المركزي التونسي يفرض قواعد صارمة على القروض المصرفية

شكوك في قدرة المصارف على تحمل التدابير الجديدة القاسية، وتعزيز الحلول التكنولوجية يعجل بإصلاح النظام المالي الهش.
الثلاثاء 2018/11/13
خارج نطاق الخدمة
 

كشف البنك المركزي التونسي عن قواعد مصرفية جديدة تتعلق بسقف منح القروض، وذلك في إطار استراتيجية موسعة لتحسين أداء القطاع، الذي يعاني من أزمة مالية حادة، وسط شح في السيولة النقدية وقلة العوائد بسبب تباطؤ نمو معظم القطاعات الاستراتيجية.

تونس – شكك خبراء أسواق المال في قدرة المصارف التونسية على تطبيق قرارات البنك المركزي الجديدة القاسية المتعلقة بتحديد سقف لمنح القروض، في مسعى لضمان ملاءمة أفضل بين الموارد المالية والتحكم في مخاطر التأخر في الاسترداد.

وأكد المركزي في بيان منشور على موقعه الإلكتروني أن “البنوك، التي تتخطى مستوى 120 بالمئة من حجم القروض نهاية كل ربع من العام عليها أن تتخذ الإجراءات الضرورية للتقليص من هذه النسبة في الربع التالي”.

وألزم المركزي كافة المصارف بداية من الشهر الجاري بتقديم الوضعية المتعلقة بنسبة القروض والودائع وفي حالة تجاوز المستوى المنصوص عليها خلال كل ثلاثية.

وقال مجلس إدارة المركزي إنه “يتعين على المؤسسة المالية تقديم، لفائدة البنك المركزي في أجل عشرة أيام، مخطط عمل يتعلق بالإجراءات، التي يجب اتخاذها لتقييم الوضعية مقارنة بالنسبة التنظيمية”.

وليد بن صالح: أستبعد إمكانية احترام المصارف لشروط البنك المركزي التعجيزية
وليد بن صالح: أستبعد إمكانية احترام المصارف لشروط البنك المركزي التعجيزية

وشدد على أنه في حال لم يتم تطبيق الإجراءات، فإن كل مصرف سيواجه عقوبات تتمثل في دفع غرامات مالية حسب قيمة الديون، التي سجلت تجاوزا، مقارنة بالنسبة المستهدفة وعدد الأيام خلال الربع الذي تمت فيه العملية.

وأكد الخبير المالي وليد بن صالح في تصريحات صحافية أن كافة المصارف تجاوزت هذا العام السقف المسموح به للقروض، مستبعدا إمكانية احترامها لهذه الشروط “التعجيزية”، لا سيما في غياب إجراءات فعلية تسمح باستعادة الثقة في النظام المصرفي وضمان تطوره واستقطاب المزيد من الزبائن مستقبلا.

ويأتي القرار ضمن سلسلة إجراءات كان المركزي قد أعلن عنها منتصف هذا العام لتحديد مقاييس أكثر دقة وشفافية في التعاملات المالية ومن المفترض أن تمكن كافة المصارف من إرساء ممارسات الحوكمة الرشيدة وتكون أكثر صلابة.

وتلزم القواعد الجديدة مجالس إدارة المصارف والبالغ عددها 24، بينها ثلاث حكومية، بالتعامل أكثر في ما يتعلق بحوكمة المخاطر، وتم وضع مقاييس أكثر صرامة لاختيار أعضاء مجلس إدارة مستقلين.

ويعتبر محللون تحركات تونس نحو إصلاح النظام المالي لا تزال تسير بخطى متثاقلة، لا سيما في ظل استمرار غياب حلول الدفع الإلكتروني والإمعان في التعامل بالسيولة النقدية، التي أرهقت المصارف وفتحت الباب على مصراعيه أمام ازدهار السوق السوداء.

وكشف غياب وسائل الدفع الإلكترونية في العديد من القطاعات بأسواق التجزئة في تونس عن عجز السلطات المالية عن اعتماد رؤية تكبح التعامل بالأوراق النقدية، والتي فاقمت من متاعب البنوك.

ويتفق العديد من الاقتصاديين على أن اعتماد التكنولوجيا في المصارف سيتيح للسلطات معرفة تحركات الأموال التي تدور في السوق السوداء على وجه التحديد.

ورغم محاولات المركزي لامتصاص الاقتصاد الموازي، الذي استنزف موارد الدولة بشكل كبير خلال السنوات الماضية وجعلها تغرق في أزمات متلاحقة، إلا أنه لم ينجح حتى الآن في مساعدة المصارف المحلية التي تعاني من نقص السيولة.

