أوروبا تضغط على تونس بورقة المساعدات للحد من الهجرة غير النظامية

تونس – تضغط أوروبا وإيطاليا على تونس بورقة المساعدات والدعم المادي لمجابهة أزمتها الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة مقابل وقف نزيف الهجرة غير النظامية على الحدود البحرية.
وأكد مفوض الاتحاد الأوروبي المكلف بشؤون التوسع وسياسات الجوار أوليفر فارهيلي، أنه يتعين على السلطات التونسية القيام بما تعهدت به في ما يتعلق بمكافحة الهجرة غير النظامية وتنفيذ الإصلاحات.
ونقلت وكالة “آكي” الإيطالية عن المسؤول في الجهاز التنفيذي الأوروبي قوله في مقابلة مع صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية “لقد أكدت في جميع اجتماعاتنا وقبل كل شيء لشركائنا الإيطاليين أن الاتحاد الأوروبي موجود، وأننا ملتزمون وسنفعل كل ما هو ضروري لدعم تونس”، لكن ينبغي على السلطات في تونس القيام بما وعدت به في ما يخص تعزيز مكافحة الهجرة غير النظامية وإجراء الإصلاحات اللازمة لبلدهم”.
وأضاف فارهيلي، الذي زار تونس يوم الاثنين الماضي رفقة وزيري الخارجية والداخلية الإيطاليين، “أكرر.. إذا كانت لديهم مشاكل فنحن على استعداد للمساعدة، ولكن يجب عليهم مساعدة أوروبا، كل أوروبا من خلال عمل الأشياء التي التزموا بها”، مبرزا أن “الاتحاد الأوروبي يرى أنه يجب تسريع عمليات إعادة المهاجرين”.
واعتبر المفوض الأوروبي أن “أزمة” المهاجرين “لا تعني إيطاليا فقط بل أوروبا بأسرها” معلنا أن الاتحاد الأوروبي يعمل على إعداد “خطة للمغرب العربي” ستكون جاهزة بنهاية العام الحالي بالتعاون مع دول المنطقة.
وشدد المسؤول الأوروبي على أن أوروبا ستواصل دعم تونس ماديا ’’لمنع إفلاسها‘‘ لكن شريطة تنفيذ التزاماتها حيال الهجرة.
وحذّر مراقبون وسياسيون تونسيون من خضوع السلطات إلى ما اعتبروه ضغوطا إيطالية وأوروبية لاحتواء الأزمة التي تفاقمت في الفترة الأخيرة مقابل الدعم المادي والمساعدات.
وأكد النائب بالبرلمان عن حركة تحيا تونس مصطفى بن أحمد على “ضرورة تغيير المقاربة القائمة، حيث أن إيطاليا والسياسة الأوروبية تريدان تحويل دول الجوار في الضفة الجنوبية للمتوسط إلى حرس حدود بحري وهي تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة”.
وأضاف بن أحمد في تصريح لـ”العرب”، “هناك تهديدات أوروبية ومن شأنها أن تزيد في وتيرة الهجرة ولا بد من البحث عن مقاربات جديدة وأهمها تنظيم الهجرة”.
وسبق أن هددت إيطاليا بقطع المساعدات إذا لم يتم حل الأزمة بين الطرفين. وطالب وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو بتعليق حصول تونس على المال المتفق عليه، مطالباً بتبرير السلطات التونسية استمرار تدفق المهاجرين.
وقال “أُطالب بتعليق المبلغ المخصص لتونس (نحو سبعة ملايين دولار) في انتظار خطة متكاملة حول الهجرة”، بحسب وكالة الأنباء الإيطالية “نوفا“.
ومن جهته أكد المسؤول عن الإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر أن “هناك استغلالا للتدفقات الهجرية التونسية في الساحة السياسية الإيطالية بين السلطة والمعارضة لإعادة التموقع في المشهد”.
وأضاف بن عمرلـ”العرب”، “الاتحاد الأوروبي نزل بثقله لدعم الجانب الإيطالي وينظرون إلى تونس وكأنها نقطة لتأمين الحدود.. هناك تصور أوروبي للعلاقات في اتجاه واحد.. ينظرون إلينا كحرس حدود ويحرموننا من التنقل.. هناك أزمة مفتعلة ومختلقة لأن السياسات الأوروبية تغذي الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس وتطوعها خدمة لمصالحها”.
ودعا بن عمر في معرض حديثه إلى ضرورة إعادة النظر في الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، قائلا “عليها أن تكرس العدالة والمساواة وتراعي الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية. الاتحاد يجب أن يتعامل مع تونس كدول أوروبا الشرقية التي عانت من الأزمات وأن ينظر لنا كشريك استراتيجي، فضلا عن احترام سيادة تونس كدولة قائمة”.
وسبق أن زار وفد إيطالي يتقدمه وزير الشؤون الخارجية لويجي دي مايو تونس، لمناقشة القضايا المتعلقة بالهجرة، وتم الإعلان عن تخصيص 10 ملايين يورو لتمويل مشاريع شراكات بين الطرفين.
وأكد الرئيس قيس سعيّد، حسب بلاغ رسمي لرئاسة الجمهورية، على “ضرورة اعتماد مقاربة شاملة وتوافقية في مجال الهجرة ترتكز بالأساس على محاربة الفقر والبطالة عبر دعم جهود التنمية في البلدان الأصلية والتشجيع على الهجرة النظامية“.