إجراءات تونسية عاجلة لجني ثمار الانضمام لمجموعة كوميسا

سجلات رقمنة للمعاملات التجارية لتفكيك العقبات أمام المستثمرين، وإطلاق خط بحري جديد لإيصال الصادرات إلى أسواق أفريقيا.
الجمعة 2018/06/01
فتح مسارات تجارية جديدة نحو القارة السمراء

تونس – كشفت الحكومة التونسية عن حزمة إصلاحات عاجلة تهدف بالأساس إلى ترويض العجز التجاري الكبير مع بدء العد التنازلي لانضمام البلاد رسميا إلى السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا (كوميسا).

ولدى المسؤولين قناعة بأن التصدير يعد مسألة وجودية بالنسبة للاقتصاد، وبالتالي لا بد من الإسراع في تطويره وتعزيز احتياطات البنك المركزي من العملة الصعبة.

وقال وزير التجارة عمر الباهي خلال ندوة  حول “واقع التصدير في تونس” إن “الوزارة تعكف حاليا على رقمنة المعاملات التجارية وإن الحكومة تعمل على تفكيك العقبات أمام المستثمرين في ما يتعلق بالقطاع اللوجستي والجمارك وعمل البنوك”.

وأعلن أنه سيتم تدشين خط بحري جديد خلال هذا الشهر لإيصال الصادرات إلى البلدان الأفريقية الساحلية، مؤكدا نية دول أفريقية فتح مكاتبها لها بالبلاد، لا سيما وأن تونس ستكون عضوا في كوميسا بشكل رسمي في يوليو المقبل.

وتعد كوميسا، واحدة من أبرز الأسواق المشتركة في العالم حيث تضم 19 بلدا أفريقيا بتعداد سكان يبلغ 480 مليون نسمة. وتنص الاتفاقية الإطارية للمجموعة على تحرير المنتوجات الزراعية والصناعية والخدمات وغيرها من القطاعات الاستراتيجية.

عمر الباهي: نتحاور مع المستثمرين لحل كافة المشاكل التي تعترض قطاع التصدير
عمر الباهي: نتحاور مع المستثمرين لحل كافة المشاكل التي تعترض قطاع التصدير

ويتوقع أن تنمو الصادرات التونسية بفضل الخط البحري الجديد، وهو ثاني خط يتم إطلاقه في غضون ثمانية أشهر، بنحو 4 بالمئة سنويا، وهو ما يمكن السلطات من ردم جزء من العجز التجاري المتفاقم.

وكانت وزارة النقل قد قالت في أغسطس الماضي إن الشركة التونسية للملاحة ستطلق خطا بحريا يربط ميناء صفاقس بميناء نوفرسيسك الروسي، لكنها لم تحدد توقيت تدشينه.

وتراهن تونس على إنعاش القطاع اللوجستي من خلال استراتيجية بعيدة المدى لتطوير البنية التحتية ووسائل النقل لتعزيز مناخ الأعمال، رغم التحديات الشاقة التي تواجه تنفيذ الخطة.

وأكد الباهي أن الحكومة فتحت حوارا جديا مع القطاع الخاص، من أجل حل كافة المشاكل اللوجستية التي تعترض قطاع التصدير في البلاد لإتاحة الفرصة له لمطاردة الفرص في الأسواق الأفريقية.

ولم تعد تونس تركز بشكل كامل على شركائها التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي، حيث قامت بتحريك دبلوماسيتها الاقتصادية في جميع الاتجاهات في العام الماضي، شملت دولا من بينها الصين وروسيا وإندونيسيا وغيرها.

ويبذل المسؤولون جهودا للتغلب على عوامل الضعف المتعلقة بنقص التغطية الدبلوماسية في القارة وكذلك الربط الجوي من خلال دعم تواجد الخطوط التونسية في دول أفريقيا بأسرع وقت ممكن.

ويبلغ عدد السفارات التونسية في أفريقيا التي تضم 54 بلدا، 10 سفارات فقط، بعد أن تم فتح سفارتين في نوفمبر الماضي في كل من كينيا وبوركينافاسو.

ويتمثل العامل الآخر في ضعف تواجد البنوك التونسية في القارة، حيث أن الظروف الراهنة تحتم على تونس تركيز فروع لها في دول أفريقيا خاصة أن المغرب يقوم بالاستحواذ على البنوك الأفريقية، وهو ما يسهّل الصادرات والمعاملات التجارية للرباط مع القارة.

واختزل الخبيران التونسيان جليلة بن سلطان ومحمد ترجمان العراقيل التي تعترض قطاع التصدير في “العقلية التقليدية” للمصدرين المحليين.

وتقول بن سلطان إن معظم المصدرين في تونس مازالوا لم يتأقلموا مع متطلبات النشاط على المستوى الدولي، مشيرة إلى وجود صعوبات تسويقية كبيرة للمنتوجات المحلية.

طارق الشريف: مشاكل التصدير في تونس تتمثل أساسا في صغر حجم نشاط الشركات
طارق الشريف: مشاكل التصدير في تونس تتمثل أساسا في صغر حجم نشاط الشركات

وحملت المسؤولية إلى كل الجهات المتداخلة في هذا القطاع من بنوك وجمارك وصولا إلى الموانئ، لأنها لم تسارع لمواكبة القفزة التكنولوجية الهائلة في المعاملات الإدارية والتجارية ولم تساهم كما ينبغي في تطوير قطاع الصادرات.

ولكن وزارة التجارة لديها خطة لذلك، حيث قررت مضاعفة ميزانية صندوق النهوض بالصادرات لهذا العام ليبلغ نحو 15.6 مليون دولار وستتم مضاعفة الميزانية العام المقبل لتبلغ 31.2 مليون دولار.

وارتفعت نسبة الصادرات في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام 32 بالمئة بمقارنة سنوية بفضل سلسلة الإجراءات الحكومية لكبح انفلات العجز التجاري. وتطمح الحكومة إلى رفع قيمة الصادرات بحلول عام 2020 إلى حوالي 13.6 مليار دولار.

وتعتمد تونس على التوريد بالعملة الصعبة لتغطية الحاجيات الاستهلاكية، في مقدمتها الوقود والمواد الغذائية والحبوب والزيوت النباتية والتجهيزات الإلكترونية والمواد الأولية للقطاع الصناعي والقطاع الصحي والأدوية والسيارات وغيرها.

وقال طارق الشريف، رئيس كونفدرالية مؤسسات المواطنة التونسية (كوناكت) تعليقا على دراسة أعدتها مؤسسته شملت 300 شركة تونسية، إن “مشاكل التصدير في تونس تتمثل في صغر حجم المؤسسة الاقتصادية”.

وتمكنت الحكومة عبر حزمة تدابير من جعل معدل نمو يتسارع للمرة الأولى منذ 2015 ليبلغ في الربع الأول من العام 2.5 بالمئة، مبددة المخاوف من انزلاق الاقتصاد إلى الركود بسبب تفاقم الديون والعجز التجاري وتزايد الضغوط على التوازنات المالية.

11