تأجيل حسم نقاط الخلاف على سد النهضة

القاهرة – اختتمت في العاصمة السودانية الخرطوم، الأحد، الجولة الثالثة من مفاوضات سد النهضة، بحضور وزراء الري في كل من مصر والسودان وإثيوبيا، ومشاركة مراقبين من وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي، دون تحقيق تقدم ملموس.
وتعقدت مسألة الوصول إلى اتفاق شامل ينهي أزمة ملء وتشغيل سد النهضة، وبات أمام مفاوضي الدول الثلاث جدول زمني ضيق للوصول إلى حل، فلم تتبق سوى أيام معدودات من المهلة الزمنية المحددة قبل عرض النتائج النهائية على واشنطن والبنك الدولي في 13 يناير المقبل.
وقال وزير الري المصري، محمد عبدالعاطي، “إن الوقت ثمين ويجب بدء المناقشات المباشرة لإحراز تقدم حقيقي، وعلى الرغم من وجود خلافات كبيرة بيننا بشأن قواعد ملء سد النهضة، أعتقد أننا يمكن أن نحقق انفراجة”، مؤكدا أن القاهرة “كانت تفكر في الملاحظات والمخاوف التي عبرت عنها إثيوبيا، ونحن على استعداد لإعادة النظر في جوانب معينة من موقفنا لمعالجة هذه المخاوف، وهذا يدل على مرونة مصر والتزامها بالعمل مع إخواننا وشركائنا في إثيوبيا لتمكينهم من تحقيق أهدافهم التنموية”.
وكشفت مصادر في وزارة الري المصرية لـ”العرب” أن عدم الإعلان عن نتائج كاملة للاجتماعات الثلاثة السابقة لا يعني الفشل، ولا يعكس وجود جانب إيجابي أو سلبي لسير التفاوض.
وأوضحت أن هناك اتفاقا ضمنيا بين البلدان الثلاثة منذ انطلاق الاجتماعات منتصف نوفمبر الماضي، على عدم التسرع في الإعلان عن النتائج أو إطلاق تصريحات فردية، والاكتفاء ببيانات مشتركة ومنضبطة للحفاظ على تماسك المفاوضات وعدم التأثير عليها.
ويبدو الاتجاه نحو الوصول إلى اتفاق صعبا، لأن الخلافات بين مصر وإثيوبيا في مفاوضات سد النهضة تدور حول نقطتين رئيسيتين، الأولى سنوات الملء والتشغيل، حيث تطالب مصر بمراعاة حالة الفيضان في النيل الأزرق وبالتالي تحديد سنوات الملء، حسب حالة الفيضان، مع تخصيص 40 مليار متر مكعب من المياه سنويا طيلة سنوات الملء، فيما ترفض إثيوبيا ذلك.
أما النقطة الثانية فتتمثل في طلب القاهرة الحفاظ على منسوب المياه ببحيرة ناصر عند 165 مترا لضمان تشغيل السد العالي وتوليد الكهرباء وتلبية احتياجاتها المائية في سنوات الجفاف، فضلا عن التنسيق في إدارة سد النهضة والسد العالي، طبقا لآلية إدارة السدود على الأنهار المشتركة، وهو ما ترفضه إثيوبيا أيضا. وعلى الرغم من وجود التاريخ ضمن خطة زمنية وضعتها أديس أبابا منذ سنوات، إلا أن البعض من المراقبين اعتبروا توقيت الإعلان مؤشرا سلبيا ولا يدعم سير المفاوضات، بعد أن تعالت أصوات إثيوبية تعارض المفاوضات برعاية واشنطن.
وقال ناشطون سياسيون، إن الاجتماعات بشكلها الحالي تهدر حقوق إثيوبيا المائية وترغمها على تعطيل أعمال التنمية..
واعتبر مراقبون أن موافقة صندوق النقد الدولي أول المؤشرات على مكاسب أديس أبابا من سلسلة اتفاق واشنطن في نوفمبر، والتي فتحت الباب أمام تسوية الكثير من القضايا المحلية الموازية، في مقابل إنهاء أزمة سد النهضة التي استمرت قرابة تسعة أعوام.
وأكدت مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أماني الطويل، أن هناك تعتيما مقصودا على كواليس المفاوضات الفنية، “ولغة البيان المشترك في واشنطن والخرطوم اتسمت بالدبلوماسية أكثر من كونها حاسمة في النتائج، وهذا لا يعني أن الأمور سيئة، لأن الجميع يبدو هذه المرة راغبا في الوصول إلى حل”.
وتوقعت في تصريح لـ”العرب” أن تطالب إثيوبيا أو الدول الثلاث معا، بمهلة جديدة وقصيرة بعد يناير المقبل لحسم النقاط الخلافية لأن الغاية في النهاية حل المشكلة بين الدول المعنية بدلا من إدخال أطراف من الخارج.