الفنانة السعودية مها الكافي: مستقبل الحركة التشكيلية العربية واعد رغم الأزمات

الفنان العربي يتمتّع بسقف كبير من الحرية في ممارسته للفنون، والقيود في مجملها من صنع الفنان ذاته.
الأربعاء 2020/10/14
الفنانة في أحد معارضها

تقرّ التشكيلية والناقدة الفنية السعودية مها الكافي بأن الحركة التشكيلية العربية تأثّرت في العشرية الأخيرة بالثورات والصراعات الحاصلة في بعض البلدان العربية، حيث تراجع نتاجها الفني وخفت إشعاع بعض البلدان المكرّسة في المجال، إلّا أن ذلك لا يقلّل من قيمة المنجز الفني العربي الذي ينتظره مستقبل واعد.

الرياض – قالت الفنانة التشكيلية السعودية، مها الكافي إن “الربيع العربي”، والحروب الدائرة بالمنطقة تسببا في تراجع الحركة التشكيلية العربية، وإن الصراعات الدائرة في العديد من البلدان العربية أثرت بالسلب على المشهد التشكيلي في تلك الدول.

ورأت الكافي أن بلدانا مثل لبنان وسوريا والعراق وليبيا والسودان والجزائر، كانت الفنون التشكيلية فيها في أوْج تقدّمها، وكانت تشهد الكثير من المعارض والفعاليات التشكيلية، وكانت وجهة تستقبل الفنانين العرب وغير العرب، لكن الثورات والصراعات أثرت بالسلب على المشهد التشكيلي فيها.

ومع ذلك، تعوّل التشكيلية السعودية على قدرة الفنانين العرب في مواجهتهم لكل الصعاب، والاستمرار في العملية الإبداعية، والتعبير بصدق عن واقع بلدانهم ومعاناة شعوبهم، وأن المحن دائما ما تكون دافعا للمزيد من الإبداع، مضيفة أنه وبرغم كل ذلك فإن الحركة التشكيلية العربية ينتظرها مستقبل واعد.

وحول رؤيتها لحاضر ومستقبل المشهد التشكيلي السعودي، قالت مها الكافي إن الفن التشكيلي في العالم العربي، بوجه عام، وفي السعودية، بوجه خاص، يُعدّ أحد أعمدة الثقافة، ومرآة تعكس حضارة الشعوب، ويُعبّر عن ثقافتها وقيمها وتاريخها، وإنه إحدى أدوات التواصل بين الشعوب والثقافات، ومن هذا المنطلق، فإن رؤية 2030 بالمملكة العربية السعودية، قدّمت الدعم للفن التشكيلي، ليكون “أحد السجلات التي من خلالها سيقرأنا العالم”.

ورأت أن الفنان التشكيلي السعودي حاضر في الحركة التشكيلة العربية والدولية، وذلك بعد أن امتلك أدواته بقوة، ونجح في تقديم أعمال وصل بها إلى العالمية.

وحول رؤيتها للمعوقات التي قد تعرقل مسيرة الفنان في العالم العربي، أشارت إلى أن الفنان العربي يتمتّع بسقف كبير من الحرية في ممارسته للفنون، وأن أي قيود تكون من صنع الفنان ذاته، ويكون حجمها بحسب تقيّد كل فنان بمعتقداته.

الرجل في لوحات الكافي ملهم وملاذ
الرجل في لوحات الكافي ملهم وملاذ

وحول ما يثار عن وجود فن ذكوري وآخر نسوي، قالت الكافي إن الفن لا يختلف إذا كان من أنتجه رجلا أو امرأة، والعكس صحيح، لكن هناك من صنّف أن الإنتاج الفني النسوي أغلب مواضيعه المرأة والحياة وتكون ألوانه وخطوطه مفعمة بالحياة إلّا في حالات نادرة.

وأشارت إلى أن الفن الذكوري يدور محوره حول المرأة والمشاعر ويكون مرآة للأحداث السياسية والاجتماعية أكثر من المرأة.

