تنسيق تونسي - ليبي حول التهديدات الأمنية على الحدود

بحث وفد ليبي رفيع المستوى يضم وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش ووزير الداخلية خالد مازن، في تونس، عددا من القضايا التي تهم البلدين، وفي مقدمتها فتح المنافذ البرية وعودة الرحلات الجوية بين الجارين، بعد غلقها مؤخرا من الجانب التونسي خشية ارتفاع المخاطر الأمنية بسبب التهديدات الإرهابية على الحدود.
تونس - مثلت المخاطر الأمنية والتهديدات الإرهابية المتنامية على الحدود بين ليبيا وتونس محور زيارة وفد ليبي رفيع المستوى إلى تونس، وسط تحذيرات المراقبين من انخراط طرابلس في دعم الإخوان وتعزيز دور الميليشيات المسلحة المهددة للاستقرار في البلدين.
وبحثت تونس وليبيا الخميس إمكانية الشروع في فتح المعابر الحدودية واستئناف الرحلات الجوية بينهما، وفق البروتوكول الصحي الصادر عن اللجنة العلمية في تونس.
وأفادت سفارة طرابلس لدى تونس، في بيان لها، بأن الجانبين اتفقا على أن تواصل اللجنة العلمية بالبلدين “النظر في الاستثناءات والتعديلات التي من الممكن القيام بها، للتخفيف من الإجراءات والأعباء المالية والزمنية المترتبة على البروتوكول الجديد”.
وفي الثامن من يوليو الماضي أعلنت ليبيا إغلاق المنافذ البرية والجوية مع تونس لمدة أسبوع، بسبب تفشي السلالة الهندية المتحورة من كورونا في تونس، وقد تم تمديد المدة لاحقا.
وأعلنت الحكومة الليبية في السابع عشر من أغسطس الجاري إعادة فتح المنافذ البرية وحركة الملاحة الجوية بينها وبين تونس، بعد إغلاق استمر أكثر من شهر. لكن الحركة البرية والجوية لم تعد إلى سالف نشاطها إلى حد الآن.
ورجحت أوساط سياسية أن دافع الزيارة لا يقتصر على الحديث عن وباء كورونا بل يطال مسائل أهم وأعمق، في مقدمتها المخاطر الأمنية والتهديدات الإرهابية على الحدود بين البلدين.

