استقالة لطفي زيتون تختبر تماسك حركة النهضة

رياح الاستقالات تعصف بحركة النهضة.. هل يأتي الدور على "مجموعة المئة".
الاثنين 2020/11/02
نزيف الاستقالات يعكس وجود أزمة داخل الحركة

تونس – تفتح استقالة وزير الشؤون المحلية والبيئة السابق في تونس  لطفي زيتون من المهام الموكلة إليه داخل حركة النهضة الإسلامية باب التساؤل عن مدى قدرة الحزب على الحفاظ على تماسكه لاسيما في ظل التصعيد المستمر بين الشق المناهض للتمديد لرئيسه راشد الغنوشي والشق الآخر الموالي له.

ويرى مراقبون أن هذه الاستقالة تختبر بجدية مدى تماسك الحركة، حيث يتعلق الأمر بقيادي بارز ومن جيل المؤسسين ما سيحفز على الأرجح شخصيات أخرى على الانسحاب في حال تمسك الغنوشي الذي يرأس البرلمان التونسي أيضا بالتمديد له رئيسا للحركة.

وأفادت إذاعة موزاييك المحلية والخاصة بأن لطفي زيتون الذي يوصف بأنه الرجل المعتدل داخل النهضة قد استقال من مجلس شورى الحركة ومن لجنة الإعداد المضموني لمؤتمر الحركة الحادي عشر. كما اعتذر زيتون، الذي كثيرا ما اختلف مع الغنوشي لاسيما عند تشبث الأخير بدعم رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد وقطع حبال الود مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، عن رئاسة المكتب السياسي لحركة النهضة الإسلامية، ما يثير تساؤلات كثيرة عن دلالات هذه الاستقالة وعما إذا كان سيعقبها انشقاق لما بات يُعرف إعلاميا بـ”مجموعة المئة” التي تُعارض التمديد للغنوشي في رئاسة الحزب.

وبالرغم من أن مصادر رجحت أن يكون زيتون يستعد لإطلاق مبادرة لوضع حد لحالة الاحتقان السياسي الذي تعرفه بلاده غير أن توقيت الاستقالة يؤشر أكثر على تأزم الأوضاع داخل حركة النهضة بسبب تشبث الغنوشي بالاستمرار في قيادة الحزب، وهو ما يخالف النظام الداخلي للحركة.

خليفة بن سالم: استقالة لطفي زيتون هي استقالة من الحجم الثقيل دون أدنى شك
خليفة بن سالم: استقالة لطفي زيتون هي استقالة من الحجم الثقيل دون أدنى شك

ونشر موقع “تونيزي تيليغراف” مساء السبت تقريرا يؤكد فيه أن زيتون، وهو مستشار سابق لدى الغنوشي، قد شرع منذ فترة في القيام باتصالات مع شخصيات تونسية فاعلة في العديد من المجالات، وذلك بعد اقتناع الرجل بعدم قدرة النخب السياسية، بما فيها النهضة، على تجاوز “الأزمة العميقة” التي تعيشها البلاد.

وقال المحلل السياسي التونسي خليفة بن سالم إن ’’استقالة لطفي زيتون تعد استقالة من الحجم الثقيل دون أدنى شك (..) لأن الرجل كانت تربطه علاقات قوية برئيس الحركة ويعتبر أحد صانعي سياسات النهضة ما بعد 2011 (..) كما أنه عُرف بالكثير من المواقف ذات الجرأة، وهو يدعو إلى تطبيع علاقات حركة النهضة ببقية مكونات المشهد السياسي وخاصة في فترة حكم نداء تونس‘‘.

وأضاف بن سالم في تصريح لـ”العرب”، ’’كما أن زيتون كان دائما يدعو إلى التوافق مع رجالات النظام القديم‘‘ مؤكدا أن هذه الاستقالة ’’تدخل في إطار الاحتراب والسجالات الداخلية التي تعرفها النهضة منذ مدة بسبب مؤتمرها الحادي عشر وحول مستقبل العمل السياسي للحركة‘‘.

ويرى مراقبون أن الأيام المقبلة ستكشف عن مدى تأزم الأوضاع داخل النهضة لاسيما أنه من المقرر أن يتم خلالها الإعلان عن ترحيل مؤتمر الحركة للمرة الثانية هذا العام، وهو ما سيقابله حتما تصعيد من قبل “مجموعة المئة”.

ولا يستبعد هؤلاء أن تتجه هذه المجموعة نحو الانسحاب من الحركة احتجاجا على السياسات التي يتوخاها رئيسها الذي يتمسك بالتمديد له في عهدته.

وفي هذا الصدد، قال خليفة بن سالم إن ’’الأيام المقبلة ستكشف عن المسارات التي ستذهب فيها حركة النهضة، خاصة أن كل المؤشرات تؤكد أن المؤتمر سيُرجأ مرة أخرى للعام المقبل مع استمرار ضبابية في تحديد الآجال الزمنية لهذا المؤتمر‘‘.

وأضاف بن سالم ’’إذا لم تنجح الحركة في تطويق هذه الأزمة ربما ستأتي استقالات أخرى، خاصة أن المسار العام يدفع نحو تأجيل المؤتمر في ظل عدم التوصل إلى توافقات بشأنه والتعلل بالوضع العام في البلاد (الأزمة الصحية)‘‘.

وتأتي هذه الاستقالة في وقت يدفع فيه الصقور داخل حركة النهضة الإسلامية، وهم من مؤيدي بقاء الغنوشي رئيسا للحركة، بمبادرات تستهدف ربح المزيد من الوقت في مواجهة ضغوط مجموعة المئة.

وأحدث هذه المبادرات دفع بها القياديان رفيق عبدالسلام وعبدالكريم الهاروني، وتدعو إلى تأجيل المؤتمر من أجل فسح المجال للتوصل إلى توافقات بشأن مضمون هذا المؤتمر وحسم مسألة التمديد للغنوشي من عدمها وهي محسومة قانونيا داخل الحركة حسب الفصل الـ31 من النظام الداخلي للحزب.

وواجهت “مجموعة المئة” هذه المبادرة بتصعيد لافت حيث رفضتها جل القيادات داخل هذه المجموعة ما يشير إلى أن الأزمة داخل النهضة تتصاعد وقد تؤدي إلى انسحاب قيادات وازنة على غرار سمير ديلو ومحمد بن سالم.

وقال محمد بن سالم في تصريح لـ”العرب” في وقت سابق إن ’’هذه المبادرة هي ضحك على الذقون‘‘ مشيرا إلى أن على قيادات النهضة الاختيار إما أن تكون حركة ديمقراطية وإما حركة فيها ولي الفقيه وغيره.

4