سجالات متصاعدة بين النهضة ويوسف الشاهد

فجرت حركة النهضة الإسلامية في تونس سجالات مع رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد على خلفية تصريحات أدلى بها بشأن أخْونة المجتمع في فترة حكم الترويكا (2011 – 2013) حيث اتهمه القيادي بالنهضة وصهر رئيسها رفيق عبدالسلام بالخزعبلات والسعي لاستمالة أنصار رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي.
تونس- شن رفيق عبدالسلام القيادي بحركة النهضة الإسلامية وصهر رئيسها راشد الغنوشي هجوما حادا على رئيس الحكومة التونسية الأسبق يوسف الشاهد معتبرا أنه ظاهرة سطحية وعابرة ويسعى لمنافسة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر على معاداة الحركة.
وجاء هجوم عبدالسلام ردا على تصريحات كان قد أدلى بها الشاهد واتهم فيها حركة النهضة بمحاولة أخونة المجتمع التونسي خلال فترة حكم الترويكا التي قادتها الحركة.
واعتبر في تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن “يوسف الشاهد وحزبه تحيا تونس عنوان للفشل وظاهرة سطحية وعابرة من وزن الريشة في الصندوق”.

مصطفى بن أحمد: عبدالسلام يبحث عن مكان له في الساحة بمهاجمة الجميع
وأضاف عبدالسلام “يوسف الشاهد يثبت كل يوم أنه سياسي خفيف ولا يحسن قراءة الأوضاع. الرجل يباهي بأنه عبقري زمانه بخداعه النهضة خلال مدة حكمه، والحقيقة أنه لم يخدع إلا نفسه لأن النهضة كانت تعلم على سبيل اليقين كل ألاعيبه وخزعبلاته“.
وتابع “الشاهد كان يظن أن طريق المجد قد انفتح أمامه بلا حواجز أو موانع خلال فترة حكمه عبر السيطرة على أذرع الدولة والإعلام وترويج صورة البطل المغوار الذي يحارب الفساد، ولكن من سوء حظه اكتشف في ما بعد أنه من وزن الريشة في الصندوق، وهو مصرّ اليوم بسياسته الرعناء وخطابه السطحي أن يجعل من نفسه وحزبه المجهري عنوان الفشل والتيه“.
وانتقدت شخصيات سياسية الأسلوب العدواني لرفيق عبدالسلام الذي سبق وأن شغل منصب وزير الخارجية إبان حكم الترويكا لكنه تحول إلى ما يشبه المدون الذي لا يتردد في مهاجمة من ينتقد سياسات حركة النهضة الإسلامية.
ولكن مراقبين في تونس وجهوا انتقادات ليوسف الشاهد الذي قد يكون منح النهضة ورقة إضافية في مواجهة الانتقادات الموجهة إليها خاصة المتعلقة بتحملها مسؤولية الإخفاقات التي عرفتها البلاد طيلة السنوات العشر التي تلت أحداث ثورة 14 يناير.
واعتبر المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “تصريحات الشاهد السابقة والتي مفادها أن حكومته تصدت للنهضة بإعطائها شبه وزارات، تسمح لقيادات الحركة اليوم أن تتشدّق بأنها لن تتحمّل مسؤوليات الحكم”.
وأضاف الرابحي في تصريح لـ”العرب” أن “رفيق عبدالسلام أصبح مدوّنا باسم النهضة، ودائما ما يعبّر عن أرائه بانفعال وبكل غباء سياسي، لأن جمهور الدستوري الحر حسم أمره، وعبير موسي هي الأولى الآن في استطلاعات الرأي وكل طرف أخذ خزانه الانتخابي”.
واعتقد الرابحي أن القيادي النهضوي لا يعبّر عن أراء الغنوشي، وكثيرا ما يحرج الشيخ ويدفعه للمواجهة من خلال التصعيد مع الكتلة الديمقراطية (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) والآن مع حركة تحيا تونس عبر يوسف الشاهد.
وأردف “عبدالسلام هو شقّ الغنوشي الذي أصبح منتصرا حتى على الشيخ، ويريد أن يجرّ النهضة إلى الصدام مع سعيّد، والحركة تستغل الأشخاص (الشاهد) لمصالحها الشخصية ومستعدّة للتصالح حتى مع الشيطان لتحقيق ذلك، وهناك في الحركة من يريد تغذية الخلافات دائما”.