وحول مكانة المرأة في الحركة التشكيلية العربية، رأت الفنانة مها الكافي أن المرأة العربية أثبتت حضورها منذ القدم في مجالات إبداعية كثيرة، منها الشعر والفصاحة والحكمة والفروسية، كما أثبتت تواجدها من خلال نتاجها التشكيلي المشرّف في الكثير من المعارض الفنية بجميع الدول العربية.

وأضافت أن المرأة العربية كانت وما زالت تمتلك مقومات وأدوات الفنون والشعر ولقد ذكرها الشعراء في قصائد كثيرة جسّدها التاريخ في مواضيع عدة، موضحة أن ما يشاهد اليوم من إبداعات تشكيلية للمرأة، إنما هو امتداد لفنون مارستها المرأة وأبدعت فيها وتوارثتها من الأقوام والممالك والحضارات التي وجدت في بلاد الجزيرة العربية، وبقية مناطق العالم العربي.

وحول الموضوعات والمفردات التشكيلية التي تتناولها في أعمالها التشكيلية، قالت الكافي إن الموضوعات تنوعّت لديها، حيث رسمت الوطن وتراثه، ورسمت قادة المملكة، والمرأة والحياة اليومية في وطنها، وتأثرت بالأحداث في العالم العربي، فرسمت الحرب في العراق، وكما تنوّعت موضوعات لوحاتها، تنوّعت المدارس التي انتمت إليها أعمالها وذلك في بداية رحلتها مع الفن التشكيلي.

الفن الذكوري يدور محوره حول المرأة والمشاعر، ويكون مرآة للأحداث السياسية والاجتماعية أكثر من الفن النسوي
الفن الذكوري يدور محوره حول المرأة والمشاعر، ويكون مرآة للأحداث السياسية والاجتماعية أكثر من الفن النسوي

وأضافت أنها تناولت الرجل في أعمالها، وعبّرت عنه باعتباره المكمّل لها وهو ملاذها العاطفي والكوني، ورسمت الرجل على كونه الملهم لها.. رسمته في صورة الوالد والأخ والابن والصديق، مشيرة إلى أنها تستخدم بعض الرمزية في التعبير عن الرجل بلوحاتها.

وأوضحت أن المرأة حاضرة بقوة في أعمالها، لكونها محور الحياة، والشخصية التي تتبلور الأحداث حولها، وأنه حين تحضر المرأة بلوحاتها تنطق عيناها بالأمل وتمنح ابتسامتها الشعور بالفرح والأمان.

وحول المدارس الفنية التي تنتمي إليها، قالت الكافي إنها رسمت بالاعتماد على كل المدارس الفنية، لكن تبقى المدرسة التأثيرية هي الأقرب إليها، لافتة إلى أنها ترى فرشاتها ولوحتها، حين تبدأ في رسم لوحة ما، بمثابة الزورق والمجداف لأنها دونهما لا يمكنها الإبحار ولا يمكن المضي قدما.

وتصف مها الكافي الفن بأنه الجمال الذي يمنح الحب والهدوء والسكينة، وهو الذي يمنح التصالح مع الروح، قائلة “الفن لحظة تكون بدايتها لوحة وألوان وشعور يتجسّد”.

والفنانة التشكيلية السعودية، مها الكافي، تمارس النقد الفني إلى جانب الرسم، وتعمل مدربة فنية، وشاركت خلال العقدين الماضيين في عشرات المعارض والملتقيات الفنية داخل السعودية وخارجها، ولها العديد من المبادرات الفنية والمجتمعية، مثل مبادرة “لوحتي سعادتي” لإدخال البهجة على قلوب المرضى بالمستشفيات، ومبادرة “شجرتي حياتي” والكثير من المشاركات في رسم الجداريات الفنية في العديد من المناطق السعودية.

تدرّج في الصعود إلى التحقّق
تدرّج في الصعود إلى التحقّق

 

16