هل يتبنى قيس سعيد مبادرة اتحاد الشغل كأرضية للحوار الوطني

قدم الرئيس التونسي قيس سعيد في اللقاء الأخير الذي جمعه بأمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي تصورا يقضي بتفعيل مبادرة الحوار الوطني التي قدمها الاتحاد (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، في خطوة يرى مراقبون أنها تحمل رغبة من سعيد في المضي باتجاه الحوار مع انتظار لحظة توفر الظروف الملائمة لذلك.
تونس – رجح الاتحاد العام العام التونسي للشغل، إعلان الرئيس قيس سعيد خلال الأيام القليلة القادمة عن رؤيته لتفعيل مبادرة الحوار الوطني المقدمة إليه منذ بداية ديسمبر الجاري، بهدف إيجاد حلول للأزمة التي تضرب البلاد على جميع الأصعدة، ما يكشف رغبة الرئيس في إقامة الحوار مع توفر جملة من الشروط.
واعتبر الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سمير الشفي، "أن موقف سعيد من مبادرة المنظمة تطور"، مشيرا إلى "أنه من المنتظر أن يقدم الرئيس التونسي خلال الأسبوع المقبل رؤيته لتفعيل مبادرة الاتحاد للحوار الوطني".
وأشار الشفي في تصريح لصحيفة محلية، كذلك إلى أن اللقاء التشاوري الذي جمع سعيد بالأمين العام للمنظمة الشغيلة نورالدين الطبوبي، قد تطرق إلى "أهمية تفعيل مبادرة الحوار الوطني على أرض الواقع وعلى قاعدة الثوابت الوطنية"، على أن "تأخد بعين الاعتبار تدهور الأوضاع في تونس وأن كل السيناريوهات لا تنبئ بخير".
يذكر أن سعيد قد أكد خلال اللقاء الذي جمعه الأربعاء بالطبوبي، على "أن الحوار لا يمكن أن يكون على شكل الحوار السابق كما لا يمكن أن يكون هدفا في حد ذاته، بل يجب توفير كل الأسباب والشروط لنجاحه"، مجددا موقفة الرافض "للحوار مع الفاسدين" إلى جانب "العملاء والخونة".
وبعد مرور أكثر من أسبوعين على تقديم اتحاد الشغل مبادرة تنظيم الحوار لسعيد، ما زالت لم تتضح الرؤية بشأن الموقف الرسمي للرئيس، لكنّ مراقبين يعتبرون أن الرئيس مع تنظيم حوار بشكل مغاير لما تم إنتاجه في 2013 برعاية الرباعي الراعي آنذاك، أي أنه ينتظر توفر الظروف الملائمة لضمان نجاحه، فضلا عن إيجاد صيغ لتذليل الصعوبات التي تقف أمام المهمة.
كما يذهب البعض إلى أن الرئيس سعيد يسعى لتوفير ممهدات نجاح الحوار، ورجح هؤلاء أن يدعم مبادرة الاتحاد بإضافات وأفكار جديدة من شأنها أن تساهم في تعزيز حظوظ الحوار المرتقب.
وقال المحلل السياسي منذر ثابت "إن التحالف بين الرئيس سعيد والاتحاد العام التونسي للشغل وارد جدا، باعتبار أن سعيد لا يحبذ مناهج الأحزاب والاتحاد هو الحليف المثالي للرئيس وهذا التحالف استراتيجي".
وأضاف في تصريح لـ"العرب"، "في علاقة بالمبادرة من المؤكد أنه ستكون هناك إضافات خاصة من سعيد، وأعتقد أنه سيطرح أفكارا في علاقة بإصلاح النظام السياسي ستكون ذات بعد هيكلي وستتطرق للهنات في دستور 2014 في ظل تشبث حركة النهضة باختزال الإصلاحات في مراجعة النظام الانتخابي وقد ينحو منحى سياسيا، والمسألة بيد الاتحاد كما الرئيس ومفتاح الأزمة سياسي بالأساس".
وتابع "مرجعية سعيد هي الدولة القوية والراعية وهذا يضع حدودا في صلة بأن الدولة مراقبة للفعل في المجال الخاص، وهو سيعود إلى الدولة الراعية لتحقيق النصوص المنصوص عليها دستوريا".
ويبدو أن سعيد يسعى إلى تقديم شروط معينة كضمانات لنجاح الحوار الوطني، الذي بات مطلبا ملحا لإنقاذ البلاد والخروج من الأزمة، وهو ما يقرأ من خلال تجديد تأكيده في كل مرة على أنه لا حوار مع الفاسدين.
وكشف مساعد الأمين العام للمنظمة الشغيلة سامي الطاهري، أن "الاتحاد لم يقرر بعد اللقاء مع النهضة"، مؤكدا في المقابل أن هذه الحركة "ما زالت تحمي دعاة الإرهاب والأطراف التي تتهجم على المنظمة الشغيلة"، في إشارة إلى كتلة ائتلاف الكرامة.
واعتبر الطاهري في تصريح لوسائل إعلام محلية الجمعة، أن "الرسالة التي وجهها رئيس البرلمان راشد الغنوشي إلى الاتحاد والتي تتنصل من التهجمات وتعتبر أنها لا تلزم المجلس، غير كافية"، وذلك على خلفية "أنها لا تنص على التنديد أو اتخاذ الإجراءات الضرورية ضد هذه الاعتداءات المتواصلة".
وعلى الرغم من تأكيده على عدم محاورة الفاسدين، إلا أن الكثيرين يرون أن سعيد يريد تقديم شروط إضافية في علاقة بدقة المرحلة، ما يدعم حظوظ نجاح الحوار وأهمها تعديل النظام الانتخابي.
وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي في تصريح لـ"العرب"، "إن مبادرة الاتحاد هي مبادرة عامة وموقف سعيد هو عدم محاورة الفاسدين، أي أنه يطلب إقامة الحوار بشروط، أهمها أن يكون المجتمع المدني مشاركا أساسيا في الحوار وينتظر أن تتغير موازين القوى في الشارع، وطالب أيضا بمبادرة صلح جزائية وتعديل للقانون الانتخابي لإنقاذ المنظومة".
وأضاف بأن "سعيد يرى أن الأحزاب لفظها المجتمع وهو بذلك لن يعود إلى سيناريو حوار 2013 عندما كانت النهضة لها تمثيلية برلمانية، بل توجد قوى شعبية ستلعب دورها والنهضة وقلب تونس سيقتصر دورهما على التمثيلية الشعبية".
وبدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل، ينظم عدد من الجمعيات والمنظمات الوطنية والعديد من مكونات المجتمع المدني الجمعة، "وقفة احتجاجية للدفاع عن مدنية الدولة والتنديد بكافة أشكال العنف الذي ارتفع منسوبه في المجتمع والبرلمان وارتفاع خطاب الكراهية داخل مجلس نواب الشعب".
يشار إلى أن المنظمة الشغيلة، كانت قد نددت في بيان شديد اللجهة منذ أسبوع، بصمت رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، عن تنامي العنف بشتّى أشكاله داخل قبّة البرلمان، محمّلة "كلّ الأطراف الداعمة لهذه الكتلة الإجرامية أو المتحالفة معها، ومنها حركة النهضة، مسؤوليّتها في تشجيع العنف بالتحريض الخفيّ أو بالصمت".