منصة على يوتيوب تسافر بالأغنية التونسية إلى العالمية

موسوعة موسيقية جديدة تودّ مبتكرتها أن تراها راسخة لدى مستعملي الشبكة العنكبوتية عبر امتلاكهم لمدوّنة تسمح لهم بتصنيف المحتوى بوفرة وتنوّع.
الأربعاء 2020/06/10
رؤيا السويسي تسعى عبر منصتها إلى جعل الأغنية التونسية مفهومة لأي شخص حول العالم

رؤيا السويسي مهندسة تونسية شابة أطلقت على موقع يوتيوب قناة خاصة عنونتها بـ”الموسيقى التونسية المترجمة”، وهي قناة تلفزيونية ضمّت جواهر السجل الموسيقي التونسي الغني والمتنوّع. مشروع قدّم في شهرين فقط حوالي ثلاثين أغنية منوعة جمعت كل الأجيال الفنية والأنماط الموسيقية، كما أن القائمة في طريقها إلى التمدّد، و“العرب” حاورت صاحبة المبادرة فكان هذا اللقاء.

تونس – “الموسيقى التونسية المترجمة”، منصة إلكترونية على موقع يوتيوب، لها من العمر حوالي شهرين، أُحدثت ببادرة من المهندسة التونسية الشابة رؤيا السويسي (25 سنة) المقيمة في مدينة تولوز الفرنسية.

موسوعة موسيقية حقيقية جديدة تودّ مبتكرتها أن تراها راسخة لدى مستعملي الشبكة العنكبوتية عبر امتلاكهم لمدوّنة تسمح لهم بتصنيف المحتوى بوفرة وتنوّع، في سعي منها لتوجيه مستخدمي الإنترنت الفضوليين في زياراتهم إلى حدود متحف رقمي تتمّ تغذيته باستمرار.

عن أصل الفكرة تقول رؤيا السويسي لـ”العرب”، “نظرا للحجر الصحي الذي فرض على العالم جرّاء جائحة كورونا، وجدت نفسي على وشك الانجراف إلى حالة من القلق الوجودي لكلّ ما عشته وما عاشه العالم من هلع وخوف من المجهول”.

وتضيف “في الأثناء، كانت الموسيقى مؤنسة لي في وحدتي. وكانت يوتيوب هي المنصة الرقمية التي أستعملها دائما للاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة الموسيقى التصويرية إن توفّرت، طبعا. قلقي ذاك دفعني في بعض الأحيان إلى قراءة التعليقات أسفل الفيديوهات، إذ فيها من الطرافة الكثير”.

من هناك تولّدت الفكرة لدى الطالبة التونسية (بصدد إعداد شهادة الدكتوراه في مجال الفضاء)، فأنشأت قناتها الخاصة بعد أن لاحظت الكثير من التعليقات أسفل فيديوهات الأغاني التونسية من بعض الزوار الغربيين المستائين من عدم فهمهم لكلمات الأغاني. والأمر ذاته انسحب على مستخدمي الإنترنت من العرب الذين لا يفهمون اللهجة التونسية، فكان قرارها بإنشاء منصة “الموسيقى التونسية المترجمة” على يوتيوب.

تنويعات مختلفة من الموسيقى التونسية بقديمها وحديثها، ومن كل الصنوف الموسيقية انطلاقا من العتيق الأندلسي (المالوف) مرورا بالنوب والحضرة ووصولا إلى الراب.

أسماء متعدّدة منها الراحلون كالشيخ العفريت وعلي الرياحي والصادق ثريا وفاطمة بوساحة، ومنها المخضرمون كالهادي دنيا ولطفي بوشناق وصابر الرباعي وفوزي بن قمرة ووليد التونسي، ومنها الشباب كحسان الدوس ومهدي عياشي وشيرين اللجمي وفرقة “يوما”، علاوة على نجوم الراب التونسي كـ”كافون” و”كلاي بي بي دجي”. ويجد المتابع للقناة أسفل كل مقطع فيديو (في مربع الوصف) معلومات حول المغني والإيقاع والقصة وراء الأغنية.

