غياب الرقابة يشجع الموزعين على رفع أسعار الخضر والفواكه في تونس

الوباء والمضاربة والاحتكار تربك مسالك التوزيع في الأسواق التونسية.
الجمعة 2021/03/12
ما من مشتر.. العرض للفرجة فقط

شهدت أسعار الخضروات والمواد الاستهلاكية في الأسواق التونسية ارتفاعا كبيرا، ما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين في ظل تواضع مصادر الدخل بالنظر إلى آثار الوباء على الوظائف ومختلف مفاصل الاقتصاد فيما اضطرت الدولة إلى استيراد بعض المواد لتغطية النقص المحلي بفعل المضاربة والاحتكار اللذين تسببا في ندرة المنتجات الأساسية.

تونس– تزايدت وتيرة تشكيات مختلف الفئات الشعبية في تونس، بسبب ارتفاع أسعار الخضروات بالأسواق، فيما يرى خبراء الاقتصاد، أن المسألة ترتبط بعوامل عدة، على غرار وجود لوبيات تتحكم في القطاع، فضلا عن إخلالات مسالك التوزيع، وعمليات الاحتكار والمضاربة ويأتي ذلك، في ظل تداعيات جائحة فايروس كورونا وارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة معدلات البطالة والفقر.

وأفاد إبراهيم الطرابلسي عضو المكتب التنفيذي المكلف بالأشجار المثمرة ومسالك التوزيع والتجارة المغاربية، أن “الوسيط الموجود بين المنتج والمستهلك يقوم بتجاوزات كبيرة بلا حسيب ولا رقيب”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “لو كانت مسالك التوزيع قائمة بدورها كما ينبغي، ما كان ليقع هذا الارتفاع في الأسعار”.

وتابع “لم نسجل نقصا في المواد باستثناء مادة البصل، وكان يحتم على الدولة أن تتدخل وخزنت الكميات الفائضة عن الإنتاج في الموسم الماضي، لتفادي المشاكل الحاصلة الآن”.

وأردف “نعاني من مشكلة مسالك التوزيع منذ عشرات السنين” ، متسائلا “ما معنى أن تقتني التمور بـ3 دينارات وتبيعها بـ 12 دينارا؟، الوسيط اليوم غير راض بهامش الربح الذي خصصته الدولة ويريد أن يحصل على الثروة”.

إبراهيم الطرابلسي: مسالك التوزيع لو كانت تقوم بدورها، لما ارتفعت الأسعار
إبراهيم الطرابلسي: مسالك التوزيع لو كانت تقوم بدورها، لما ارتفعت الأسعار

وانتقد الطرابلسي الدور الرقابي لوزارة التجارة، قائلا “هناك لوبيات تجلب السلع (أثرياء الأزمات)، ولا تكترث بمصلحة الوطن والمواطن، لكننا اليوم لا نستطيع أن نمنع السلع القادمة من دول الجوار على غرار ليبيا والجزائر، في إطار اتفاقية التبادل التجاري”.

ومن جهتها دعت الهياكل المدافعة عن المستهلكين، الدولة إلى المزيد من مراقبة مراحل تسويق المنتجات، مع مراجعة السياسات المتبعة في ذلك.

وأكد رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعدالله في تصريح لـ”العرب”، “أن ارتفاع الأسعار متداول في الخضر والغلال، وهناك نقص في الإنتاج خصوصا البصل والطماطم، وقد ارتفعت أسعارها بشكل كبير، واضطرت الدولة إلى استيرادها”.

وأضاف سعدالله، “أن تدهور المقدرة الشرائية للمواطن سببه تراجع قيمة الدينار التونسي، وهناك 70 في المئة من المواد المستوردة، مع نقص الإنتاج والإنتاجية، ساهمت في رفع الأسعار وأثرت على المستهلك”.

وطالب رئيس المنظمة “الدولة بمراجعة صندوق الدعم، فضلا عن ترشيد الاستهلاك، نظرا لأن الكثير من العائلات تستهلك أكثر من حاجياتها”، لافتا إلى “أن عدم تطبيق القانون حال دون إيقاف الممارسات وتجاوزات المضاربين وجشع التجار”.

