هيئة سعودية عليا للموسيقى.. ترأسها امرأة

الموسيقية جهاد الخالدي رئيسة تنفيذية لهيئة الموسيقى السعودية، وهي تأمل تشريع وإعطاء رخص للمعاهد الفنية لتدريس الموسيقى وإنشاء أكاديمية خاصة مثيلة للمعاهد العالمية.
الاثنين 2020/02/24
جهاد الخالدي: أبرز الصعوبات تكمن في غياب استراتيجية وطنية لتدريس الموسيقى بصورة أكاديمية

بعد أربعين سنة من تغييب الموسيقى، بدأت خطوات سريعة لتطوير القطاع الموسيقي في المملكة، البداية كانت في أبريل الماضي عندما سمّى وزير الثقافة السعودي الموسيقار عبدالرب إدريس رئيساً لفرقة الموسيقى الوطنية، في واحدة من المبادرات التي أعلنت عنها وزارة الثقافة خلال حفل تدشين رؤيتها وتوجهاتها التي شملت الإعلان عن 27 مبادرة ثقافية و16 قطاعاً. الخطوة الجديدة المثيرة للاهتمام تمثلت في تعيين الوزارة للموسيقية السعودية جهاد الخالدي رئيسة تنفيذية لهيئة الموسيقى.

أصدر وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، قراراً تعيين الموسيقية السعودية جهاد الخالدي رئيسة تنفيذيّة لهيئة الموسيقى في خطوة أولى لبدء أعمال الهيئة ومسؤولياتها تجاه تطوير قطاع الموسيقى السعودي بمختلف اتجاهاته.

وتتمتع جهاد الخالدي بخبرات في المجال الموسيقي تمتد لأكثر من 33 سنة، وكانت تعمل عازفة كمان ضمن الأوركسترا المصرية لمدة 8 سنوات، كما حصلت على درجة البكالوريوس في عزف الكمان وفي نظرية الموسيقى من المعهد العالي للموسيقى في القاهرة، إلى جانب خبرتها ومعرفتها الإدارية، وهي ثاني سعودية تحصل على شهادة الكونسرفتوار بعد الموسيقار غازي علي.

بدورها شكرت الخالدي الوزيرَ على ثقته بتعيينها، ووعدت بأنها ستعمل على تحقيق تطلعات وزارة الثقافة في القطاع الموسيقي، وبناء البنية التحتية التي تساعد على تعليم ونشر الوعي والتذوّق الموسيقي في المجتع السعودي.

تقول الخالدي عن بدايات تعرّفها على الموسيقى التي كانت مبكرة “بدأت الطريق مع الموسيقى من عمر 8 أعوام، عندما ألحقتني أمي بمعهد الكونسرفتوار، بعدما رشّحني أستاذ موسيقى خاص، وقال لها إن أذني موسيقية وعندي موهبة، ولأنها سيدة تربوية فضّلت أن تدرسني في المكان الأكاديمي الذي يؤهل المواهب ويعلمهم الموسيقى بشكل منهجي وأكاديمي”.

وتوضح سبب عزفها على آلة الكمان بأنه كان من قبل الممتحنين عند اختبار القبول، حيث إنها تتطلب أذنا موسيقية عالية. وتقول “هذه الآلة من أصعب وأدق الآلات على الإطلاق، وتحتاج إلى تكنيك ومهارة ودراسة وتدريب لمدة طويلة حتى يتمكن العازف من العزف الصحيح٬ وتحتاج مهارة عازف محترف”.

مرحلة التأسيس

وتواصل الخالدي “درست لمدة 18 عامًا من المرحلة الابتدائية، حتى نهاية دراستي الجامعية في معهد الكونسرفتوار، وحصلت على مؤهل علمي في تخصصي الكمان والتربية الموسيقية”.

وتتابع “لم تكن الموسيقى في حياتي أبدًا هواية، فهي علم ومجهود ومثابرة وشغف حياتي٬ وهي من أصعب الأعمال التي تحتاج إلى تدريب وإصرار وتحدٍّ٬ ولم أتوقف عن العزف وممارسة الموسيقى يومًا”.

تتطلع جهاد الخالدي إلى أن يؤخذ في الاعتبار تدريس الموسيقى في كل المدارس كمادة أساسية إلى جانب الرياضيات والمواد الأخرى

يذكر أن الخالدي -في وقت سابق- كانت ترى أن أهم الصعوبات التي تواجه الموسيقى في السعودية تكمن في عدم وجود استراتيجية لتعليمها، وأنه لا يوجد جهاز مسؤول عن منح تصاريح لدعم هيئات أكاديمية متخصصة لتدريس الموسيقى علميًا، وتخريج دفعات من الموهوبين في المستقبل، وكانت الخالدي تتمنى أن يؤخذ في الاعتبار تدريس الموسيقى في المدارس، حيث أصبحت الموسيقى -حسب تصريحها- مادة أساسية في كل المدارس العالمية، ضمن مواد الدراسة مثلها مثل الرياضيات والعلوم الأخرى.

