اللواء المحجوب لـ"العرب": وقف رواتب الجيش انتهاك لاتفاق جنيف

أحيا عدم صرف حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة رواتب منتسبي الجيش الليبي الخلافات بين الطرفين في خطوة تنذر بانهيار المسار العسكري والتقارب المسجل مؤخرا بين القيادات العسكرية من الشرق والغرب.
تونس - أخذت الأزمة الليبية ليل الثلاثاء بعدا آخر بعد أن تحرك ممثلو الجيش الوطني في اللجنة المشتركة 5+5 إثر رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة صرف رواتب منتسبي الجيش منذ ثلاثة أشهر.
وحذر ممثلو الجيش في بيان صدر في وقت متأخر من ليل الثلاثاء من أن ذلك سيقود إلى انهيار المسار العسكري والعودة إلى مربع الفوضى.
ودعا البيان بعثة الأمم المتحدة للدعم والشعب الليبي إلى أن يكون لهما موقف واضح إزاء ما وصفه بالتصرفات غير المسؤولة لحكومة الدبيبة، وفق صفحة آمر التوجيه المعنوي بقوات القيادة العامة اللواء خالد المحجوب على فيسبوك.
وحمّلت اللجنة العسكرية حكومة الدبيبة مسؤولية وعواقب تأخر صرف رواتب الجيش الليبي منذ ثلاثة أشهر، محذرة من “انهيار المسار العسكري والعودة إلى مربع الفوضى والانقسام وعدم الاستقرار”.

وقال المحجوب إن “القيادة العامة للجيش تنتظر رد بعثة الأمم المتحدة التي ننتظر منها أن تتخذ إجراءات بالدرجة الأولى وليس مجرد رد على الأزمة المفتعلة لأنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها وقف صرف رواتب الجيش”.
وتابع المحجوب في اتصال هاتفي مع “العرب” أن “وقف رواتب جنود الجيش هو انتهاك لاتفاقية جنيف التي باركها المجتمع الدولي، ومع ذلك نحن ملتزمون بضبط النفس وما نؤكد عليه أنه أمامنا الكثير من الحلول، من بينها أننا ننتظر تسلم الحكومة الشرعية لمقاليد الحكم”.
وتعمّد حكومة الدبيبة استفزاز الجيش من خلال وقف صرف رواتب منتسبيه ليس وليد اللحظة، حيث سبق وأن جمّدت صرف رواتب القوات المسلحة لأكثر من أربعة أشهر، وجرت الكثير من الوساطات لصرفها إلا أنها عادت إلى قرارها مرة أخرى منذ ثلاثة أشهر.
وسبق أن أعلن الدبيبة في العديد من المناسبات عن رفضه لاعتماد ميزانية الجيش الليبي وصرف رواتب قواته، في الوقت الذي أكدت فيه القيادة العامة للجيش الليبي احترامها لقرار مجلس النواب الليبي الجهة التشريعية بتكليف حكومة فتحي باشاغا لإدارة البلاد.
وأضافت اللجنة في بيانها أنها “تحافظ على ثبات واستمرار وقف إطلاق النار لضمان الاستقرار في البلاد، وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وقيام اللجنة بإعادة فتح الطريق الساحلي، والمساهمة في فتح المطارات وتسيير الرحلات الجوية بين شرق البلاد وغربها وجنوبها”.
ونوهت بأن حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها تقوم بإغلاق المجال الجوي بين غرب البلاد وشرقها لأسباب سياسية، الأمر الذي يزيد من معاناة المواطن الليبي، كما تقوم بتجميد صرف رواتب منتسبي القوات المسلحة منذ ثلاثة أشهر، رغم حلول شهر رمضان المبارك.
ويسود تخوف من التداعيات المحتملة لخطوات الدبيبة باستفزاز الجيش خاصة بعد أجواء التفاهم التي سادت بين المنطقتين الشرقية والغربية على الصعيد العسكري، حيث سبق أن أجرى قائد الجيش بالنيابة وقتها الفريق عبدالرزاق الناظوري لقاء مع رئيس الأركان بحكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد في مدينة سرت.
وقال المحجوب إنه “في ظل تزمّت الحكومة وعدم مغادرتها وتركها السلطة للشرعية من الصعب الحديث عن المواضيع المتعلقة بالمفاوضات، هناك مسؤوليات كبيرة، ننتظر أن تستلم الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا التي تمثل الشرعية الآن في ليبيا ثم لكل حادث حديث”.
وأوضح “بدل أن يسلم الدبيبة السلطة للحكومة الشرعية ويتركها تعمل يصر على التمسك بكرسي الحكومة، للأسف هذه الحكومة منذ مجيئها وهي تحارب الجيش لأسباب تصب في مصلحته لأغراض سياسية”.

وفي خطوة تعكس استشعاره لخطورة الموقف الذي يتزامن مع استمرار المأزق السياسي في ظل رفض الدبيبة تسليم السلطة للحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، تحرك رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي حيث شدد خلال لقاء أجراه الثلاثاء مع وزير المالية بحكومة الوحدة الوطنية على ضرورة الإسراع في صرف رواتب منتسبي الجيش الليبي قبل حلول شهر رمضان.
وتُحمل أوساط سياسية ليبية الدبيبة مسؤولية الأزمة الراهنة مع الجيش خاصة في ظل الازدواجية التي يعتمدها في التعامل مع بقية الأطراف المشكّلة للمأزق الليبي.
وقال عضو ملتقى الحوار السياسي أحمد الشركسي إن “اللجنة المشتركة عندما شكلت كانت الطريق مغلقة بين الشرق والغرب، وكان هناك انقسام مؤسساتي، الدبيبة بدل الذهاب نحو الانتخابات شارك مع آخرين في تأزيم المشهد، بعد تاريخ الرابع والعشرين من ديسمبر قام لوحده بإغلاق الأجواء وأعادنا إلى مربع الصفر وخلق أزمات حتى داخل اللجنة المشتركة".
وأردف الشركسي في تصريح لـ”العرب” أن “ما تشهده ليبيا اليوم هي تراكمات من الأخطاء وكم هائل من الفساد والأزمات ستذهب بليبيا إلى حرب قادمة، نرجو أن ينسحب من المشهد التنفيذي باعتبار أنه وحكومته المسؤولان الوحيدان عن تأزيم المشهد في البلاد. لو هناك طريقة للتعامل مع الجيش والميليشيات في طرابلس توازيها نفس العملية مع الناس الذين في الشرق سنوافق، لكن هناك حوالي مليار صُرف للميليشيات القريبة من وزارة الداخلية وفي المقابل الناس الذين في الشرق سيكون لهم ردة فعل عنيفة لأنهم يرون الأموال تسيل في طرابلس وتمنع عنهم”.