مصر تلمس تحولا إيجابيا في تغطية الإعلام الأجنبي لشؤونها

أبدت الهيئة العامة للاستعلامات رضا عن تغطيات وسائل الإعلام الدولية للشؤون والأوضاع في مصر، والتي جاءت إيجابية في قسم كبير منها، بالتوازي مع رغبة في تحسين علاقات القاهرة مع المراسلين الأجانب والانفتاح عليهم.
القاهرة - تحولت الانتقادات التي درجت عليها الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لديوان الرئاسة في مصر، للإعلام الأجنبي إلى لغة إشادة وترحيب بما تنشره بعض وسائل الإعلام العربية والدولية، تجاه الأوضاع المصرية، خاصة في الملف الاقتصادي، ما ترك تساؤلات حول أبعاد هذا التحول، وما إذا كان نتيجة تحسن حقيقي في المعالجات بعد شكاوى عدة من صعوبة الوصول إلى المعلومات وبطء تصاريح العمل.
وأكد تقرير إحصائي أعلن عنه في القاهرة ويحمل عنوان “صورة مصر في وسائل الإعلام الدولية” أن الإعلام الأجنبي “تابع بشكل متواصل شؤون مصر الاقتصادية خلال شهر مايو، وأن التغيطات الإعلامية في مجملها كانت متوازنة وموضوعية.”
وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان إن وسائل إعلام دولية أشادت بقدرة الاقتصاد المصري على مواجهة وتجاوز الآثار السلبية الناجمة عن التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، بفضل مرونة الاقتصاد المصري وتنوع قطاعاته، وما تم إنجازه من إصلاح، قال عنه صندوق النقد الدولي إن نتائجه فاقت التوقعات.
ورصد التقرير نشر 266 مادة صحافية عن الاقتصاد المصري، بينها 237 مادة بنسبة 89 في المئة كانت مهنية، وأن 23 مادة بنسبة 9 في المئة اتخذت اتجاها إيجابيا، مقابل 6 مواد فقط كانت ذات طابع سلبي بنسبة لا تتجاوز 2 في المئة.
ويتفق خبراء الإعلام على أن توجه هيئة الاستعلامات مع الإعلام الأجنبي لا ينفصل عن تغير طرأ في أسلوب تعاملها مع المحتويات المنشورة في وسائل الإعلام الدولية خلال العامين الماضيين مع تهدئة وتيرة الانتقادات التي كانت توجه دائما للإعلام الأجنبي الذي أتخذ موقفا متشددا من القاهرة عقب الإطاحة بتنظيم الإخوان من السلطة.
واستمر تأثير جماعات الضغط التابعة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان فترة، قبل أن تتجه الحكومة المصرية نحو فتح مسارات تواصل مع الإعلام الأجنبي انعكس على بعض اللقاءات التي أجراها كبار المسؤولين مع مراسلي الصحف الأجنبية.
وركزت هيئة الاستعلامات على تقديم محتويات إيجابية عن المجال الاقتصادي، واستطاعت الحكومة تثبيت أسعار الجنيه مقابل الدولار مؤخرا بعد التوقيع على اتفاق مع صندوق النقد قامت بمقتضاه بتحرير سعر الجنيه، وتمكنها من جذب استثمارات أجنبية في ظل أجواء إقليمية مضطربة، تحيط بمصر من اتجاهات مختلفة.
ويقول مراقبون إن في حال قيام هيئة الاستعلامات بتركيز تقاريرها على الأوضاع السياسية والحقوقية في مصر، لا أحد يضمن أن تأتي رؤية وسائل الإعلام الأجنبية بنتيجة مشابهة في تناولها للشق الاقتصادي، فالمجالان السياسي والحقوقي تدور حولهما علامات استفهام كبيرة، تحتاج إلى إجابات مقنعة.
وبينما جاء الموقف من السياسة الخارجية جيدا، بدا التركيز كبيرا على مواقف مصر من الصراعات الدائرة في المنطقة، وهو ما كشفه تقرير صدر حول محتوى شهر مارس الماضي، ورصد نشر 1469 مادة متنوعة، في مقدمتها ملف السياسة الخارجية التي نالت اهتمام الإعلام الدولي بـ968 مادة إعلامية بنسبة 66 في المئة، ويليها الاقتصاد بنسبة 16 في المئة، ورصد تراجع الاتجاه السلبي تجاه النظر للدولة المصرية إلى أقل من 16 في المئة من المواد، بعضها نشره الإعلام الإسرائيلي.
