البورصة التونسية تستعد لاستقبال أول إدراج لناد رياضي

الخطوة تأتي في وقت تواجه فيه الأندية التونسية صعوبات مالية متزايدة بسبب ضعف الدعم العمومي وتراجع الموارد.
الخميس 2025/06/26
خيار إستراتيجي لتنويع مصادر التمويل

تونس - تستعد البورصة التونسية لاستقبال أول إدراج لشركة تملك ناديا رياضيا، في سابقة من نوعها في القطاع تعد استجابة مبتكرة لمواجهات التحديات، وذلك بعد موافقة الجهات التنظيمية على الخطوة التي تم الكشف عنها في أواخر 2024.

وذكر مجلس إدارة بورصة تونس للأوراق المالية في بيان أورده في حسابه على فيسبوك مساء الثلاثاء موافقته من “حيث المبدأ لقبول أسهم شركة الترجي القابضة في السوق الرئيسية لسوق الأسهم.”

وتأسست الترجي القابضة في يناير 2022 خلال الجمعية العامة العادية للنادي بهدف تنظيم هيكلي للنشاط الاقتصادي للترجي الرياضي التونسي، الذي حوّل 99 في المئة من أصوله لهذه الشركة وتهيئته لدخول البورصة.

كما يتضمن ذلك تجميع الأنشطة التجارية والاستثمارية المرتبطة بالنادي، مثل فندق الترجي، وسلسلة متاجر الترجي ستور، وخدمة الترجي موبايل، لتشكل كيانًا اقتصاديًا مستقلاً عن الجانب الرياضي، لكنه مملوك بالكامل للنادي.

وفي ديسمبر الماضي، أودعت الشركة ملف إدراجها في البورصة لدى هيئة السوق المالية عبر الوسيط ماك سا، الذي يديرها منذ عام 2021، لفتح رأس المال للاكتتاب العام وتمكين الجماهير والمستثمرين من المساهمة في تمويل مشاريع النادي عبر السوق المالية.

ومن المتوقع طرح 30 في المئة من رأسمالها للعموم، في إطار خطة لزيادة رأس المال وتمويل استثمارات مستقبلية تشمل تطوير البنية التحتية وتوسيع الأنشطة التجارية وتحقيق استقلال مالي للنادي الرياضي.

ورغم أنها لم تحقق إيرادات في عامي 2023 و2024 نظرًا إلى حداثة تأسيسها، إلا أن شركاتها التابعة حققت أداءً ملحوظًا. ووفقًا لبعض التقديرات تبلغ الإيرادات السنوية قرابة 10 ملايين دينار.

ولتحقيق طموحاتها، أجرت الشركة القابضة زيادة في رأس مالها قدرها 90 مليون دينار (29.54 مليون دولار)، ثلثها سيكون متاحا للاكتتاب العام. وستُستخدم هذه الأموال لتنفيذ مشاريع إستراتيجية جديدة.

ومن المتوقع أن توجه أموال الإدراج إلى ثلاثة مشاريع رئيسية، بما في ذلك متحف الترجي الرياضي في تونس، ومجمع الترجي المائي الحديث، وترجي لاند، وهو منتزه ترفيهي وفضاء عائلي مصمم لتقديم تجربة فريدة للجماهير والعائلات.

وتأتي الخطوة في وقت تواجه فيه الأندية التونسية صعوبات مالية متزايدة بسبب ضعف الدعم العمومي وتراجع الموارد، ما يجعل من ولوج السوق المالية خيارًا إستراتيجيًا لتنويع مصادر التمويل وضمان الاستمرارية.

ويعكس هذا الاتجاه الذي لا يزال يشق طريقه بصعوبة في المنطقة العربية أهمية الاستثمار للأندية الرياضية لتوفير السيولة والتمويلات اللازمة لاستدامة أنشطتها، إلى جانب الدعم المقدم من المشرفين عليها أو الشركات والصناديق التي تنضوي تحتها.

وكانت غزل المحلة للغزل والنسيج، أول شركة عربية تملك ناديا رياضيا متعدد الاختصاصات، بما في ذلك كرة القدم هو غزل المحلة الذي ينشط في الدوري الممتاز، يتم إدراجها في البورصة المصرية برأسمال طُرح في عام 2021.

30

في المئة من أسهم رأس مال شركة الترجي القابضة البالغ 29.54 مليون دولار سيتم طرحها للتداول

وفي ديسمبر 2020 تم إدراج شركة بالمز الرياضية متخصصة في جوجيتسو وفنون قتالية في سوق أبوظبي للأوراق المالية، وهي من الشركات الرياضية القليلة المدرجة في منطقة الخليج.

وقبل أيام تم طرح شركة الأندية للرياضة السعودية المتخصصة في اللياقة البدنية في بورصة تداول عقب موافقة مجلس هيئة السوق المالية في مارس الماضي بإدراج 34.32 مليون سهم للاكتتاب العام في السوق الرئيسي تاسي.

وبالإضافة إلى الجانب المالي، يمثل الإدراج فرصة لترسيخ الحوكمة والشفافية، إذ يُلزم القانون الشركات المدرجة بنشر تقارير مالية دورية والخضوع لرقابة صارمة من هيئة السوق والبورصة.

وتُظهر المؤشرات الأولية أن الترجي القابضة استوفت جزءًا كبيرًا من الشروط المطلوبة، مثل تدقيق القوائم المالية، وتحويل الأصول إلى الكيان القابض، وتقديم تقييم مستقل لقيمة الشركة.

كما أن طرح جزء من الأسهم للاكتتاب يتماشى مع شروط السوق البديلة، حيث لا يُشترط تحقيق أرباح سابقة في حال كان الإدراج مصحوبًا بزيادة في رأس المال.

ورغم ظروف الأندية الرياضية ووضعية القطاع بشكل عام في تونس، لكن من المتوقع أن يشجع هذا النموذج أندية أخرى على إعادة هيكلة نشاطها التجاري والاستثماري لمواكبة التحديات الجديدة لعالم الرياضة.

وسيتعين على الترجي القابضة إثبات قدرتها على التوفيق بين الطابع الربحي للشركة والرسالة الاجتماعية والرياضية للنادي، خاصة في ظل التوقعات العالية من الجماهير التي ستشارك في تمويل المشروع.

ومع ذلك يبقى إدراجها خطوة إستراتيجية تفتح المجال أمام تحول جذري في اقتصاديات الرياضة التونسية، من خلال ربط الاستثمار بالشغف الجماهيري، ضمن إطار قانوني وتنظيمي يفرض الشفافية والمحاسبة.

وإذا ما تم تنفيذ المشروع بنجاح، فإنه قد يمثل نقطة انطلاق نحو عصر جديد من التسيير الرياضي القائم على مبادئ السوق والاستثمار المستدام.

وكان المدير العام للبورصة بلال سحنون قد ذكر في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق في مايو الماضي أن سوق الأسهم لا تزال صغيرة، حيث لا تتداول سوى 74 شركة برأس مال يبلغ نحو 10 مليارات دولار، وهو ما يقل عن 20 في المئة من الناتج الإجمالي السنوي للبلاد.

10