جهود دبلوماسية لبلورة موقف جزائري تونسي موحد من الأزمة الليبية

الهاجس الأمني يفرض نفسه بقوة على اهتمامات السلطات العليا في البلدين.
الثلاثاء 2020/09/29
هل تتحق مصالح الجارين المشتركة

تونس - يتعزز التعاون الجزائري التونسي الدبلوماسي بزيارة لوزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم إلى تونس، في خطوة لبحث الرهانات الاقتصادية المشتركة بعد مخلفات جائحة كورونا، علاوة عن الانشغال بما آلت إليه الأوضاع في ليبيا والدفع نحو الحل السياسي بين الفرقاء.

وحل وزير الشؤون الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، الاثنين بالعاصمة تونس، في زيارة عمل تدوم يومًا واحدًا، حسب ما أفادت به الوزارة في بيان لها نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

وقالت الخارجية الجزائرية في بيان صحفي، “إن هذه الزيارة  تندرج في إطار العلاقات الثنائية الممتازة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، مشيرة إلى مباحثات تجمع الوزير الجزائري والرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس الوزراء هشام المشيشي”.

كما أشارت إلى أن بوقادوم سيجري محادثات ثنائية مع نظيره التونسي عثمان الجرندي.

ويسبق ذلك زيارة دولة مرتقبة إلى تونس يؤديها قريبا الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون.

وكان قيس سعيد وجّه دعوة لنظيره الجزائري عبدالمجيد تبون لدى زيارته الجزائر بداية فبراير الماضي، رحب بها تبون وأعلن حينها أنه سيحل بتونس قريبا رفقة وفد رسمي هام.

ويسود العلاقات الجزائرية التونسية طابع تعاوني هادئ، قياسا بالتوترات السياسية والدبلوماسية القائمة، حيث ظلت محل اهتمام بين السلطات المتعاقبة في البلدين رغم المطبات التي عطلت الكثير من المشاريع المشتركة.

منذر ثابت: هناك وعي في الجزائر كما في تونس بضرورة الحسم إما سياسيا أو عسكريا في ليبيا
منذر ثابت: هناك وعي في الجزائر كما في تونس بضرورة الحسم إما سياسيا أو عسكريا في ليبيا

ويرى مراقبون أن الهاجس الأمني فرض نفسه بقوة على اهتمامات السلطات العليا في البلدين، ودفعهما إلى توحيد مواقفهما في محاربة الإرهاب، فضلا عن  تبني خيار حل التسوية السياسية السلمية للأزمة الليبية.

وأفاد المحلل السياسي منذر ثابت ،”أن الزيارة تتخذ صبغة دبلوماسية وتعد تحضيرا للزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى تونس”، مضيفا أن “الجزائر وتونس من حيث المعطى الأمني والاستراتيجي  للمنطقة لهما نفس المشاغل والاهتمامات مع اختلاف في القدرات الاقتصادية للبلدين”.

وأشار ثابت في تصريح لـ”العرب”، إلى “وجود انشغال جزائري بالوضع الليبي الذي يمثل مصدر قلق خاصة لما يحدث في الغرب الليبي وعدم التوصل النهائي لحل سياسي، بالإضافة إلى وجود وعي في الجزائر كما في تونس للحسم إما سياسيا أو عسكريا في ليبيا مع محاولة خلق موقف مشترك من الإرهاب ومما يحصل على الصعيد الخارجي.. والانزعاج الجزائري في علاقة بالسياسة الغربية في المنطقة العربية وشمال إفريقيا”.

وتابع “الرئيس الجزائري منشغل بهذا المعطى ويسعى إلى تشكيل محور مع تونس.. وسياسة الجزائر تسعى إلى الشروع في تكوين محور يمنع تسرب القوى الأجنبية، فضلا عن منع تسرب خطر الإرهاب كهاجس مشترك.. الأهم من كل هذا أن يكون الجهد الدبلوماسي فعالا من الطرف الجزائري والتونسي استراتيجيا ومصلحيا”.

