السياحة التونسية تحاول ردم حفرة توماس كوك

انهيار الشركة البريطانية يخلف آلاف العاطلين ويقوض حجوزات الفنادق، وتونس من أقل البلدان التي لديها ديون لدى توماس كوك مقارنة بإسبانيا واليونان وتركيا.
الخميس 2019/09/26
نهاية عاجلة لرحلات السياحة والاستجتمام

بدأت الحكومة التونسية البحث عن شركات رحلات كبيرة لملء فراغ توماس كوك وامتصاص آثار انهيار أقدم شركة للرحلات السياحية في العالم بعد أن طوت هذه الصفحة “مؤقتا” إثر تعهد الحكومة البريطانية بسداد كافة مستحقات الفنادق التونسية.

تونس - بدأت تحركات المسؤولين التونسيين تتجه إلى إيجاد من يعوض الفراغ، الذي سببته توماس كوك، بينما لم تفق الأوساط السياحية حتى الآن من صدمة إعلان شركة الرحلات البريطانية، الأقدم في العالم، إفلاسها.

ورغم تطمينات الحكومة البريطانية بأنها ستسدد ديون الشركة، لدى الفنادق التونسية بحلول نهاية أكتوبر المقبل، لكن يبدو أن الأزمة ستؤثر بعض الشيء مع إلغاء كافة حجوزات توماس كوك للأشهر الثلاثة المقبلة.

وعقد وزير السياحة التونسي رونيه الطرابلسي اجتماعا مع السفيرة البريطانية لويز دي سوزا الثلاثاء الماضي، أفضى إلى اتفاق لحل المشكلة.

ومن الواضح أن لندن أبدت مرونة في التعامل مع الوضع، إذ أكد الطرابلسي بعد الاجتماع أن “بريطانيا تعهدت بدفع ديون توماس كوك”.

وتعد توماس كوك أحد أبرز الكيانات العالمية الرئيسية، التي ساهمت في إنقاذ الموسمين الأخيرين من الركود بعد استئناف رحلاتها إلى تونس في فبراير العام الماضي، عقب تعليق نشاطها نتيجة العمليات الإرهابية في 2015.

رونيه الطرابلسي: بريطانيا تعهدت بدفع مستحقات الفنادق على توماس كوك
رونيه الطرابلسي: بريطانيا تعهدت بدفع مستحقات الفنادق على توماس كوك

وبدأت الشركة حينها في تسيير 3 رحلات أسبوعيا لترفعها إلى 11 رحلة كل أسبوع بعد ذلك بشهرين تقريبا، ما أدى إلى انتعاش القطاع بشكل تدريجي وزاد من آمال السلطات في استقبال قرابة تسعة ملايين وافد بنهاية العام الجاري.

وقالت مصادر في قطاع السياحة لـ”العرب” إن “توقف رحلات توماس كوك إلى تونس نتيجة ظروفها القهرية ربما تكون تبعاته على المدى القصير فقط لأن هناك أسواقا أخرى بدأت وزارة السياحة تركز عليها منذ أربع سنوات تقريبا”.

وأشارت مصادر من وزارة السياحة، طلبت عدم ذكر هويتها، أن هناك خطة للبحث عن شركة رحلات عالمية كبيرة حتى تملأ فراغ توماس كوك.

كما أكدت أنه من السابق لأوانه تقييم تأثيرات توقف نشاط توماس كوك على نشاط السياحة رغم أنها كانت تشكل أحد أبرز الأضلاع الرئيسية الداعمة للقطاع إلى جانب شركة توي الألمانية.

وكانت تونس قد لجأت إلى السوقين الروسية والصينية خلال عامي 2016 و2017 لإنقاذ السياحة، التي تلقت ضربة كبيرة نتيجة ثلاث هجمات إرهابية أدت إلى هروب السياح وبالتالي تراجع العوائد.