وعن هذه الاختيارات تقول السويسي “أنا أؤمن بالجودة الرائعة لموسيقانا وتراثنا الموسيقي الضخم الذي تأثّر بشكل هائل بأساليب موسيقية لا حصر لها، أذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر: البربري والأندلسي والإيطالي والموسيقى الشرقية”.

وتضيف “من هناك أنشأت هذه القناة، حيث أقوم بترجمة الأغاني التونسية إلى الإنجليزية لأنها لغة العالم. وأحاول إدراج أنواع مختلفة من الموسيقى التونسية والمزاوجة بين المالوف وموسيقى الراب لإظهار مدى تنوّع وثراء السجل الموسيقي التونسي، وخاصة جودة نص الأغاني، وهدفي من وراء إنشاء هذه القناة، يظل واحدا، تعزيز الموسيقى التونسية من خلال كسر حاجز اللغة أو اللهجة”.

تنويعات مختلفة من الموسيقى التونسية بقديمها وحديثها
تنويعات مختلفة من الموسيقى التونسية بقديمها وحديثها

وهي على قناعة راسخة بأنّ هذه المنصّة “ستستفيد من المقالات المصغّرة ومن المراجع الطبيعية على المدى الطويل، كما ستُفيد بالتراكم والتعوّد بما يكفي لجذب المزيد من المتحمسين للموسيقى التونسية، مهما كانت أذواقهم”.

وإثر سؤال لـ”العرب”، هل لك اهتمامات موسيقية؟ تجيب المهندسة الشابة “حقيقة ليس لديّ تكوين موسيقي أكاديمي، لكن لديّ كالجميع تقريبا أذن موسيقيّة تسمح لي باستساغة الفن الجميل والأصيل، كما أنّني أتّخذ من الاستماع إلى الموسيقى نشاطا للترويح عن النفس. أعتقد أنّ الغربة التي أعيشها في وطن غير وطني جعلتني أميل تلقائيا إلى الأغنية التونسية”.

من هناك، استندت رؤيا السويسي في اختيارها لأغانيها التونسية المترجمة إلى لغة شكسبير، بداية إلى ذوقها الخاص أو الإلهام، مضيفة “أنا بطبعي مزاجيّة لا أكتفي بنمط واحد طوال الوقت، ومع ذلك عملت على أن تكون الفيديوهات المنزّلة في نفس الأسبوع، مثلا، متنوّعة من حيث النمط والجيل ليكون المحتوى شاملا لكلّ الأصناف وموجّها إلى كلّ الأذواق”.

وتسترسل “بعد ذلك، بدأت أتلقّى مقترحات من الأصدقاء، كما نشأت الاقتراحات وتبلورت عندي شيئا فشيئا من خلال التعليقات الواردة أسفل مقاطع الفيديوهات المنزّلة من المشتركين الأجانب”.

وعن الأغاني الأقرب إلى قلبها بين القديمة منها والحديثة، تُجيب السويسي “ليس لديّ أقرب وأبعد، في واقع الأمر، أستند في اختياراتي على الجودة  التي لا تقتصر عندي على نوع محدّد”.

وتوضّح “ربّما، جعلتني الظروف ملمّة أكثر بالموسيقى الحديثة نظرا لتعرّضي اليومي لشبكات التواصل الاجتماعي وما تزخر به من منشورات موسيقية شبابية. لكنّ هذا لم يحل دون ميولي أيضا للأغاني التراثية والشعبية، ومحاولتي إدراك بعض ما فاتني من موسيقى عتيقة عن طريق البحث والاستعانة بوالديّ”.

وعن فنانها التونسي المفضل، والذي تراه خير سفير للأغنية واللهجة التونسية، تقول المهندسة التونسية الشابة “جوابي كلاسيكي بعض الشيء، ولكنّه مبرّر حسب ظني. أجيب، هنا ودون منازع، هو لطفي بوشناق، الذي أعتبره من قامات الموسيقى التونسية التي لا يزال يقدّم لها الكثير”.

وهي تعتبره من خيرة السفراء، نظرا إلى صيته العربي وسجلّه الزاخر بالعديد والعديد من الأغاني المتنوّعة، ففيها الصوفي والتراثي والمعاصر.. إلخ. كما تؤكّد “هذا الرأي لا ينفي، قطعا، وجود العديد من القامات الموسيقية الأخرى التي يحقّ لتونس الاعتداد بها”.

15