ويبدو أن هناك جانبا مصلحيا بالأساس حيث أشار ثابت إلى أنه “ثمة منافسة موضوعية  بين مصر وتونس والجزائر في علاقة بالوضع الليبي، فالجزائر تريد ضمان حصة المساهمة في الإعمار الليبي، والتسرب التركي إلى المنطقة يزعج الجزائر وهو تسرب استراتيجي وخاصة التمركز في الغرب الليبي والاستثمار وهذا يحتاج إلى العمالة”.

عبيد البريكي: الزيارة قد تفضي إلى إنشاء منطقة تبادل حر بين الجزائر وتونس
عبيد البريكي: الزيارة قد تفضي إلى إنشاء منطقة تبادل حر بين الجزائر وتونس

كما أشار إلى أن “الجزائر تتابع تكتيكيا التسرب التركي واستراتيجيا لن تقبل بحضور أنقرة في الغرب الليبي.. وهي تسعى إلى إيجاد خطة دبلوماسية للإعداد للحل السياسي عبر التنسيق الدبلوماسي قد يفضي إلى جمع أطراف النزاع الليبي بين العاصمتين (تونس والجزائر)، وتسعى لافتكاك المبادرة من المغرب والالتفاف على الدور التركي بحل دبلوماسي.. الجزائر لها وزن استراتيجي وعسكري ضروري يساعد على أن يكون صوتها مع تونس مسموعا في ليبيا”.

ومن المنتظر أن تكون تونس الوجهة الأولى للرئيس الجزائري، بعد تسعة أشهر من انتخابه في ديسمبر الماضي رئيسا للبلاد، وبذلك تكون أول محطة لانطلاق نشاطه الخارجي، وفرصة لإطلاق أولى رسائله الإقليمية والدولية.

وأفاد عبيد البريكي الأمين العام لحركة تونس إلى الأمام، في تصريح لـ”العرب”، “أن الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى تونس تكتسي طابعا تاريخيا وأهمية كبرى ولهذا السبب يتم الاستعداد لها عبر محادثات من قبل الخارجية الجزائرية”.

وأضاف البريكي، “هناك مستوى اقتصادي بالأساس للزيارة خاصة مع مخلفات جائحة كورونا وتداعياتها الوخيمة على البلدين.. وقد تفضي هذه الزيارة إلى إنشاء منطقة تبادل حر بين الجزائر وتونس”.

وأشار الناشط السياسي إلى أهمية التنسيق الأمني بين البلدين خاصة مع استشراء شبح الإرهاب الذي لا يزال موجودا والذي يقف أمام مساعي إرساء الديمقراطية في تونس.

وتابع “يحتاج البلدان إلى رؤية مشتركة بخصوص العلاقات الخارجية في ليبيا خصوصا بعد استقالة رئيس حكومة الوفاق الليبي فايز السراج، حيث آن الأوان لتوحيد المواقف حول ليبيا وتهديدات الإسلام السياسي المرفوض من الجزائر والنقاشات ستكون في علاقة بما يحدث في ليبيا”.

وسبق أن أعلنت وزارة الخارجية التونسية عن زيارة مرتقبة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى البلاد، هي الأولى من نوعها منذ انتخابه رئيسا للبلاد في ديسمبر الماضي.

وذكر بيان للخارجية التونسية بأنه “جرى الحديث عن هذه الزيارة خلال استقبال وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي السفير الجزائري بتونس عزوز بعلال”.

وتناول اللقاء الاستعدادات الجارية للزيارة المرتقبة التي سيؤديها الرئيس تبون إلى تونس، لكنه لم يكشف عن موعد الزيارة.

وكان الرئيس الجزائري قد صرح لدى لقائه بنظيره التونسي قيس سعيد في الجزائر بأن “البلدين يراهنان على بعث علاقات تعاون مهمة ومثمرة بما يخدم مصالح البلدين والشعبين”.

4