ردود فعل تونسية غاضبة تُنذر بأزمة دبلوماسية مع تركيا

قيس سعيد ردا على أردوغان: لسنا إيالة أو ننتظر فرمانا من أحد.
الخميس 2022/04/07
تدخل سافر من أردوغان في الشأن التونسي

أشارت ردود الفعل التونسية الغاضبة من تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول حل البرلمان إلى أن العلاقات بين أنقرة وتونس باتت مهددة بأزمة، لكنّ أوساطا سياسية تونسية ومراقبين قالوا إن منع ذلك يتوقف على الجانب التركي الذي يتوجس من سقوط حليفته حركة النهضة الإسلامية.

تونس - دخلت العلاقات التونسية – التركية ليل الثلاثاء – الأربعاء منعرجا حاسما بعد تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن حل البرلمان التونسي اعتبرتها تونس تدخلا سافرا في شؤونها.

واستدعت تونس السفير التركي واحتجت على ما ورد على لسان أردوغان، قبل أن يجري وزير خارجيتها عثمان الجرندي اتصالا هاتفيا مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو لتبليغه احتجاج بلاده.

ثم خرج الرئيس قيس سعيد خلال إحياء الذكرى الثانية والعشرين لرحيل الزعيم الحبيب بورقيبة، أول رؤساء الجمهورية التونسية، من محافظة المنستير ليرد على أردوغان قائلا “تونس ليست إيالة، ولا ننتظر فرمانا من أي جهة كانت، سيادتنا وكرامتنا قبل أي اعتبار“.

محسن النابتي: فرضية تصاعد الأزمة بين تونس وتركيا واردة جدا

واعتبرت أوساط سياسية تونسية أن العلاقات التونسية – التركية لم تنزلق بعد في أتون أزمة، لكن منع ذلك يقف على تصرفات أنقرة التي يبدو أنها ترى أنها قد تخسر نفوذها جراء انهيار حركة النهضة الإسلامية بقيادة راشد الغنوشي.

لكن تلك الأوساط نبهت من أن تونس بإمكانها استغلال الأزمة لتحقيق مكاسب لها على غرار مراجعة ولم لا حتى إلغاء اتفاقية التجارة الحرة التي تجمعها بتركيا مع الحذر من ردة فعل تركية، خاصة في ظل موطئ القدم التي نجحت أنقرة في ترسيخها غربي ليبيا على الحدود مع تونس بعد استنجاد حكومة الوفاق السابقة برئاسة فايز السراج بها في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وقال المتحدث باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي إن “النظام التركي مخير الآن في علاقته بتونس بين احترام حسن الجوار والعلاقات الطيبة وإما المواجهة وسيخسر خاصة بعد الخسائر التي مني بها في مواجهاته السابقة مع أقطار عربية أخرى مثل مصر ودول الخليج”.

وتابع النابتي في تصريح لـ“العرب” أن “تونس خسرت بما فيه الكفاية مع الأتراك في ما يخص اتفاقية الشراكة، وتقريبا ثاني رقم في عجز الميزان التجاري هو مع تركيا، الصناعات المحلية تم تدميرها جراء هذه الاتفاقية ومع ذلك مازال أردوغان يحشر أنفه في شأننا الداخلي، النظام التركي كان يراهن على عودة النهضة للحكم”.

وأوضح أن “التهدئة الآن تتوقف على الجانب التركي، تونس ليست ساعية ولم تسع يوما للتصعيد، فقط هي تريد احترام سيادتها الوطنية وقرارها الوطني، ماهو معروف عن النظام التركي، رغم خساراته في السياسات الهجومية ضد الدول العربية، أنه نظام هيمن على الأقطار العربية وبالتالي فرضية تصاعد الأزمة بين تركيا وتونس واردة جدا خاصة أن بفقدان الإخوان في تونس فقد هذا النظام آخر معاقله، المطلوب وقتها من تونس التحسب لكل الاحتمالات وأولها السياسي أي أن تذهب تونس حد طرد السفير التركي وتعليق العمل باتفاقية التجارة، لكن على المستوى الأهم هو الانتباه الأمني باعتبار وجود الأتراك في غرب ليبيا”.

ويرى مراقبون أن التصريحات التركية، التي لم تقتصر على أردوغان حيث علق رئيس البرلمان مصطفى شنطوب وحزب العدالة والتنمية على قرار الرئيس سعيد حل البرلمان في مارس الماضي، فرصة للجم التدخل السياسي التركي في الشأن التونسي.

رياض الصيداوي: على تونس لجم تدخل تركيا، ومراجعة الاتفاقيات معها

وأردوغان هو حليف قوي لحركة النهضة الإسلامية برئاسة الغنوشي الذي ما فتئت تحركاته ولقاءاته مع الرئيس التركي تثير جدلا في تونس، خاصة وأنه بدا وكأنه بصدد خلق دبلوماسية موازية.

وقال مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجنيف رياض الصيداوي إن “آخر من يمكن أن يعطي دروسا في الأخلاق السياسية هو أردوغان، إذا كان بيتك من زجاج فلا تقذف بيوت الناس بالحجر، أردوغان قام بعزل وسجن وطرد أكثر من 120 ألف موظف وأستاذ جامعي وصحافي وضابط في الجيش وقام بتطهير كامل داخل الدولة بتهمة العمالة لفتح الله غولن وغير نظام الحكم على مقاسه وهو يد حلف الناتو في العالم العربي”.

وشدد الصيداوي في تصريح لـ“العرب” “على  تونس أن تكون صارمة في ردها على تركيا.. هذه فرصة لتلجم التدخل التركي السافر في تونس ومراجعة كل الاتفاقيات التجارية معها”.

وأضاف “من الناحية الاقتصادية ماذا ربحنا من العلاقات الاقتصادية مع تركيا، الميزان التجاري لصالح تركيا، ثاني شيء تركيا منافس لتونس في كل القطاعات، هي بلد منافس لنا وليست مكملا لنا وضربت قطاع النسيج في الصميم، محلات كاملة لا توجد فيها إلا بضائع النسيج التركي وضربت قطاعات أخرى بعد أن وجدت عملاء لها على رأس حركة النهضة”.

وتشهد تونس مسارا سياسيا انتقاليا دشنه الرئيس سعيد عندما جمد عمل البرلمان المنحل واختصاصاته في يوليو الماضي. ومن المرتقب أن تنتهي هذه المرحلة الاستثنائية بانتخابات برلمانية سابقة لأوانها ستنظم في السابع عشر من ديسمبر المقبل.

اقرأ أيضا: انتخابات على الأفراد في تونس وليس على القوائم

4