لا إجماع سياسيا حول الانتخابات المبكرة في الجزائر

الجزائر – ما زالت الانتخابات المبكرة في الجزائر بعيدة عن تحقيق الإجماع داخل الطبقة السياسية، في ظل عدم إيلائها أهمية من طرف بعض أحزاب المعارضة، التي تعتبر إلى حد الآن أن الأولوية تستوجب توفير المناخ السياسي الملائم، قبل الذهاب إلى أي استحقاق انتخابي.
وذهبت جبهة القوى الاشتراكية المعارضة، خلال ردها على مسودة قانون الانتخابات الجديد الذي لا يزال قيد المناقشة والتعديل، إلى أنه “لا يمكن اختزال الديمقراطية في صندوق الاقتراع، بل تتطلب مناخا سياسيا تسوده الحريات، وهو ما يسمح باختيار حر وواعٍ”.
واشترط أعرق أحزاب المعارضة في الجزائر (جبهة القوى الاشتراكية)، تجسيد عدد من المطالب مقابل خوض غمار الانتخابات، مما يرجح فرضية ذهاب الحزب إلى خيار المقاطعة، وعلى رأس تلك المطالب إجراء “حوار شامل يرسي أسس حياة سياسية ديمقراطية تضمن التداول السياسي، وتضبط وتنظم السلطات المضادة، وتشجع بناء وساطات سياسية واجتماعية وديمقراطية مستقلة”.
وذكر في البيان الذي اطلعت “العرب” على نسخة منه، أنه “من أجل تنظيم هذا الحوار، يتوجب عقد اتفاقية وطنية للوصول إلى إجماع وطني حول تسوية سياسية، شاملة وديمقراطية للأزمة، وخلق مناخ من الثقة والانفتاح تجاه المجتمع وممثليه السياسيين، النقابيين، والجمعويين”.
وأضاف “لا يمكن منح مصداقية لنص تم عرضه على الأحزاب السياسية للنقاش في سياق يتسم بالاعتقالات والإدانات التعسفية في قضايا الرأي، وكذلك بإغلاق غير مسبوق للفضاءات السياسية والإعلامية”.
وتابع “كنا نأمل في تغيير جذري للمسار المتخذ، والإعلان عن إرادة سياسية حقيقية من طرف صناع القرار، لكننا نلاحظ بكل أسف بل وبقلق كبير الإبقاء على الرزنامة الانتخابية في حين أن السياق الحالي، الوطني والإقليمي، يتطلب مقاربة سياسية شاملة في مستوى التطلعات والآمال الشرعية للشعب الجزائري”.
ووضع الحزب شروطا لإنجاح أي حوار سياسي، وتتمثل في “إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وإعادة الاعتبار السياسي والاجتماعي لهم، وفتح المجال السياسي والإعلامي ورفع كل المعوقات التي تعترض الممارسة السياسية، النقابية والجمعوية، والوقف الفوري للمتابعات القضائية ضد المناضلين والصحافيين والنقابيين الملتزمين بالنضال الديمقراطي السلمي. فضلا عن تجميد كل المعاهدات الاقتصادية التي ترهن الموارد الوطنية أو تتنازل عنها بثمن بخس، وتحرير الجهاز القضائي من كل نفوذ أو تدخل حتى تستعيد العدالة مصداقيتها وتحوز على ثقة المواطنين”.
واستغلت جبهة القوى الاشتراكية فرصة الرد على مسودة قانون الانتخابات الجديد، لتقديم مقاربتها السياسية للأزمة المستشرية في البلاد، الأمر الذي يضع الاستحقاق في خانة الأجندة السياسية الرسمية التي لا تحوز على رضى الطبقة السياسية، ولا يعول عليها في حلحلة التعقيدات المتفاقمة.
وذكرت في ردها “لقد طالبت الجزائريات والجزائريون على مدى عقود من الزمن بتغيير جذري وسلمي لنظام الحكم ببلادنا، وعلى وجه الخصوص وبشكل استثنائي وعلى نطاق واسع منذ 22 فيفري 2019.
وإذا كانت التصريحات الرسمية تقر بأن الشعب الجزائري أنقذ الدولة من الانهيار بوضعه حدا لعهدة خامسة مجحفة وغير واقعية (للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة)، فإنه ينبغي الاعتراف كذلك بحقوقه الأساسية -بدءا بالحق في تقرير المصير- التي لا تزال غير معترف بها”.
وأضافت أن “الرفض الشامل لاستفتاء تعديل الدستور ينبغي أن يستوقف النظام ويجعله مدركا لعزم الجزائريين، خاصة الشباب منهم، (…) على طي صفحة الإذلال والمظالم، شبيبة على ما يبدو أنها تمثل مشكلا لهذا النظام عوض أن تشكل ورقة رابحة في سبيل تطوير البلاد، وإنه من الواضح اليوم أن هذه الشبيبة لم تعد مستعدة للسماح بإقصائها أو تهميشها وقبولها دون رد فعل الانتهاكات التي تطال حرياتها الأساسية المتمثلة في التجمع والتنظيم والتظاهر السلمي”.
ويبدو أن المسألة آخذة في التوسع، في ظل إصرار لجنة إعداد القانون الجديد على التمسك بقانون العتبة (أربعة في المئة)، الذي يقصي بصفة آلية الكثير من الأحزاب السياسية، ويترك الساحة مفتوحة فقط للقوى السياسية التقليدية، الأمر الذي سيعيد فرز نفس المشهد الذي سبق الحراك الشعبي.