إدريس الروخ لـ"العرب": أؤمن بأن الفن يجب أن يطرح الأسئلة لا أن يبيع الأوهام

بين الدراما والسينما.. أعمال اجتماعية ترتقي بذائقة المتفرج المغربي.
الاثنين 2025/06/30
أعمال فنية جادة

إدريس الروخ واحد من أبرز الفاعلين في الفن المغربي، يؤمن بأن الفن قادر على تسليط الضوء على العديد من القضايا، وبأن عليه أن يثير نقاشات مهمة داخل المجتمعات ولا يكتفي بدوره الترفيهي فقط. وهو يعيش حاليا زخما إنتاجيا، حيث تُعرض له أعمال متنوعة بين الدراما والسينما داخل المغرب يواصل من خلالها مسيرته الملتزمة بإنتاج فن راق.

كشف الممثل والمخرج المغربي إدريس الروخ في لقاء مع صحيفة “العرب” عن ملامح مشاريعه الفنية الجديدة، التي تتوزع بين الدراما التلفزيونية والسينما الاجتماعية، كونه يواصل بخطى ثابتة تقديم أعمال تنبش في قضايا الإنسان المغربي وتُقارب التحولات المجتمعية بعين فنية ونفسية، حيث يؤكد أنه يؤمن بأن الفن يجب أن يطرح الأسئلة الحارقة والمهمة داخل المجتمعات لا أن يبيع الأوهام.

ويعرض الفنان حاليا مجموعة من الأعمال الفنية، منها مسلسل بوليسي يُعرض على شاشة القناة الأولى وفيلم اجتماعي يدور حول فنان شعبي تاه بين الحلم والانهيار، يرسم من خلالها الروخ ملامح مسار فني يراهن فيه على العمق والمصداقية.

ويستعد إدريس الروخ لولوج تجربة درامية جديدة، بعد الاتفاق مع شركة “ديسكونكتد” على تنفيذ عمل جديد يتناول قضايا اجتماعية راهنة، وذلك في سياق استمرار التعاون المثمر بينه وبين المنتج خالد النقري. ويجري حاليًا الاشتغال على التحضيرات الأولية لهذا المشروع، من كتابة النص واختيار الممثلين إلى وضع اللمسات الفنية والإخراجية، في انتظار انطلاق مرحلة التصوير.

"الوترة"، الذي كتبه الروخ وأخرجه وشارك في بطولته، يقدم عملا يغوص في إشكالية الهوية والانكسار الاجتماعي
"الوترة"، الذي كتبه الروخ وأخرجه وشارك في بطولته، يقدم عملا يغوص في إشكالية الهوية والانكسار الاجتماعي

وجدد الروخ هذا التعاون مع شركة الإنتاج ذاتها التي سبق أن نجح معها في مجموعة من الأعمال الدرامية، مستفيدا من انسجامه مع طاقمها التقني والفني. وتُراهن الشركة على مخرجين اثنين بشكل شبه حصري هما إدريس الروخ وصفاء بركة، في صيغة إنتاجية تقوم على الاستمرارية وتكرار التعاون مع الوجوه الفنية نفسها، ليمنح الأعمال نوعًا من التجانس والرؤية الثابتة.

ويُحافظ المخرج المغربي من خلال هذا النهج على ثبات عناصر الفريق، سواء على مستوى الإخراج أو التمثيل أو الكتابة، مع إدخال تغييرات خفيفة على مستوى بعض الممثلين، دون المساس بالهيكل العام، كما يُواصل طاقم الكتابة ذاته الاشتغال على الأعمال الكوميدية الموسمية التي تُعرض عادة خلال شهر رمضان، في ما يشبه خط إنتاج متكامل ومتجانس داخل الشركة.

ويعرض الروخ حاليًا على شاشة القناة الأولى سلسلة “BAG Brigade Anti-Gang”، وهي عمل درامي بوليسي يتناول الحياة اليومية لفرقة أمنية متخصصة في محاربة الجريمة داخل مدينة الدار البيضاء، وتأتي هذه السلسلة لتُعزز حضور الروخ في الدراما الاجتماعية ذات النفس البوليسي، التي تجمع بين الحركة والتحقيقات وسرد الواقع.

ويكشف العمل عن جوانب غير مرئية في مهنة رجال الأمن، من خلال التوغل في تفاصيلهم الإنسانية والاجتماعية، وليس فقط من خلال الملاحقات والتدخلات الميدانية. ويُبرز الروخ كيف تؤثر هذه المهنة على الحياة الخاصة لأفراد الفرقة، عبر علاقاتهم بأسرهم والضغوط النفسية التي ترافق مهامهم.

ويرصد المخرج المغربي في هذه السلسلة توازنًا هشًّا بين الجانب المهني والجانب العاطفي، من خلال متابعة أفراد خلية أمنية متخصصة في التتبع والمراقبة، كونها تعمل على تفكيك عصابة تنشط في تجارة المخدرات والقتل. ويُظهر كيف تنعكس المهام اليومية على التوازن الداخلي للفرقة، في ظل تحديات واقعية يعيشها كل عنصر فيها.