وأشار سعدالله إلى “أن المنظمة تسعى لإيصال صوت المستهلك، وفي سنة 2018، تمكنت من حلّ 17434 إشكالا في كامل جهات البلاد”.

وأردف “عدم الاستقرار السياسي أيضا وغياب البرامج الاقتصادية الواضحة، ساهما في ارتفاع الأسعار”.

Thumbnail

وكانت وزارة التجارة أكدت في بلاغ لها أنه ”فيما عدا المواد الفلاحيّة المنصوص عليها بصفة حصريّة بقائمة المواد المحظورة الدخول للبلاد التونسية بمقتضى قرار من الوزير المكلف بالفلاحة، فإنّ سائر المنتجات الفلاحيّة حرّة على مستوى التّوريد كما التّصدير”، مشيرة إلى أن ”وزارة الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري تؤمن المراقبة الصحيّة والصحة النباتية لجميع المنتجات الزراعية عند الاستيراد والتّصدير عبر جميع المنافذ الحدودية”.

وسبق أن التقى وفد من الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، مع وزير التجارة وتنمية الصادرات محمد بوسعيد.

وأوضح وزير التجارة أثناء اللقاء، أنّ الوزارة لا دخل لها في دخول كميات من الخضر الموردة إلى السوق التونسية، مؤكدا أنّها لم تمنح أي ترخيص لهذا الغرض لأنّ المنتجات الموردة لا تخضع إلى الترخيص المسبق.

كما جدّد الوزير التزامه بعدم اللجوء إلى التوريد وحماية المنتجات التونسية خاصة أنّ أهل المهنة يؤكدون مرارا على وفرة الإنتاج.

ورفّع وباء كورونا المستفحل في تونس أسعار البضائع في الأسواق والمحلات التجارية، ما زاد من الأعباء المالية على كاهل المواطن الذي تشهد مقدرته الشرائية تراجعا غير مسبوق.

سليم سعدالله: الدولة مطالبة بمراجعة صندوق الدعم وترشيد الاستهلاك
سليم سعدالله: الدولة مطالبة بمراجعة صندوق الدعم وترشيد الاستهلاك

وأنهكت الأزمة الصحية، بتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية بشكل واضح القدرة الشرائية للطبقات الشعبية الفقيرة وحتى الوسطى في البلاد، ورغم حرص الحكومة على حماية مسالك التوزيع والتزويد ومقاومة غلاء الأسعار، إلا أنها لم تمنع حمى المضاربة والاحتكار التي تستغل الوضع المأزوم خدمة لمصالحها الربحية على حساب تلك الفئات.

وأثرت الجائحة على الأوضاع المعيشية في البلاد، حيث أسهم الوباء في إحالة الآلاف على البطالة فضلا عن تداعيات إجراءات الحجر الصحي على الاقتصاد المتردي.

وفرض الوباء توقف العمل في عدة مؤسسات، وشهدت نسب البطالة ارتفاعا مقلقا.

وأعلن المعهد الوطني للإحصاء عن ارتفاع نسبة البطالة في تونس لتبلغ 17.4 في المئة خلال الثلاثي الرابع من سنة 2020، مقابل 16.2 في المئة في الثلاثي الثالث من نفس السنة.

وفضلا عن ارتفاع نسب البطالة، لا زالت مختلف المحافظات التونسية تعاني من ظاهرة الفقر.

وفي وقت سابق، شدّد وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، على ضرورة وضع برنامج محاربة الفقر ضمن المحاور الرئيسية لأي برامج تنموية في الجهات.

ويبلغ معدل الفقر في ولاية القيروان 26.3 في المئة، وتحتل ولاية القصرين المركز الأول من حيث الولايات الأكثر فقرا بنسبة 33.6 في المئة، وفق ما ذكره الوزير نقلا عن أرقام المعهد الوطني للإحصاء، مشيرا إلى أن المعدل الوطني للفقر يبلغ 15.3 في المئة.

وكلّفت جائحة كورونا الحكومة التونسية خسائر بقيمة 5 مليارات دينار (1.83 مليار دولار) ما ساهم في تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.

11