الخلافات داخل حكومة الدبيبة تُنذر بعودة الانقسام الأمني في ليبيا

مديريات الأمن في الشرق تعلن تبعيتها لوكيل في وزارة الداخلية.
السبت 2021/10/30
الخلاف السياسي يمتد إلى المؤسسة الأمنية

تونس - أحيا التصعيد المستمر داخل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في ليبيا بين رئيسها عبدالحميد الدبيبة وعدد من أعضائها المخاوف من عودة الانقسام الأمني بين شرق ليبيا وغربها على غرار ما كان سائدا خلال فترة حكومة الوفاق سابقا برئاسة فايز السراج.

وأخذت الخلافات داخل الحكومة تتصاعد في الأيام الماضية حول الصلاحيات وحقوق الأقاليم، حيث شن وكيل وزارة الداخلية فرج اقعيم هجوما حادا على الدبيبة الجمعة بعد ساعات من إعلان مديريات الأمن في المنطقة الشرقية التي تشكل إقليم برقة تبعيتها لاقعيم فقط في مواجهته مع رئيس الحكومة.

وتوجه اقعيم بالحديث إلى الدبيبة قائلا “دعك من التهديدات الزائفة، لقد كنت لاجئا في 2015، أما نحن فرجال حرب وسلام. إذا كنت فعليا رئيس حكومة فأنا جزء من هذه الحكومة وأحترمك، أما إذا كنت تريد التقسيم والحرب وتركيع أهالي برقة والجنوب فأنا سأوقفك”.

وأضاف في تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية “نحن نمد أيدينا للجميع لكن عليك أن تتوقف عند حدودك وأن تحترمنا ويبدو أنك لا تفهم الأمثال الليبية، ولذا تراجع وإلا سيخرجون عليك بالملايين، سيخرجون ضدك”.

محمد العباني: قبائل وشخصيات ستتدخل بوساطات تنهي الخلافات

وجاء تصعيد اقعيم بعد ساعات من إعلان مدراء مديريات الأمن في المنطقة الشرقية تبعيتهم إلى وكيل وزارة الداخلية فقط في خطوة بدت مثيرة في توقيتها حيث يتفاقم غضب المنطقة إزاء سياسات حكومة الدبيبة ما يهدد بقطيعة نهائية بين الطرفين.

وقال هؤلاء في كلمة مصورة بحضور اقعيم إن “جميع مديريات المنطقة الشرقية وكل مكونات وزارة الداخلية تتبع وكيل وزارة الداخلية الرائد فرج اقعيم فقط، ولن يتم أي تغيير إداري إلا عن طريقه”.

واقعيم هو مؤسس قوة المهام الخاصة في بنغازي في العام 2015 ويتحدر من أبرز قبائل الشرق الليبي وهي قبيلة العواقير.

وتثير الخلافات المتفاقمة داخل حكومة الدبيبة مخاوف جدية من عودة الانقسام الأمني إلى ليبيا في الوقت الذي تتأهب فيه البلاد للذهاب في انتخابات عامة من المقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.

وقال عضو مجلس النواب الليبي (البرلمان) علي التكبالي إن “التصعيد داخل الحكومة يهدد بحدوث انقسام أمني لأن الدبيبة لم يفهم أن ما يقوم به سيمزق ليبيا، لأنه منذ البداية بدل أن يحتوي كل المناطق بدأ يتحدث عن منطقة شرقية ومنطقة غربية ولم يسيطر على الجهات كما فعل الأقدمون (…) وبدل أن يستخدم لغة لطيفة لاستمالة الناس بدأ يتحدث بالمال لجلب الأنصار”.

وأضاف التكبالي في اتصال هاتفي مع “العرب” أن “الدبيبة يتصرف كحاكم لجزء من الدولة وليس لكل الدولة، لقد حارب الجيش منذ البداية وهو يتحدث عن 80 ألف جندي بأهلهم وناسهم وكل من يؤيد الجيش وبذلك كسب الأعداء عوض الأصدقاء، عليه أن يراجع نفسه الآن”.

وفي المقابل تُخفف أوساط سياسية ليبية أخرى من خطورة التصعيد بين وكيل وزارة الداخلية ورئيس حكومة الوحدة الوطنية بالرغم من أن ذلك يعيد إلى الأذهان ما كان سائدا خلال فترة تولي فايز السراج رئاسة حكومة الوفاق والانقسام الأمني والعسكري الذي عرفته البلاد في تلك الفترة (2016 - 2021).

ووصف عضو البرلمان الليبي محمد العباني التوتر القائم بين الدبيبة واقعيم بالزوبعة في فنجان، قائلا إنها “سريعا ما ستمر، ستتدخل بعض القبائل بوساطات رفقة شخصيات أخرى وستتمكن من إرضاء كل الجهات لأنه لا مصلحة لأحد في التصعيد خاصة وأن استحقاقات الانتخابات بدأت تلوح في الأفق، يوم الرابع والعشرين قريب جدا من الليبيين”.

علي التكبالي: التصعيد داخل الحكومة يهدد بانقسام أمني والدبيبة يتحمل المسؤولية

وأوضح العباني لـ”العرب” أن “هناك عدة أشياء تحدث يوميا فجرت التصعيد خاصة ما تشعر به بعض المناطق من تهميش وعدم تلقي الخدمات الكافية لمواطنيها لأن حكومة الدبيبة التي سماها بحكومة الوحدة الوطنية هي حكومة محاصصة بين الأقاليم التي ترى أن من حقها تلقي خدمات معينة ووجود جهاز إداري فيها”. 

وكان فتح الطريق الساحلي الذي يربط شرق البلاد بغربها في وقت سابق قد بعث برسائل إيجابية إلى الليبيين والمجتمع الدولي على حد سواء بشأن إنهاء سنوات الانقسام، لكن لم يتم بعد ذلك إحراز المزيد من الخطوات لتعزيز تلك الإشارات.

ولم تحقق حكومة الدبيبة إلى الآن اختراقا في ملفات تفكيك الميليشيات التي تتقاتل بشكل شبه يومي في غرب البلاد، وترحيل المرتزقة الذين استعانت بهم حكومة السراج في وقت سابق في معركتها ضد الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.

ويشكل هذا التأخر في حسم الملفات المذكورة مصدر قلق لدى أوساط سياسية ليبية ترى أن ذلك سيشكل عقبة رئيسية أمام إجراء الاستحقاقات الانتخابية التي يُعول عليها لطي صفحة سنوات من الانقسام في موعدها المحدد في خارطة الطريق المنبثقة عن الحوار السياسي الليبي في جنيف السويسرية.

وقال علي التكبالي إن “هذه الانقسامات تهدد الانتخابات المقبلة، لأن إقامة هذه الاستحقاقات تتطلب توحيد الدولة حتى يذهب الناخبون في أمن للإدلاء بأصواتهم، الآن نرى أن الميليشيات تتقاتل في طرابلس والشرق بعيد عن الغرب والجنوب كذلك، لذلك لن تقوم الانتخابات”.

4