وفق أي آليات سيتحاور الرئيس التونسي مع الشباب؟

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد إجراء حوار وطني يقتصر على مشاركة الشباب من مختلف ولايات (محافظات) البلاد، وممارسة الديمقراطية المباشرة مع الشعب بالاحتكاك مع الفئات دون وسائط أخرى على غرار الأحزاب والمنظمات الوطنية، لكن أوساطا سياسية تتساءل عن طرق إجراء الحوار المرتقب وآليات تنظيمه.
تونس - يتّجه الرئيس التونسي قيس سعيد نحو تنظيم حوار وطني مع الشباب في الجهات، في خطوة تمهّد حسب مراقبين لاستبعاد الأحزاب والمنظمات الوطنية من حسابات التحاور، وسط تساؤل عن آليات إجرائه ووسائل تنفيذه.
وأكد الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقائه السبت بالمكلف بتسيير وزارة الداخلية رضا غرسلاوي، أنه “سيتم الإعلان عن مواعيد الحوار مع الشعب والشباب أساسا”.
وقال “سيتم الإعلان عن المواعيد القادمة في إطار الحوار مع الشعب التونسي ومع ممثلي الشباب في الجهات على وجه الخصوص”.
وتابع سعيّد “يعلمون جيدا ماذا فعلوا وما يفعلون وما زالوا إلى الآن وفي هذه اللحظة يقفون ويطلبون العون من الخارج.. نحن نتعاون مع الدول والمؤسسات الدولية، ولكن لا بد أن تحترمنا الدول والمؤسسات وتحترم إرادة الشعب التونسي له السيادة في الداخل والدولة ذات سيادة”.
ويرجّح مراقبون أن تكون الآليات التي سيستخدمها الرئيس التونسي في الحوار مع الجهات والشباب، في شكل ندوات ومؤتمرات تطرح فيها مختلف المشكلات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية.

فريد العليبي: قيس سعيد يريد ديمقراطية دون وسائط مع الشباب
وقال المحلل السياسي فريد العليبي إن “آليات الحوار سبق وأن تم التعبير عنها، وتتمثل في المنظمات الشبابية، كما يمكن تنظيم ندوات في الجهات يتم فيها طرح كل المحاور والإشكاليات”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “الرئيس سعيد وجّه كلاما عاما حول الحوار، والأمر متصل بالديمقراطية المباشرة، ويريد الذهاب مباشرة إلى الناس دون أحزاب”، قائلا “هي ديمقراطية دون وسائط وستكون في شكل ندوات ومؤتمرات يمكن للشباب أن يعبر فيها عن أرائه وأفكاره ومقترحاته”.
وخيّرت أوساط سياسية، أن تكون العودة إلى الحوار مع الشباب عبر مجالس جهوية في المحافظات والأقاليم التونسية للاقتراح والتعبير عن الأفكار دون إقصاء الأحزاب والمنظمات.
وقال المحلل السياسي منذر ثابت إن “الحديث عن حوار مع الشباب ضروري أن يكون عبر هياكل وصيغ مباشرة، والرئيس سعيد يدرك هيمنة الأحزاب على أفكار الشباب”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “العودة إلى أساليب الحوار مع الشباب، يكمن في آلية الذهاب إلى انتخاب مجالس شبابية في الجهات، لا أن تكون هياكل قرار بل قنوات للاقتراح والنضال من أجل الحقوق الشبابية في الولايات والأقاليم”، لافتا “لا بد أن تعبر هذه المجالس عن أراء الشباب دون إقصاء الأحزاب والمنظمات”.
وتابع “أعتقد أنه في غياب الأحزاب والمنظمات الوطنية، صياغة الحوار غير ممكنة، وربما تكون التنسيقيات الجهوية هي أشكال أخرى للتنظيم، ولكن من آليات الحوار أن يكون شاملا مع الأحزاب والمنظمات وكذلك المجالس الشبابية”.
وأردف منذر ثابت “هذه المجالس يمكن أن تكون منصات دائمة ومستمرة في الأقاليم مع التعبير عن الأفكار بالإحصائيات والأرقام”.
وفي وقت سابق أكدت الرئاسة الفرنسية تعهّد الرئيس التونسي بتنظيم حوار وطني بعد التحوّلات السياسية الكبيرة التي شهدتها البلاد منذ الخامس والعشرين من يوليو الماضي.
وقال (الإليزيه)، إن الرئيس قيس سعيد تعهد بإطلاق حوار وطني في تونس خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس إيمانويل ماكرون.
وفي ديسمبر 2020، تقدم الاتحاد العام التونسي للشغل بمبادرة لإجراء حوار وطني، مؤكدا أنها من شأنها أن تخرج تونس من أزمتها، وتقدّم رؤية من أجل إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تنتج تغييرا حقيقيا في البلاد.
ولم تلق المبادرة قبولا مباشرا من قيس سعيد، الذي وعد بدراسة المقترح واكتفى بالصمت طوال الفترة الماضية، لتظل المبادرة تراوح مكانها، فيما استفحلت الأزمة الدستورية والسياسية العميقة آنذاك، ودخل رئيس البلاد في صراع محتدم ضدّ حركة النهضة الإسلامية التي تلقفت رئيس الحكومة هشام المشيشي واتخذته حليفا قويا لها.
وكانت جهات تونسية أخرى قدمت مقترحات حوار عديدة إلى رئيس الجمهورية، كان أولها مبادرة حزب التيار الديمقراطي خلال نوفمبر من العام الماضي، لكنها لم تلق سوى قبول شكلي من سعيد الذي لم يتخذ أي خطوة إضافية حيالها.
وإثارة الرئيس التونسي لهذا الحوار، هي أول مؤشر منذ توليه السلطة التنفيذية في يوليو الماضي على استعداده للتشاور على نطاق أوسع حول إيجاد مخرج للأزمة. وعلق سعيّد عمل البرلمان، ونحى جانبا الكثير من مواد دستور 2014.

منذر ثابت: الحوار سيكون عبر آلية انتخاب مجالس شبابية في الجهات
ومنح لنفسه سلطات التشريع بمرسوم وعين رئيسة جديدة للوزراء، وقال إنه سيشكل لجنة لتعديل الدستور.
وحث الاتحاد العام التونسي للشغل، (أكبر منظمة نقابية بالبلاد)، وأحزاب رئيسية ممثلة في البرلمان المعلق سعيّد على إشراكهم في حوار حول الدستور والنظام السياسي في تونس.
وتعرض قيس سعيد لضغوط محلية ودولية لاختيار حكومة جديدة بعد تدخله في يوليو بإقالة رئيس الحكومة، وتعليق عمل البرلمان، واضطلاعه بالسلطة التنفيذية.
وعين سعيّد، نجلاء بودن رمضان رئيسة للحكومة وطلب منها تشكيل حكومة بسرعة، لكن من المتوقع أن تكون لها سلطات أقل من رؤساء الحكومات السابقين.
والسبت أشار الرئيس سعيد، إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة سيكون خلال ساعات، مؤكدا أن تونس ليست تحت وصاية أي كان، منتقدا طلب “بعض الأشخاص من الأطراف الخارجية التدخل في الشأن التونسي”، مؤكدا أن “الحريات في البلاد مضمونة، وأن محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري كان استنادا للقانون”.
وتواجه المالية العامة لتونس أزمة تلوح في الأفق، وتوقفت المحادثات مع صندوق النقد الدولي حول حزمة إنقاذ عندما أقال سعيّد الحكومة السابقة في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.