابي
عبيد البريكي: لا يمكن تعديل الدستور دون مراجعة القانون الانتخابي

وقال في تصريح لإذاعة محلية “البرلمان هو السبب في دمار البلاد”، مشددا على “ضرورة حله، خاصة وأنه كان السبب الرئيسي للفساد المالي والإداري والسياسي الذي أدى بتونس إلى حالة من التدهور”.

وعبر البريكي عن مساندته لتنظيم استفتاء، وقال إن ذلك يمثل أرقى أشكال الديمقراطية، كما أعلن دعمه للتوجه إلى انتخابات مبكرة.

وبيّن أنه لا يمكن تعديل الدستور دون مراجعة القانون الانتخابي، وكشف أن حركة تونس إلى الأمام مع إرساء نظام سياسي معدل أو مراقب تكون فيه الحكومة مسؤولة أمام رئيس الدولة.

ويتجه الرئيس التونسي قيس سعيّد نحو تغيير طبيعة النظام السياسي بالبلاد من شبه برلماني إلى رئاسي وعرضه على الاستفتاء الشعبي، فضلا عن تغيير دستور المنظومة السابقة لتضمنه جملة من الثغرات والإخلالات عطّلت سير الحياة السياسية بالبلاد، وكرّست لخدمة المصالح الحزبية الضيقة.

وأعلن الرئيس سعيّد خلال جولة له في تونس العاصمة الأسبوع الماضي، عن إمكان إدخال تعديلات على دستور البلاد تستجيب لتطلعات الشعب.

وقال إنه “يمكن إدخال تعديلات” على الدّستور، وذلك بعد سبعة أسابيع على إعلان تدابير استثنائية على رأسها تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.

وفي تونس هناك نظام يتقاسم فيه الرئيس ورئيس الحكومة الصلاحيات و”الحكومة مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان)”، وفق المادة 95 من دستور 2014 الجاري به العمل الآن.

اقرأ أيضا: الرئيس التونسي يحسم الجدل بقوة: لا عودة إلى ما قبل 25 يوليو

4