وتعد السياحة الاستثناء الوحيد، الذي يراهن عليه المسؤولون في تغيير معادلة الاقتصاد المتعثر بعد أن حققت قفزات متتالية في العوائد من العملة الصعبة منذ بداية هذا العام.

وقبل هذه الأزمة، رجحت السلطات استقبال حوالي 50 ألف سائح بريطاني عبر توماس كوك في الربع الأخير من هذا العام.

وقلل الطرابلسي خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء، من تداعيات انهيار توماس كوك على القطاع رغم تأثيراتها الجانبية المحتملة على نشاط الفندقة وخدمات الطيران في الفترة المقبلة.

وقال “رغم تأثير أزمة توماس كوك على السياحة في العالم، لكن تأثيرها على تونس غير كبير، لأن بلدنا يعتبر من أقل البلدان التي لديها ديون لدى توماس كوك مقارنة بإسبانيا واليونان وتركيا”.

وأضاف إن “45 فندقا تأثرت من انهيار الشركة البريطانية ولكن نسعى إلى مساعدتها من خلال الحصول على قروض ميسرة لتجاوز هذه العثرة الطارئة”.

توماس كوك

وتدين توماس كوك للفنادق التونسية بنحو 65.6 مليون دولار عن إقامة السياح عن شهري يوليو وأغسطس الماضيين، بينما تشير المعلومات إلى وجود 4500 وافد نقلتهم الشركة ما زالوا في البلاد يقضون عطلاتهم.

والبنية التحتية للفنادق والمنتجات المتنوعة عوامل مهمة تلبي احتياجات السياح الأجانب، كما أن الصحراء تمثل حافز جذب لهم، إلى جانب الواحات.

وترى الأوساط السياحية أنه بالإمكان تجاوز إفلاس توماس كوك رغم أن القطاع في حاجة ماسة لتجاوز أزمة الديون، التي تشير التقديرات إلى أنها تفوق 1.53 مليار دولار.

واستبعد خليل فخفاخ رئيس الجامعة التونسية للنزل أن تفلس الفنادق التي كانت تتعامل مع توماس كوك نتيجة انهيار الشركة البريطانية.

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية لفخفاخ قوله أمس إن “العائدات السياحية حتى الآن تجاوزت عائدات 2010 وأن الخسائر المسجلة لن تؤثر على هذا الأداء”.

ووفق البيانات الرسمية، نظمت الشركة البريطانية منذ بداية العام الحالي إقامة 230 ألف سائح نصفهم تقريبا من البريطانيين، ما يمثل قرابة 3.5 بالمئة من إجمالي الوافدين ونحو 5 بالمئة فقط من السوق الأوروبية.

توماس كوك

وكانت منى بن حليمة المتحدثة باسم الجامعة قد قالت في وقت سابق إن “أغلب المتضررين من هذه الأزمة موجودون في منطقتي الحمامات وجربة وأن 10 منهم يتعاملون مع توماس كوك فقط”.

ولم تكن الفنادق الخاسر الوحيد من تصفية توماس كوك، بل إن القرار تسبب في خسارة الدولة لعوائد تقدر بنحو 35 مليون دولار سنويا نتيجة الخدمات، التي يقدمها ديوان الطيران المدني والمطارات للشركة البريطانية.

كما أن إعلان الإفلاس أدى لتسريح موظفي توماس كوك في تونس. ولا توجد أرقام رسمية عن عددهم بالتدقيق.

وتسهم السياحة بنحو 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهي ثاني أكبر مشغل للأيدي العاملة بعد القطاع الزراعي.

واستقطبت تونس العام الماضي أكثر من 8 ملايين سائح للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة في 2011 التي أربكت الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

وتسعى الحكومة عبر استراتيجية جديدة أطلقتها العام الماضي لدعم السياحة، إلى جذب أكثر من عشرة ملايين سائح بحلول العام المقبل، لكن مراقبين يتوقعون رقما أكبر من ذلك في ظل المؤشرات الحالية.

11