وقال رئيس قطاع الأخبار بالتلفزيون المصري سابقا إبراهيم الصياد إن الاتجاه نحو تقديم تقارير رصد دقيقة لصورة مصر في الإعلام الأجنبي خطوة جيدة، ضمن وظائف هيئة الاستعلامات الأساسية، ومن المهم قياس بيئة عمل المراسلين الأجانب في مصر، وما إذا كانت التقارير المنشورة مبنية على تقديرات حقيقية أم لا.
نحو ألف مراسل صحافي أجنبي يقيمون في مصر، ويمثلون 45 دولة و210 مؤسسة إعلامية دولية
وأضاف لـ”العرب” أن الملاحظ في تقرير هيئة الاستعلامات التركيز على المواد الإعلامية التي ناقشت الشأن المصري بموضوعية، لأن بعض المواد الإيجابية يمكن أن تكون نتيجة علاقات عامة، والمحتويات السلبية قد تكون مبنية على رؤية سياسية، يمكن النظر إليها باعتبارها متجاوزة، والاستفادة من التقارير المهنية أمر مهم بما يضمن تقييم الوضع الراهن على مستويات سياسية واقتصادية، وأن أجهزة الدولة المختلفة يجب أن تبقى على صلة بما يتم نشره في وسائل الإعلام الأجنبية.
ولفت إلى أن تطور أداء هيئة الاستعلامات غير ملحوظ على مستوى المتلقي العادي في ما يتعلق بتواجد المراسلين ومواجهتهم صعوبات في عملهم ونتيجة الإجراءات الروتينية في تصاريح العمل، وحل مشكلات المراسلين ينعكس إيجابا على نوعية التقارير المنشورة في الإعلام الأجنبي، ومن الملاحظ وجود قنوات اتصال أكثر فاعلية حاليا، في حين لم يكن الإعلام الأجنبي حاضرا بقوة من قبل.
ويوجد في مصر نحو ألف مراسل صحافي أجنبي مقيم، يمثلون 45 دولة و210 مؤسسة إعلامية دولية، واستقبلت هيئة الاستعلامات العام الماضي 105 من الوفود الصحافية، شملت 800 ممثل عن وسائل الإعلام الأجنبية وشركات الإنتاج، ولم يتم خلال فترة المراجعة الدورية لمصر إبعاد أي مراسل أجنبي، ولم تُسجل شكاوى تتعلق بقيود على عملهم، ويقول رئيس هيئة الاستعلامات إن المراسلين يتمتعون بكامل الحرية في عملهم، ولم تقدم شكاوى منهم حول وجود قيود في عملهم بمصر.
ويشير خبراء إلى أن معاداة الإعلام الأجنبي ليست في صالح الحكومة المصرية التي هدفت إلى الفصل بين ما يتم نشره في وسائل إعلام دولية وأخرى ممولة من قبل تنظيم الإخوان عبر قنوات تبث من قطر وتركيا، وهناك رغبة في تحسين علاقات القاهرة مع المراسلين الأجانب بما لا يجعل هناك اتهامات موجهة إليها من جهات مختلفة، وحملات العلاقات العامة التي كان جرى الاعتماد عليها سابقا لم تحقق المرجو منها، والأكثر نجاعة هو تحسين العلاقة مع المراسلين الأجانب والانفتاح عليهم.
وبدت الهيئة العامة للاستعلامات تتقبل انتقادات موجهة لبعض تصورات مصر، وتسعى نحو بناء علاقات جيدة مع القنوات والصحف الدولية المؤثرة، ما يجعل تقارير أداء السلطات المصرية مقبولة ولا تخرج عن الإطار المهني، وعدم الدخول في عداء ثبت بالتجربة عدم تحقيقه لأي نتائج إيجابية، وفي الوقت ذاته هناك بوادر لإتاحة المعلومات بعد فترة من التعتيم الشديد، والرد بشكل أكثر سرعة على ما يتم تداوله من شائعات ومعلومات مغلوطة من جانب بعض وسائل الإعلام الأجنبية.
وأوضح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في لقاء سابق مع وسائل إعلام أجنبية، أن بلاده لا تستطيع أن تملي على الإعلام الأجنبي ما يقوله، لكن “علينا أن نقبله، ولا نفرض عليه ما يقول.. يجب أن نقبل كل شيء، ويمكن أن تكون لهم وجهة نظر، وهذا الأمر يحتاج إلى قوة دفع، فعلينا أن نحترم ذلك.”