وقال عزالدين عقيل، المحلل السياسي الليبي، “من الطبيعي أن يتعزز التنسيق بين تونس وليبيا بخصوص الجائحة الصحية ومسألة المتطرفين، وتتوفر في الدولتين بيانات بخصوص الموضوع”. وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “ربما تونس أكثر حساسية لأنها دولة قائمة وتحتاج إلى استقرار سياسي واجتماعي، على عكس ليبيا التي فيها انقسامات، وهذا ما يشكل ضغطا على تونس باعتبار أنها مطالبة بأن تتحقّق من الأمور بنفسها”.
وتابع عقيل “التهديدان الأمني والصحي موجودان، ويجب على السلطات التونسية أن تتأكد من ذلك من خلال الزيارات، فضلا عن كون البلاد شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة ويمكن أن تتصل بسفير أميركا لطمأنة شعبها بخصوص المخاطر”، وقال “مسألة كورونا حساسة ولكن لو كان الأمر صحيا بالأساس لاقتصر على بيان أو تنسيق بين وزارتي الصحة في البلدين”.
وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أن “تونس الآن تمر بظروف طارئة وهناك أطراف تأذت من إجراءات الرئيس قيس سعيّد، لذلك أصبح التنسيق المباشر في أعلى مستوياته لحماية الأمن التونسي في هذه الوضعية الصعبة”.
وتتخوف الأوساط التونسية من إمكانية انخراط طرابلس في دعم الإخوان، ما يعزز نشاط المرتزقة والميليشيات المدعومة من تركيا.
وكان النائب في البرلمان الليبي علي التكبالي قد أكّد في وقت سابق “تورط مسؤول ليبي كبير في محاولة اغتيال الرئيس التونسي قيس سعيّد”، مشيراً إلى أنّ الأمن التونسي “كان على علم بهذه العملية”.
ونشرت مواقع ليبية وتونسية منشوراً سرياً وجهه وزير الداخلية الليبي خالد أحمد التجاني مازن إلى إطارات أمنية وعسكرية ليبية عليا، يطلب ضمنه تكثيف عمليات البحث والتحري وجمع المعلومات، تفادياً لتسلل حوالي مئة عنصر إرهابي من منطقة الوطية الليبية للهجوم على مدينة بن قردان التونسية.
ويرى مراقبون أن الوفد الليبي أتى للإدلاء بمعلومات حول التطورات الأخيرة في علاقة بالمخاطر الإرهابية التي تغذيها تركيا الساعية لإدامة الفوضى في ليبيا وقطع الطريق على كل محاولات إرساء الاستقرار وإجراء الانتخابات.
وأفاد المحلل السياسي التونسي رافع الطبيب في تصريح لـ”العرب” بأن وأفاد المحلل السياسي التونسي رافع الطبيب في تصريح لـ”العرب” بأن “تركيبة الوفد مهمة لأن وزير الداخلية الليبي تحدث عن قاعدة الوطية والميليشيات والمرتزقة الأتراك، أما بالنسبة إلى وزيرة الخارجية فهي معروفة بمواقفها المتوازنة، وهي كذلك في قطيعة مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة”.
وأضاف “ربما زيارة رئيس الحكومة المقالة هشام المشيشي أعطت انطباعا سيئا لدى الأطراف الليبية، والأتراك اليوم يريدون إرباك الوضع في ليبيا، كما أن أنقرة لا تريد أي انتخابات في ليبيا لأنها ستأتي برئيس ودولة وستعجّل برحيل المرتزقة”.

وبخصوص الهدف من الزيارة قال رافع الطبيب “الوفد الليبي جاء لتتم مساءلته حول المعلومات الاستخباراتية الأخيرة والفوضى الميليشياوية في طرابلس، وتونس لا تتحدث بلسانها فقط بل هي لاعب مهم في هذا الملف وفي المحور التونسي – الجزائري – المصري، وهناك مخاوف حقيقية من انخراط طرابلس في تفجير الأوضاع بدعم من الإخوان”.
واستطرد “الوضع في المغرب العربي عموما غير مستقر وموازين القوى بصدد التغير وعلى الجانب الليبي أن يعي ذلك جيّدا”.
وفي وقت سابق الخميس وصلت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية نجلاء المنقوش ووزير الداخلية خالد مازن إلى مطار تونس قرطاج في العاصمة تونس.
وكانت وسائل إعلام ليبية نقلت الأربعاء عن المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية محمد حمودة قوله إن “وفدا وزاريا رفيع المستوى يصل الخميس إلى تونس لبحث البروتوكول الصحي وفتح المنافذ وعودة الرحلات”.
والأربعاء أوصت اللجنة العلمية لمجابهة كورونا في تونس بالإبقاء على الحدود البرية مغلقة، من أجل الوقاية من مخاطر انتقال العدوى.
واتخذت وزارة الصحة إجراءات من ضمنها فرض الحجر الإجباري عشرة أيام على الوافدين الذين لم يتموا عملية التلقيح ضد كورونا.
وكانت تونس قد قرّرت الإبقاء على معبري رأس جدير وذهيبة – وازن الحدوديين مع ليبيا مغلقين، وذكر وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي في محادثة هاتفية مع نظيرته نجلاء المنقوش أنّ القرار قد أملته الظروف الصحية والوبائية في تونس والتي تطلبت اتخاذ إجراءات احترازية والمزيد من الحيطة واليقظة للتوقي من احتمال دخول سلالات جديدة متحورة وسريعة العدوى من فايروس كورونا إلى البلاد.