تونس تحتاج إلى تغيير الدستور أم تعديله؟

هيكل المكي: الدستور الحالي لا يليق بالشعب ويتعين استبداله بدستور جديد.
الأربعاء 2021/08/18
التغيير يبدأ من هنا

تصاعدت المطالب السياسية في تونس بين من ينادي بتعديل دستور 2014 ومن يدعو إلى تغييره كليا، في إطار استكمال المسار السياسي الذي بدأه الرئيس قيس سعيّد بحزمة من الإجراءات الاستثنائية، وسط تساؤلات جوهرية بشأن الطرق والآليات المخوّلة لتنفيذ ذلك.

تونس - طرحت المرحلة الراهنة في تونس، الحاجة إلى تغيير الدستور أو تعديله، وسط قراءات سياسية وقانونية مختلفة، فبينما يطالب البعض بتعديل عدد من الفصول والنصوص، تدعو أطراف أخرى إلى التغيير الجذري مع ضرورة توفير شروط وضمانات لذلك.

وأكد هيكل المكي القيادي بحركة الشعب والنائب في البرلمان المجمّد، أنّ حركته “تعتبر أن عودة البرلمان ستمثل انتكاسة حقيقية لثورة الشعب”، معربا عن اعتقاده بأن حله هو مطلب شعبي، وأن الآليات الدستورية لذلك غير متوفرة بالفصل 80 من الدستور.

واعتبر المكي في تصريح لإذاعة محلية، أن “الدستور الحالي لا يليق بالشعب وأنه يتعين استبداله بدستور جديد يكفل الحريات وحقوق الإنسان ويكون غير مائع في ما يخص النظام السياسي ولا يفتت السلطة ويسمح بوجود دولة ونظام قوي وديمقراطي”، معربا عن اعتقاده بأن “الخطوات التي سيقوم بها رئيس الجمهورية ستكون في إطار المطالب الشعبية الواضحة والصريحة”.

وأضاف “البرلمان لم يكن برلمانا للشعب، بل كان برلمان اللصوص والمهربين والمجرمين والإرهابيين”. قائلا “ما تم يوم الخامس والعشرين من يوليو، حدث فارق ولحظة تاريخية لم تعشها تونس منذ مئات السنين”.

وسبق أن تحدث مراقبون عن اعتزام سعيّد إجراء تعديلات دستورية قبل عرضها على استفتاء شعبي، وتشمل تغيير النظام السياسي من شبه برلماني إلى رئاسي.

ويتيح الفصل 143 من الدستور لرئيس الجمهورية أو لثلث أعضاء البرلمان حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور، ولمبادرة رئيس الجمهورية أولوية في ذلك.

رابح الخرايفي: بعض الأبواب في الدستور لا يمكن تعديلها أو تغييرها
رابح الخرايفي: بعض الأبواب في الدستور لا يمكن تعديلها أو تغييرها

ويرى خبراء القانون، أنه يمكن تعديل الدستور جزئيا دون المسّ من الأبواب الأساسية فيه، مع بعض التعديلات المتعلقة بتقسيم المهام والأدوار في السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وأفاد رابح الخرايفي الباحث في القانون الدستوري والنيابي، أن “الدعوات المنادية بتعليق الدستور غير وجيهة”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “هناك بعض الأبواب لا يمكن تعديلها أو تغييرها، وهي باب الحريات العامة، وباب استقلال القضاء والباب المتعلق بالمحكمة الدستورية، ويمكن تنقيح بقية الأبواب مع الحفاظ على الأولى”.

وبرأي الخرايفي “فإن المشكلة تتعلق أساسا بباب السلطة التنفيذية ورأسيها عبر خلق مشاكل تنازع الاختصاص، وهذه الفكرة تحتاج إلى مراجعة وتقتضي أن تكون السلطات بيد رئيس الجمهورية، فضلا عن وجوب تنقيح باب السلطة التشريعية وآليات الرقابة على رئيس الدولة”.

وتساءلت منظمات المجتمع المدني عن كيفية التغيير من عدمها خصوصا في ظل غياب الضمانات اللازمة لذلك، مع التفكير في إجراء بعض الآليات الأخرى وفي مقدمتها الاستفتاء الشعبي حول التعديل أو التغيير.

وقال سيف الدين العبيدي كاتب عام شبكة مراقبون، إنه “توجد العديد من الإشكاليات ولكن إذا أردنا  تغيير الدستور، فكيف سيكون ذلك، هل بالرجوع إلى الشرعية الشعبية أو عبر آليات أخرى على غرار تنظيم استفتاء حول تغييره مع المنظمات الوطنية والمجتمع المدني”.

وأكّد في تصريح لـ”العرب”، “ليس هنالك خارطة طريق واضحة، وعبرنا عن ذلك في الكثير من الأحيان، بل هناك أزمة على مستوى نظام الحكم بسبب النظام الانتخابي المبني على النسب البرلمانية”، موضحا بأن “النظام هجين وهناك أزمة سياسية”.

سيف الدين العبيدي: تغيير الدستور يحتاج إلى شروط وضمانات
سيف الدين العبيدي: تغيير الدستور يحتاج إلى شروط وضمانات

وتبنّت حركات سياسية مطالب التغيير في إطار استكمال المسار السياسي الذي أعلنه الرئيس سعيّد، والقطع مع المنظومة السابقة التي قادتها حركة النهضة، وسط اتهامات بتأسيسها لدولة الفساد.

وقال مؤسس حركة الجمهورية الثالثة، محمد علي عباس، إن دستور سنة 2014 أسّس لدولة الفساد وأدى إلى الخراب.

وأضاف في تصريح لإذاعة محلية، أن النظام السياسي “لقيط وهجين وقد أدى إلى أزمة سياسية”، موضحا أنه “لابد من دستور جديد ونظام سياسي جديد يكرس النظام الجمهوري الحقيقي الذي يرتكز على سيادة الشعب والفصل الحقيقي بين السلط واستقلالية السلطة القضائية”.

ودوليا، قال نائب وزير العدل الأميركي السابق بروس فاين إنّه يجب استفتاء الشعب التونسي على دستور جديد.

وأضاف فاين “أعتقد أن المشكلة في تونس هي في دستور 2014 الذي لم يكن فاعلا لأن البلاد بقت لفترة طويلة دون محكمة دستورية، والدستور الحالي لا يمكنه استعادة الديمقراطية لأن المكوّن الرئيسي فيه وهو القضاء غير فاعل في البلاد”.

وتابع “أنا لا أنكر النية الصادقة لرئيس الجمهورية في الإجراءات التي اتخذها، لكنها إجراءات غير دستورية ويجب استفتاء الشعب التونسي إذا كان يريد دستورا جديدا ويجب انتخاب سياسيين ليسوا متورطين في شبهات تضارب مصالح”.

وقرر الرئيس التونسي قيس سعيّد، في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، تجميد عمل البرلمان لمدة شهر وإعفاء الحكومة من مهامها، مستنداً على الفصل 80 من الدستور التونسي.

ولم يحل الرئيس سعيّد البرلمان، بل جمّد عمله لمدة شهر واعتبر أن أداءه مثّل خطراً داهماً على كيان الوطن، وهو تفسير لم يكن محل توافق من أغلب خبراء القانون الدستوري في تونس.

4