تطوير التلفزيون المصري يقتصر على الاستعانة بوجوه إعلامية جديدة

القاهرة – بدأت قنوات فضائية مصرية، بالترويج لانطلاقة جديدة للتلفزيون المصري أشبه بثورة تغيير وتطوير لبرامجه، بالاستعانة بمجموعة كبيرة من نجوم الإعلام المصري.
وقالت مصادر مطلعة إن هناك توجها عاما بأن تصبح القنوات الفضائية الخاصة معنية بشكل أكبر بالاهتمام بالقضايا الإقليمية، ما يفرض على الحكومة سد الفراغ المحلي الذي قد يحدث نتيجة التوجه لذلك.
وأصدر مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قرارا الثلاثاء بتحديد أهداف السياسة الإعلامية للدولة، واختصاصات ومهام الوزير المختص. شملت اقتراح السياسة الإعلامية للدولة، القيام بالتنسيق مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، والتنسيق مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام في تنفيذ هذه السياسة.
وتضمنت الأهداف الإعلامية تقوية الإعلام المصري محليا وإقليميا ودوليا، وزيادة قدرته على التعامل مع الأزمات المختلفة، إضافة إلى ترسيخ وعي المواطنين بأحكام الدستور والقانون، ورفع حالة الوعي المجتمعي بالقضايا ذات التأثير.
ويبدو أن هناك خطة حكومية لتوزيع الأدوار بين القنوات المختلفة، بحيث يكون الإعلام الرسمي مهتما بقضايا الداخل، وتسليط الضوء على الخطط الحكومية وتوصيل الرسائل الرسمية إلى الجمهور المحلي، فيما تتولى القنوات الخاصة التي تم الاستحواذ عليها مخاطبة الخارج، لتكون ظهيرا سياسيا على مستوى الإقليم.
تهميش أبناء ماسبيرو قد يتسبب في افتعال أزمات مستقبلية، لأن هناك شعورا بأن ما يحدث مقدمة للتصفية، وليس للتطوير
وتندرج مسألة تقوية التلفزيون الرسمي ضمن الخطة الحكومية، لكن هناك جملة من العراقيل، على رأسها وجود حالة غضب لتجاهل الحكومة أبناء ماسبيرو الذين قضوا سنوات طويلة من العمل به، في مؤشر عكس عدم الاعتراف بوجود كفاءات للقيام بهذه المهمة، واعتبر البعض من العاملين أن ذلك مقدمة للاستغناء عن عدد كبير منهم.
وبرر هؤلاء موقفهم بأن الشركة المسؤولة عن تطوير ماسبيرو، لم تنجح بشكل مقنع في إدارة القنوات المملوكة لها وتقديم محتوى جيد، حتى تستطيع أن تقنع أبناء التلفزيون الرسمي بأنها تمتلك خبرات وأدوات تمكّنها من إثبات جدارتها وانتشال القنوات الحكومية من أزماتها.
وتُتهم هذه الشركة (إعلام المصريين) بأنها كانت جزءا من غياب تأثير تلفزيون الدولة، حيث سحبت البساط من تحت أقدام قناة “النيل للرياضة” الرسمية لصالح فضائية “أون سبورت” الخاصة التي أصبحت تحتكر إذاعة مباريات كرة القدم المحلية.
ونقلت مصادر لـ”العرب”، وجود تذمر بين العاملين داخل ماسبيرو، جراء الاستعانة بوجوه إعلامية كانت تعمل في قنوات خاصة، قبل أن تستحوذ عليها أجهزة حكومية لتقديم البرامج الجديدة، ما يشكل عقبة أمام نجاح هؤلاء في المهمة الموكولة إليهم.
وضمت قائمة المذيعين، وائل الإبراشي، دينا عصمت، نهى توفيق، هبة جلال، جومانا بدوي، محمد الشاذلي، سحر ناجي، إلهام نمر، أحمد عبدالصمد، رغدة أبوليلة، حسام الدين حسين، هدير أبوزيد، دينا عبدالكريم، ناردين فرج، وتامر شلتوت، وينتمي أغلب هؤلاء إلى قنوات “دي.أم.سي”، و”تن”، و”إكسترا نيوز” و”أم.بي.سي- مصر”.
وما يلفت الانتباه أن الكثير من المذيعين الذين جرى التعاقد معهم للظهور على شاشات التلفزيون الرسمي هم من الفئات الشبابية، في محاولة تبدو متعمدة لإقناع الجمهور بأن ماسبيرو لم يصبه الوهن، وما زال قادرا على استعادة رونقه، ويُفهم أيضا من ذلك أن السياسة التحريرية الجديدة سوف تركز على مخاطبة فئة الشباب.
وقال حسن علي، رئيس جمعية حماية المشاهدين، لـ”العرب”، “إن وجود جبهة معارضة داخلية لما يجري داخل التلفزيون الرسمي، يشكل عقبة أمام نجاح التجربة، لأن تهميش أبناء ماسبيرو إلى هذه الدرجة، قد يتسبب في افتعال أزمات مستقبلية، لأن هناك شعورا بأن ما يحدث مقدمة للتصفية، وليس للتطوير”.
وأضاف علي، وهو أيضا أستاذ الإعلام بجامعة قناة السويس، أن الحكومة أخطأت عندما صنعت كيانا موازيا من القنوات الخاصة قبل تطوير التلفزيون الرسمي، واليوم تريد علاج التشوه الحاصل، لأنها أصبحت على قناعة بأنه لا يمكن استبدال الإعلام الخاص مكان الحكومي، حتى لو كان التوجه واحدا.
ويرى خبراء في مجال الإعلام، أن اقتصار التطوير داخل التلفزيون المصري على الاستعانة بوجوه إعلامية جديدة، لن ينتشل ماسبيرو من أزماته الطاحنة، طالما استمر وجود شخصيات غير مؤهلة في مناصب قيادية رغم إخفاقها في مهمة الإصلاح سابقا.
وأكد مصدر مطلع لـ”العرب” أن ملف تطوير ماسبيرو يدار بعيدا عن قياداته التقليدية، ولو بدأ الإصلاح بتغيير هؤلاء، فإن ذلك يحتاج وقتا طويلا، والحكومة أصبحت بحاجة ماسة إلى منبرها الرسمي لمخاطبة الشارع بشكل احترافي، كي تتفرغ القنوات الأخرى إلى التصدي للحرب الإعلامية القادمة من خارج الحدود.
وتأتي مخاوف الكثير من الخبراء، من أن تكون وراء تطوير ماسبيرو أهداف اقتصادية، تتعلق بتخفيض الخسائر عن طريق ضخ إعلانات جديدة في البرامج التي سوف يتم إطلاقها، بما يمكّن الحكومة من رفع يدها تدريجيا عن التلفزيون الرسمي، بحيث ينفق من موارده الذاتية، وإذا لم يتحقق ذلك، تكون لديها الحجة للتصفية، والإبقاء على القنوات التي تحقق أرباحا فقط.