نبيل الرابحي: رفيق عبدالسلام دائما ما يعبّر عن أرائه بانفعال وبكل غباء سياسي
وردّا على مواقف النهضة اعتبرت قيادات في حركة تحيا تونس أن رفيق عبدالسلام يحاول من خلالها جاهدا العودة إلى الساحة عبر افتعال المعارك السياسية.
وأفاد مصطفى بن أحمد القيادي بالحركة في تصريح لـ”العرب” أن “رفيق عبدالسلام يتهجّم على الكل وكأنه يشعر بالعزلة أو يريد التعريف بنفسه من جديد، وانضمّ إلى الذباب الإلكتروني بافتعال المعارك مع الرئيس قيس سعيّد والتيار الديمقراطي”.
ووصف بن أحمد القيادي رفيق عبدالسلام بـ”دون كيشوت” قائلا “أعتقد أنه يبحث عن مكان له في الساحة بعد أن تقلّد منصب وزير الخارجية في عهد حكومة الترويكا ولم يترك إلا فضيحة الهبة الصينية”، مستطردا “يبني مواقفه وانطباعاته على أسلوب عدواني وبمزاجه الخاص”.
وأفاد أن “كل محاولات النهضة لنصب العداء مع الدستوري الحرّ فاشلة، وهذه الخزعبلات لن تنطلي على الشعب التونسي، والحركة تعتمد سياسة فرّق تسد مثلما فعلت مع حزب التكتل الديمقراطي في حكومة الترويكا وحركة نداء تونس، وهي تسعى دائما إلى تفكيك الأحزاب من الداخل”.
ويرى مراقبون أن السجالات بين الطرفين في الفترة الأخيرة كشفت نوايا لتصفية حسابات سياسية، فضلا عن وجود قيادات في النهضة كانت تعارض التحالف مع الشاهد، وها هي اليوم تسعى لشيطنته وفي مقدمتهم رفيق عبدالسلام. واعتبر الناشط السياسي طارق الكحلاوي أن “هناك حسابات سياسية قديمة بين الطرفين، باعتبار وجود مصالح قوية مشتركة في الحكم والاطلاع حتى على أسرار بعضهما على غرار ملف سجن رئيس قلب تونس نبيل القروي”.
وأضاف لـ”العرب” أنه “كان هناك في النهضة شخصيات قريبة من الشاهد، لكن رفيق عبدالسلام لم يكن من بينهم ولم يكن مرتاحا للشاهد، وبالتالي الحرب الكلامية الآن تأتي في إطار تصفية الحسابات”.
وأشار إلى أنه “لا يوجد ما يؤشر على أن الشاهد في صعود كبير وأنه ينهل من جمهور الدستوري الحر، واستطلاعات الرأي الآن لا تعطي مؤشرات عن عودته إلى الساحة السياسية”.
شخصيات سياسية انتقدت الأسلوب العدواني لرفيق عبدالسلام الذي تحول إلى ما يشبه المدون الذي لا يتردد في مهاجمة من ينتقد سياسات حركة النهضة
وكان الشاهد اعتبر الأحد أن تونس شهدت خلال فترة حكم الترويكا أخونة المجتمع من خلال “التسفير إلى سوريا والخيم الدعوية والنقاب“. وأوضح في تصريح صحافي أن الفترة التي تلت انتخابات 2014 كانت مختلفة تماما وهي رؤية الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي الذي أراد تشريك الإسلاميين بمشاركة رمزية حيث لم يتجاوز عدد وزرائهم في 5 سنوات الأربعة.
وكشفت آخر استطلاعات الرأي في تونس عن تصدّر قيس سعيّد للترتيب من حيث نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة بنسبة 43.3 في المئة، تليه عبير موسي بـ14.5 في المئة، بينما تصدّر رئيس البرلمان وحركة النهضة راشد الغنوشي قائمة الانعدام الكلي للثقة بـ77 في المئة.