ويقول المستشار الاقتصادي محمد جبنون، إن قرابة ثلاثة ملايين تونسي من أصل 11.5 مليون لا يمتلكون حسابا بريديا أو مصرفيا في ظل تفشي ظاهرة الاقتصاد الموازي، الذي يرفض التعامل بوسائل الدفع الإلكترونية.

ودفعت الأزمات المالية، الحكومة للتفتيش في الدفاتر القديمة بحثا عن قروضها المنسية لدى المصارف المملوكة للدولة، بسبب المحاباة وتدني المعايير وضعف الرقابة على مدى سنوات.

وتشير التقديرات إلى أن القطاع المصرفي يوفر حوالي 87 بالمئة من الاستثمارات، وبالتالي فإن إعادة هيكلتها على أسس مستدامة يمكن أن تعزز دورها في الاقتصاد.

وتعاني تونس من أزمات مزمنة تتمثل في ارتفاع عجز التجارة الخارجية بنسبة 23 بالمئة، وهبوط أسعار صرف الدينار مقابل الدولار واليورو بنسبة وصلت إلى حوالي 20 بالمئة.

البنك المركزي التونسي سيفرض غرامات حسب قيمة الديون إذا لم تطبق المصارف إجراءاتها الجديدة

ويتسبب تراكم المشكلات رغم الإصلاحات الاقتصادية، التي تنفذها الحكومة ببطء شديد، في تبخر احتياطات العملة الصعبة، وهو ما دفع المركزي إلى اتخاذ خطوات تعالج أزمة السيولة في السوق.

وتظهر البيانات الرسمية أن احتياطات النقد الأجنبي بلغت بنهاية أكتوبر الماضي، حوالي 13.3 مليار دينار (4.61 مليار دولار)، بعد أن طرحت الدولة سندات دولية بقيمة 565.6 مليون دولار.

وأدى تراجع الاحتياطيات، التي كانت عند 13.5 مليار دولار مع بداية 2011، إلى هبوط قيمة الدينار، أمام سلة العملات الرئيسية، مع اختلاف قيمة الصرف في الفترتين، ما أثار مخاوف الأوساط المالية، التي دعت مرارا إلى التحرك سريعا لوضع حد لهذا النزيف.

ويرجع محللون ذلك إلى عدم استقرار المناخ السياسي وانحسار عوائد الفوسفات والصادرات رغم ارتفاع عوائد السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، مقابل ارتفاع قيمة الأموال المحولة من الشركات الأجنبية إلى الخارج، فضلا عن تخلي المركزي عن دوره في المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار.

خطط تونسية لإصلاح النظام الضريبي الخاص بالشركات الأجنبية

تونس – تخطط تونس لشطب النظام الضريبي التفاضلي المخصص للشركات الأجنبية غير المقيمة في البلاد، في خطوة جاءت بعد ضغوط من الاتحاد الأوروبي من أجل حذفها من لائحة الملاذات الضريبية نهائيا. وكشف وزير المالية محمد رضا شلغوم، على هامش جلسة استماع عقدتها لجنة المالية والتخطيط والتنمية بالبرلمان حول مشروع ميزانية 2019، أن الحكومة تتجه لحذف هذا النظام الضريبي المتعلق بالشركات غير المقيمة، والتي تصدر كامل منتجاتها للخارج بحلول عام 2021.

وأكد شلغوم أن هذا الإجراء يأتي استجابة لطلب من الاتحاد الأوروبي قبل شطب تونس نهائيا من القائمة السوداء للملاذات الضريبية. وكان وزراء المالية للاتحاد قد أدرجوا تونس في ديسمبر العام الماضي في القائمة السوداء للملاذات الضريبية قبل أن يتم شطبها من هذه اللائحة ووضعها على القائمة الرمادية، لأسباب من بينها منحها امتيازات ضريبية للشركات المصدرة غير المقيمة.

ويتضمن مشروع الميزانية الجديدة، إجراء يتعلق بحذف الامتيازات الضريبية المخصصة لفائدة الشركات المصدرة غير المقيمة بداية من العام المقبل، وأما بالنسبة إلى الشركات الجديدة، فإنها لن تنتفع بالنظام الجبائي التفاضلي. ويتضمن التشريع الجاري به العمل الآن في تونس نسبة ضريبة منخفضة بنحو 10 بالمئة بالنسبة للشركات المصدرة غير المقيمة، ونسبة أعلى تقدر بنحو 35 بالمئة للشركات العاملة بالسوق المحلية. وستكون الشركات الأجنبية غير المقيمة المعفاة كليا في السابق من الضرائب وذلك في إطار النظام التفاضلي المعروف بـ”قانون 72” مجبرة على دفع الضرائب، وهو ما قد يؤثر على مناخ الأعمال في البلاد.

 

10