وتقول “ثبت علميًا أهمية تدريس الموسيقى للطفل سواء كان موهوبًا أو غير موهوب؛ حيث أنها تساعده على الابتكار والتوازن الفكري والحسي والعقلي. وتدريس الموسيقى في المدارس يتطلب إنشاء كليات تربية موسيقية متخصصة في الجامعات، تتخصص في تخريج دفعات خلال 4 سنوات، تكون قادرة على تدريس الموسيقى في المدارس؛ لأنها تختلف عن تدريس الموسيقى للموهوبين المتخصصين، وتحتاج طرقا تربوية متخصصة”.

ولم تكن أمنيات الخالدي متوقفة عند إنشاء أكاديمية خاصة مثيلة للمعاهد العالمية، ولكنها أيضًا كانت تتمنى تقنين تراخيص المعاهد الموسيقية، وتقول “أتمنى عند بداية تشريع وإعطاء رخص للمعاهد الفنية لتدريس الموسيقى، أن يكون هناك فرق بين المعهد المتخصص ومخرجاته تكون للمحترفين المؤهلين عالميًا، والمعاهد الخاصة التي تساعد في تنميه المواهب، وصاحب هذا المعهد المتخصص للمحترفين لا بد أن يكون مؤهلاً علميًا وأكاديميًا، وليس فقط هاوٍياً، وهذا ما سيفرق بين الهواة والمحترفين”.

البداية من الصفر

وفي ظل ابتهاج الموسيقيين والفنانين السعوديين بخبر التعيين وجدوا في الخالدي استحقاقاً يُثمن للوزارة، غير أنهم أشاروا في تصريحاتهم إلى أن مسؤولية الخالدي كبيرة جداً، لاسيما وأن وظيفتها القادمة تأسيسية، حيث يُنتظر منها أن تأخذ الموسيقى في السعودية من منطقة الصفر ناحية مناطق جديدة لم يطأها أحد قبلها.

وأمل المتابعون للشأن الموسيقي في السعودية أن تتظافر الجهود بين هيئة الموسيقى وبين الفرقة الموسيقية الوطنية التي يرأسها المغني والموسيقي الدكتور عبدالرب إدريس، بالإضافة إلى ضرورة دعم المثقفين والأكاديميين والمختصين في الشأن الموسيقي من خلال التشجيع ووضع الاستراتيجيات والمعايير التنظيمية.

الخالدي: تعليم الموسيقى يساعد على الابتكار والتوازن الفكري والحسي والعقلي
الخالدي: تعلّم الموسيقى يساعد على الابتكار والتوازن الفكري والحسي والعقلي

وفي هذا الشأن كتب خالد الجارالله “مبهج هذا الخبر، ولتتذكر الخالدي أن ذائقتنا ومبدعينا أمانة في عنقها، وعليها أن تستوعب الأذواق وتتماهى مع ما يثري البلاد فنياً ليعكس ثقافتها وموروثها الفني الهائل”.

ومن جانبها عبرت الكاتبة لطيفة الشعلان مبتهجة ومتفائلة بالخبر، وقالت “من كان ليصدق هذا قبل أعوام قليلة فقط! هيئة سعودية للموسيقى، وترأسها امرأة أيضاً! وزير الثقافة يعيّن السعودية جهاد الخالدي رئيسة تنفيذية لهيئة الموسيقى”.

وتسعى وزارة الثقافة من خلال هيئة الموسيقى إلى تنظيم قطاع الموسيقى في المملكة وتطويره ودعم وتشجيع الممارسين فيه، كما ستعمل مع الجهات المختصة على دعم حماية حقوق الملكية الفكرية في المجالات ذات العلاقة بالموسيقى، إضافة إلى إقامة الدورات التدريبية واعتماد البرامج المهنية ذات العلاقة، وتشجيع الناشطين في المجال على إنتاج وتطوير المحتوى الموسيقي.

وتعد هيئة الموسيقى واحدة من 11 هيئة جديدة أطلقتها وزارة الثقافة لخدمة وتطوير القطاعات الثقافية الفرعية التي اشتملت عليها وثيقة رؤيتها وتوجهاتها التي أعلنت عنها في شهر مارس الماضي.

15