تونس تبحث عن استنباط حلول جديدة لتمويل الميزانية

قيس سعيد يدعو إلى إنعاش الاقتصاد في القطاعين العام والخاص.
السبت 2025/06/14
دعوات إلى القطع مع الخيارات السابقة

حملت التصريحات الأخيرة للرئيس التونسي قيس سعيد دعوات ملحّة لضرورة استلهام حلول جديدة تهدف إلى تمويل ميزانية العام القادم في ظل الصعوبات المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، والاستمرار في سياسة التعويل على الذات.

تونس - دعا الرئيس التونسي قيس سعيد إلى ضرورة إيجاد حلول جديدة لتمويل ميزانية العام 2026، وهو ما دفع المراقبين للتساؤل بشأن طبيعة تلك الخيارات، في وقت يتم فيه تمويل الميزانية عبر الجباية والاقتراض.

ويقول خبراء ومراقبون تونسيون، إن طريق البحث عن حلول جديدة لتمويل الميزانية قد يكون عبر دفع الاستثمار الخارجي وتعديل القوانين المنظمة له، فضلا عن التفكير في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

ويؤكد هؤلاء أنه قد لا توجد حلول مبتكرة بقدر تطويل الحلول القديمة، وذلك عبر توجيه الجباية والاقتراض وهما المصادر الأساسية لتمويل الميزانية، نحو خلق الثروة والاستثمار بدل الاستهلاك.

وأكد الرئيس التونسي، على الخيارات الكبرى لمشروع قانون المالية للسنة القادمة خلال اجتماعه بقصر قرطاج، بكلّ من رئيسة الحكومة، سارة الزعفراني الزنزري، ووزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، ووزير الاقتصاد والتخطيط، سمير عبدالحفيظ.

رضا الشكندالي: لا بدّ أن تكون الجباية وسيلة لخلق الثروة في تونس
رضا الشكندالي: لا بدّ أن تكون الجباية وسيلة لخلق الثروة في تونس

 وشدد قيس سعيد وفق بلاغ صادر عن مؤسسة الرئاسة التونسية، مرة أخرى على ضرورة استنباط حلول جديدة في المجالات كلّها، وخاصة في المجال الاجتماعي والقطع النهائي مع الخيارات السّابقة، فقانون الماليّة ليس مجرّد أرقام ونسب بل هو تجسيد مالي لخيارات الشّعب.

كما أسدى تعليماته بالاستلهام من نتائج الجلسات التي تمّ عقدها مع أعضاء المجالس المحلية والجهويّة ومجالس الأقاليم حتّى قبل وضع مشروع التقرير التأليفي لهذه الجلسات وإعداد مشاريع مخطّطات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية، فالثورة لن تكتمل بالنّصوص وحدها ولا بمن هم مؤتمنون على تنفيذها، بل يجب أن تكون في العقول وفي التفكير.

وأكّد سعيد، على أنّ التونسيّين والتونسيّات قادرون وقادرات على صنع تاريخ جديد، وعلى مزيد رفعة هذا الوطن والسّير بخطى حثيثة لحياة الكرامة والمجد في طريق ملؤها العدل والأمن والاستقرار، مشددا على ضرورة أن تكون الثورة التشريعية متبوعة بثورة إدارية تؤسّس لفكر جديد يفتح أرحب الآفاق لمن عانوا من الضّيم والفقر، فيخرجون من دائرة الإقصاء وينتعش الاقتصاد سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص.

وأفاد أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي، أنه “من الممكن تنظيم حوار أو منتدى يضم أهل التخصص (خبراء ومراقبين)، وتعلن فيه رئيس الحكومة أو وزيرة المالية عن الحلول الجديدة لتمويل الميزانية.”

وأكد في تصريح لـ”العرب”، أنه “يتم تمويل الميزانية بالموارد الذاتية من جباية واقتراض داخلي وخارجي، وبالتالي لا بدّ أن تكون الجباية وسيلة لخلق الثروة وأن تستخدم لذلك الهدف، أمّا بالنسبة لموارد الاقتراض فيجب توجيه الاقتراض لتمويل الاستثمار وليس الاستهلاك.”

ويكرّر الرئيس سعيّد مرارا ضرورة “احترام السيادة الوطنية وأنه لا وصاية لأحد على تونس” معتمدا في ذلك على سياسة التعويل على الذات، بعد سنوات من الارتهان الخارجي كرّسته منظومة الأحزاب والولاءات السياسية للتمكّن من السلطة.

وقال المحلل السياسي المنذر ثابت ” أعتقد أن البحث عن حلول جديدة لتمويل الميزانية يكون عبر الاستثمار والقوانين المؤطرة للاستثمار الخارجي، فضلا عن الحد من قيمة النفقات العامة في علاقة بتجميد الأجور.”

وأوضح في تصريح لـ”العرب”، “يجب التحكم في نسبة التضخّم، كما أن الموارد إمّا أن تتأتى من الجباية أو من الاقتراض، ولعلّ الرئيس سعيد يبحث عن موارد جديدة في علاقة بالاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص.”

ولفت ثابت إلى أن “مجال الحلول ضيق، ويمكن الزيادة في الميزانية المخصصة للاستثمار.”

المنذر ثابت: يجب الحد من قيمة النفقات العامة وتجميد الأجور
المنذر ثابت: يجب الحد من قيمة النفقات العامة وتجميد الأجور

والأربعاء، أشرفت رئيسة الحكومة التونسية، بقصر الحكومة بالقصبة، على مجلس وزاري خصص للنظر في الملامح الكبرى لقانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2026.

وذكّرت أن قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2026، يكتسيان طابعا إستراتيجيا محوريا باعتباره أداة لتجسيد السياسات العمومية في إطار البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للدولة الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية ومتناغما مع المخطط التنموي 2026-2030.

وأكّدت رئيسة الحكومة على ضرورة أن تتّم بلورة قانون المالية لسنة 2026 وفق تصوّر جديد يقطع مع الإجراءات الترقيعية الوقتية وأنصاف الحلول، ويعكس رؤية الدولة وتوجّهاتها، المتمثّلة أساسا في تدعيم أسس الدولة الاجتماعية مع ضمان العدالة الاجتماعية وتكريس خيار العدالة الجبائية، وتعزيز القدرة الشرائيّة، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والترفيع في نسبة النمو الاقتصادي من خلال حفز الاستثمار وبناء إطار اجتماعي واقتصادي ملائم لمرحلة البناء والتشييد.

واعتبرت وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة أنّ كل الخيارات الاقتصادية للدولة يجب أن تحترم جملة من الثوابت خاصة منها المحافظة على السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني والتعويل على الذات مع الانفتاح على محيط تونس الإقليمي والدولي بما يدعم ويكرّس الخيارات الوطنية في ما يتعلّق بالدور الاجتماعي للدولة وتعزيز البعد المحلي والجهوي والإقليمي للتنمية.

4