حزبا القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية لم يقوما إلى.. بمراجعة نقدية من أجل تصحيح وضعيهما قصد الانتقال من حزبي منطقة إثنية في فضاء جغرافي محدد إلى أحزبين متجذرين في الجزائر كلها.

وزارة الثقافة التي تحتكر الإشراف على كل ما يتصل بالشأن الثقافي ليس لها برنامج لصناعة الكتاب الجزائري المتطور ولتوزيعه توزيعا جديا على المستوى الوطني.

التصدعات الحاصلة داخل خيمة الأحزاب الإسلامية الجزائرية تصب مباشرة في صالح استراتيجيات النظام الحاكم الذي تمكن من ترويض بعضها بواسطة إدخالها في ترسانته.

تكريس سياسات وسلوكيات تهميش وإنكار الإنتاج الإبداعي الثقافي والفكري لمثل هؤلاء الأدباء والمفكرين البربر (الأمازيغ) هو الذي يثبت سيناريو العزل الثقافي الذي يمهد لتقسيم الهوية.

الرسائل الهادئة لا تكفي لوضع حد لركام من الخلافات الكبرى التي تحتاج إلى تسوية تستلهم التاريخ التحرري المشترك ووحدة الدم، واحترام مبدأ السيادة الوطنية، وتغليب مصلحة الشعبين الجزائري والمغربي.

الجزائر العاصمة وغيرها من المدن الكبرى تخلو من المراكز والمعاهد العليا للتكوين المسرحي المتخصصة في تدريس الفن المسرحي تاريخا، وإبداعا للممثلين الهواة أو للأطفال.

أعراض الصراع والانشقاقات داخل حزب جبهة التحرير الوطني ليست سوى ترجمة لفشل الجزائر في أن تكون في مستوى تاريخها، وأن تصبح قطبا عصريا في المجالات التي تشكل بنية الدولة المدنية الحديثة.

من الممكن اعتبار الدكتور شريط، الذي يغيب الآن، من المثقفين الجزائريين البارزين، والباحثين الجادين القلائل في مجال الدراسات الخلدونية في العالم العربي.

فكرة الإجماع الوطني التي يروج لها حزب القوى الاشتراكية مستحيلة التحقيق لأن المناخ العام يتناقض معها، ويصعب فعلا تجسيدها في ظل الحكم القائم في البلاد.

الروائي الجزائري محمد ديب لم ينل وساما أو تكريما ببلده الأصلي طوال حياته، ولم يدع للمشاركة في الحياة الأدبية شخصيا علما أن روايته الثلاثية وأعماله الإبداعية الأخرى تمثل علامة مضيئة في الأدب الوطني التحرري.

قضية التعريب في الجزائر ليست مجرد مسألة إدارية وتقنية بحتة، بل هي قضية سياسية بامتياز، تحولت مع مرور السنين إلى فضاء للصراع بين عدد من التيارات منذ فجر استقلال البلاد إلى اليوم.

أين هذه السوق الثقافية العربية المشتركة في الوقت الذي نجد فيه الحصار مضروبا على الكتاب العربي الثقافي والفكري والعلمي من كل الجهات ويخضع دائما للمزاج السياسي، فضلا عن عدم توزيعه في بلداننا بشكل منهجي.

هل بإمكان النظام الجزائري أن يتحرك ضمن الإطار الجماعي في فضاء الجامعة العربية في الوقت الذي تتباين فيه مواقفه وسياساته الخارجية مع الكثير من الدول العربية إزاء القضايا الكبرى.

لاشك أن اتحادات الكتاب ببلداننا ظاهرة جميلة، ولكنها تكلست منذ سنوات عدة، ولم تعد تلعب الدور الحيوي في إنعاش الحياة الفكرية والإبداعية.

حزب القوى الاشتراكية، الذي ينتمي إلى الأممية الاشتراكية ويفترض أنه يلتزم بأيديولوجيتها، لم يعد حزبا اشتراكيا وليس له موقف راديكالي من التوجه الرأسمالي المتوحش الذي يعتنقه ويطبقه النظام الجزائري الحاكم.

يبدو واضحا أن الفهم السائد للهوية الوطنية لا يزال يحشر في مسائل عامة كالتاريخ الوطني القديم والحديث والمعاصر، والانتماء، وحركة التحرر الوطني ضد الاستعمار الفرنسي على نحو خاص.

إذا كان للجزائر نفوذ حقيقي في القارة السمراء فلماذا لم تتحرك داخل أروقة الاتحاد الأفريقي لإجهاض الزيارة التي قام بها رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، منذ أسبوع ونيف لعدد من الدول الأفريقية.

منذ نشأة الصحف الجزائرية التابعة للنظام الحاكم أو التابعة للقطاع الخاص وهي تضع الشأن الثقافي في الدرجة الأخيرة حيث نجدها تختزل مهمتها في بعض المتابعات.. السطحية.