تونس تفتح سباق الاستثمارات الأجنبية في الطاقة البديلة

دخلت تونس في تنفيذ مخططها الشمسي لإنتاج الطاقة الكهربائية عبر إبرام حزمة من الاتفاقيات مع عدة شركات أجنبية أغلبها من أوروبا، وذلك بهدف الاستثمار في الطاقة البديلة، والتعويض عن النقص الحاصل لديها في مجال الطاقة، والمساهمة في الحد من الاحتباس الحراري، وتحريك عجلة النمو الاقتصادي الذي يعاني من أزمة حقيقية منذ خمس سنوات.
الثلاثاء 2016/07/26
طاقة المستقبل

انطلقت تونس بقوة نحو بلورة خططها في مجال الطاقة النظيفة عبر التوقيع مؤخرا على اتفاقيات مع مجموعة من الشركات الأجنبية للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة.

وصادق البرلمان في منتصف الشهر الجاري على كل النصوص الترتيبية المتعلقة بضبط شروط وإجراءات إنجاز مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة، ما يعني أن هذه الشركات ستشرع في غضون أشهر في تنفيذ مشاريعها.

وبات الاستثمار في القطاع مفتوحا على مصراعيه أمام كل المستثمرين سواء في القطاع الخاص أو التابع منه للدولة، حيث يخضع الاستثمار في الطاقات البديلة إلى ترخيص إذا كان حجم الإنتاج محدودا، أما إذا كان حجم الإنتاج ضخما فإنه سيخضع إلى مناقصات.

وتستهدف تونس إنتاج ما يزيد عن 16 غيغاواط من الطاقة البديلة والنظيفة بحلول العام 2030، لمواجهة النقص الحاصل في الطاقة الكهربائية.

وقال منجي مرزوق، وزير الطاقة والمناجم التونسي خلال مؤتمر صحافي في وقت سابق، إن “حجم الإنتاج من الطاقة البديلة لا يزيد حاليا عن 4 بالمئة من حاجيات البلاد، أي ما يعادل 148 ميغاواط فقط”.

ولم تكشف السلطات التونسية بشكل دقيق عن حجم الصفقات التي تم إبرامها مع الشركات الأجنبية، لكن مرزوق أكد أن مخطط الطاقة البديلة في بلاده وبرامجه المستقبلية يتطلبان استثمارات تقدر بقيمة 7 مليارات دولار.

ويعتبر توجه تونس نحو إنتاج الطاقة البديلة توجها استراتيجيا لا سيما وأن عجز البلاد من الطاقة يشهد اتساعا، إذ ارتفعت واردات الطاقة منذ 2011 بـ45 بالمئة، مع انخفاض في معدل إنتاجها، الذي من التوقع أن يصل إلى ما دون 15 بالمئة في أفق 2030.

41 بالمئة النسبة التي تستهدفها تونس لخفض انبعاث الغازات الدفيئة بحلول سنة 2030

وكان المنصف الهرابي، مدير عام الشركة التونسية للكهرباء والغاز والطاقات المتجددة “الستاغ”، قد كشف الشهر الماضي أن أكثر من 35 شركة، أغلبها من فرنسا وبلجيكا وأسبانيا وألمانيا، ستبدأ في مشاريع للطاقة البديلة في تونس في غضون أشهر.

وأوضح في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء على هامش ندوة نظمتها جمعية التغيرات المناخية والتنمية المستدامة في تونس حول الطاقات المتجددة حينها، أن هذه المشاريع تشمل 20 مشروعا في الطاقة الشمسية و15 مشروعا في طاقة الرياح.

وأشار إلى أن الستاغ للطاقات المتجددة، قد قامت بإعداد دراسات جدوى في إطار عقود لمصلحة هذه الشركات منذ مايو 2015 تاريخ صدور قانون الطاقات المتجددة الذي سمح بإنجاز مشاريع لإنتاج الطاقة المتجددة وبيعها حصريا إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز. كما مكنت الدراسات من تحديد مواقع تنفيذ استثمارات في الطاقة الشمسية والهوائية بكامل جهات البلاد وخاصة منها ولايات القصرين وتطاوين ومدنين وقابس وولايات أخرى.

ويتوقع أن تشرع الشركات الأجنبية في مشاريع الطاقة البديلة بعد حصولها على موافقة من وزارة الطاقة والمناجم بشأن الاستثمار في هذا القطاع.

ويشترط القانون ألا تتجاوز قدرة إنتاج المشروع الواحد 10 ميغاواط في الطاقة الشمسية و30 ميغاواط في إنتاج الطاقة الهوائية، فضلا عن ضرورة اعتماد نسبة عالية من الإدماج الصناعي وذلك بتشريك الصناعات المحلية في إنجاز المشاريع.

الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة مع شركات أجنبية تشمل 20 مشروعا في الطاقة الشمسية و15 في طاقة الرياح

وسيكون على الشركات المستثمرة إبرام عقود تجارية تمكنها من تزويد الشركة التونسية للكهرباء والغاز بإنتاجها، وهو ما سيساعد الشركة المملوكة للدولة في تعبئة موارد مالية إضافية.

وقال عبدالسلام الحازي، مدير عام الطاقات المتجددة في وكالة التحكم في الطاقة التونسية، إن “الهدف يتمثل في الرفع حصة إنتاج الطاقات المتجددة إلى نسبة تتراوح بين 12 و14 بالمئة في إطار برنامج تنفيذي يستمر من 2016 إلى 2020، مقابل 3 بالمئة حاليا”.

لكن هذه المشاريع تصطدم بتعنّت البيروقراطية التي تعطل الاستثمار في هذا المجال. ويقول النائب البرلماني الصحبي بن فرج، إن ضعف الاستثمار في الطاقات المتجددة يرجع بالأساس إلى مشكلات إدارية لأن الإدارة لم تستوعب إلى حد الآن أهمية هذا القطاع الاستراتيجي.

واعتبر أن ضعف التشريعات أسهم بدوره في عدم استفادة تونس من هذا القطاع الحيوي، مشيرا إلى أن المعارضة ستتحرك بحلول العام 2017 لتقديم مبادرات تشريعية للاستثمار في الطاقات المتجددة.

وكانت الحكومة قد طلبت من المانحين الدوليين اعتمادات بقيمة 18 مليار دولار بهدف مساعدتها على التقليص من نسبة الغازات الملوثة للبيئة إلى حدود 28 بالمئة مع التزامها بخفض نسبة 13 بالمئة المتبقية.

وتتجاوز مجمل الاستثمارات التي وضعتها الحكومة في البرنامج المتعلق باستخدام الطاقات البديلة خلال المخطط الجديد 2016-2020 بأكثر من 1.6 مليار دولار لإنتاج 222 ميغاواط من الطاقة الشمسية و162 ميغاواط من الطاقة الحيوية.

والجدير بالإشارة إلى أن تونس تتطلع إلى خفض نسبة انبعاث الغازات الدفيئة لتصل إلى 41 بالمئة في أفق العام 2030، وذلك بالتعاون مع الأمم المتحدة.

10