ويحضر اسم المخرج إدريس الروخ كذلك في القاعات السينمائية بفيلمه الجديد “الوترة”، الذي كتبه وأخرجه وشارك في بطولته، ليقدم عملا يغوص في إشكالية الهوية والانكسار الاجتماعي. ويحكي الفيلم قصة شعيبة، فنان شعبي يهاجر من البادية إلى المدينة سنة 1997، حاملًا حلم الشهرة وتحسين وضعه الاجتماعي من خلال موهبته في الغناء والعزف.

ويروي الفيلم كيف يجد شعيبة نفسه وسط واقع قاسٍ، حين يعتمد على أحد أقاربه الذي يستقر في كاريان بمدينة الدار البيضاء ويعمل بارونًا للمخدرات، إذ يستغل براءة شعيبة وسذاجته ليجرّه إلى عالم المخدرات، فيخسر أسرته ويبتعد عن ابنه وزوجته، ويتحوّل من فنان طموح إلى ضحية سهلة.

وينقل الفيلم المشاهد في خطٍّ زمني يمتد بين عامي 1997 و2023، ليرصد تحولات الشخصيات بين التوبة والفساد، والانحدار والرقي، ويُصوّر إلى أي حد يتغيّر بارون المخدرات ويصبح متدينا ويتزوج طليقة شعيبة، بينما يستمر الأخير في التقهقر حتى يجد نفسه مستقرًا داخل كباريه تُديره امرأة، يتحول إلى وكر للممنوعات.

ويعالج الروخ من خلال هذا الفيلم إشكالية الهوية الفنية والاجتماعية، متسائلًا: هل يكفي الفن وحده ليصنع الكرامة؟ وهل ينجو الفنان حين يُستغل من طرف المحيطين به؟ ويُبرز كيف أن شعيبة، رغم موهبته في العزف على الوترة ونجاحه في الحفلات الشعبية، لا يحقق السعادة ولا السلام الداخلي، ليجد نفسه ضحية الإدمان والإقصاء.

مخرج ملتزم بتنويع أعماله الفنية
مخرج ملتزم بتنويع أعماله الفنية

ويبرز الفيلم بين الدار البيضاء والمحمدية والمنصورية وبوزنيقة وبن سليمان، معتمدًا على خلفيات بصرية واقعية توضح التناقض بين المدينة والهامش، وبين البدايات الطموحة والنهايات المأساوية. وتشارك في بطولته، إلى جانب إدريس الروخ، نخبة من الممثلين المغاربة، من بينهم سحر الصديقي وطارق البخاري وحميد السرغيني وإلهام قروي وكريم بولمال والشرقي الساروتي.

ويُواصل إدريس الروخ، من خلال مشاريعه الجديدة، الدفع بالدراما المغربية نحو قضايا أكثر واقعية وحساسية، سواء عبر الشاشة الصغيرة أو عبر السينما، مؤمنا بأن دور الفن يمتد ليطرح الأسئلة ويكشف التناقضات ويقترح أساليب للفهم والمصالحة مع الذات.

وإدريس الروخ هو مخرج وممثل مغربي، بدأ مسيرته الفنية في المسرح مع فرقة “مسرح السبعة” حيث كتب وأخرج مسرحيات عديدة، وشارك في جولة مسرحية بالسويد مع المسرحي جواد الأسدي، قدم خلالها مسرحية “الآنسة جولي” التي أكسبته لقب “أنطوني كوين المغرب” من الصحافة السويدية.

وشارك في العديد من الأعمال الفنية المتنوعة، منها أفلام ومسلسلات مثل “الوترة” و”جنين” و”دار النسا” و”ضاضوس” و”السلعة” و”باب البحر” و”جرادة مالحة” و”ولاد المختار” و”الدنيا دوارة” و”الصفحة الأولى” و”كورصة” و”اليتيمة” و”Burnout” و”حياة” و”المسيرة الخضراء” و”دلاص” و”الشعيبية” و”حبال الريح” و”عايدة” و”زينة” و”كنبغيك حتى أنا” و”مسك الليل” و”بنات لالة منانة” بجزأيه و”بوغابة” و”صفي تشرب” و”جناح الهوى”.

كما أخرج عددًا من الأعمال، منها “الوترة” و”جنين” و”كاينة ظروف” و”كنبغيك طلقني” و”بنات العساس” و”جرادة مالحة” و”دار الهنا”، و”فرصة ثانية” و”الصفحة الأولى” و”الخاوة” و”دار الغزلان” بجزأيه و”لوبيرج” و”حبال الريح” و”كنبغيك حتى أنا” و”مسك الليل” و”بوغابة” و”صفي تشرب” و”كلنا جيران” و”ديما جيران” و”ياك حنا جيران”. وقد قام بتأليف فيلم “جرادة مالحة”.

15