صوت منظمة الألكسو الخافت
مرة قال سياسي جزائري معروف رحل عن دنيانا منذ مدة من الزمان، وذلك في معرض نقده للعمل الشللي والمشلول في اللجان السياسية والثقافية في مختلف أجهزة الدولة الجزائرية، “إذا أردت أن تميَّع قضية من القضايا فأنشئ لها لجنة”، ولا شك أن هذا القول ينطبق في الكثير من الأحيان على المؤسسات الثقافية والتربوية والعلمية العربية التي تتسم في الغالب بخاصية البيروقراطية والنخبوية وتتطور إلى شللية مجحفة، متخذة طبيعة السلحفاة العجوز في التعاطي مع الشأن الثقافي.
ومن المؤسسات العربية الكبرى عندنا المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم التابعة للجامعة العربية والتي ظهرت إلى الوجود عام 1970 وتتمتع بصلاحيات كثيرة تتضمنها ديباجة قانونها الداخلي مثل “العمل على توحيد الثقافة العربية”، و”التنسيق بين البرامج الثقافية مع وزارات الثقافة في بلداننا”، والسهر على تطبيقها في الميدان. وأكثر من ذلك، فإن هذه المنظمة معنية بدعم “الحوار العربي الأفريقي والعربي الأوروبي والحوار العربي الآسيوي”، و”بالنهوض بقطاع الصناعات الثقافية، والعمل على إقامة سوق ثقافية عربية مشتركة، وإقامة معارض عربية للصناعات الثقافية بالتعاون مع الأقطار العربية، فضلا عن دعم صناعات المحتوى الثقافي العربي ماديا ومعنويا للحفاظ على التراث العربي”.
وهنا نتساءل، أين هذه السوق الثقافية العربية المشتركة في الوقت الذي نجد فيه الحصار مضروبا على الكتاب العربي الثقافي والفكري والعلمي من كل الجهات ويخضع دائما للمزاج السياسي، فضلا عن عدم توزيعه في بلداننا بشكل منهجي ومن دون تدخلات أجهزة الرقابة؟ وأين هذه الصناعات الثقافية العربية التي يمكن لنا أن نقارنها مع الصناعات الثقافية في البلدان المتطورة التي تعتبر الثقافة أساس حضارتها ووجودها والتي أصبحت جزءا عضويا من قوتها الناعمة ومن اقتصادها المادي والرمزي؟ وإذا كانت المنظمة العربية للثقافة والعلوم معنية ببعث الحوار الثقافي مع الغرب وأفريقيا وآسيا، فلماذا لا نجد للعرب حضورا فكريا وإبداعا أدبيا وموسيقيا وفنونا تشكيلية مؤثرة ومستمرة وفاعلة في هذه القارات الثلاث التي لا نعرف عنها ولا تعرف عنا إلا أسماء بلداننا وبلدانهم على الخارطة الجغرافية؟
وفي الحقيقة، فإن هذا الحوار الذي وعدت المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم بدعمه غير موجود أصلا في الواقع لأن شروط قيام أي حوار ثقافي حقيقي تستدعي أولا التبادل الثقافي المنهجي بكل أوجهه وأشكاله ومضامينه، والذي هو السبيل الوحيد لمعرفة بعضنا البعض واستيعاب وإدراك العناصر المشكلة للهرم الثقافي الشعبي الكلي لديهم ولدينا، وللمنتوج الفكري والمعرفي والفني والأدبي الذي ينتج في هذه المناطق الجغرافية الثقافية وفي جغرافيتنا نحن.
كاتب من الجزائر مقيم بلندن