هل تطيح السياسة بأعرق مهرجان للجاز في تونس

"طبرقة هبة الجاز"، مقولة كانت تنطبق في السابق على مدينة البحر والشعاب المرجانية، طبرقة التونسية (شمال غرب تونس)، نظرا لعراقة مهرجانها الدولي “مهرجان الجاز بطبرقة” الذي كان يعدّ من بين أبرز خمسة مهرجانات موسيقية عالمية، قبل أن يفقد البوصلة، وتتقاذفه رياح السياسة ذات اليمين وذات الشمال.
الأربعاء 2016/09/07
لم تعد طبرقة هبة الجاز

التأجيل تلو التأجيل، وأحيانا الإلغاء، كانت سمة مهرجان طبرقة الدولي للجاز في السنوات التي تلت ثورة 14 يناير بتونس، ولم تشذ برمجة هذا العام عن القاعدة، إلى أن رأى المهرجان النور فعليا، لكن ببرمجة محتشمة اقتصرت على ثلاثة عروض، لا غير.

عروض مهرجان هذا العام قدمها كل من الفنان المغربي عزيز سحماوي مع فرقة قناوة في افتتاح المهرجان، في حين آلت السهرة الثانية لعازفة الكمان التونسية ياسمين عزيز والفنانة الأرجنتينية كارين سوزا، ليختتم الفنان البريطاني الجنسية والنيجيري الأصل كيزيا جونس، بجانب مجموعة “مومو والأصدقاء”، ومجموعة “أفتر بارتي” وشريف كلايتن الدورة على مسرح “البازيليك”.

وقبل انطلاق المهرجان الذي انتهت فعالياته في الثالث من سبتمبر الجاري، عرفت برمجته وإدارته العديد من التجاذبات السياسية، التي كادت تؤدي إلى إلغاء الدورة أصلا، حيث لم تتقبل أطراف من المجتمع المدني التونسي الهيئة المنتخبة للمهرجان في دورته الحالية، بل وصل الأمر بأحد الأحزاب المعارضة في تونس إلى حد رفع دعوى قضائية على خلفية شبهة فساد وسوء تصرف في الأموال العمومية ضد كل من وزارة السياحة التونسية ومدير مهرجان الجاز بطبرقة.

ومن جانبه فنّد مدير المهرجان نبيل بن عبدالله في مؤتمر صحافي للإعلان عن برنامج المهرجان، ما راج حول شبهة الفساد المالية المتعلقة بميزانية المهرجان، موضحا أن الميزانية المرصودة من قبل وزارة السياحة تقدر بثلاثمئة وأربعة وخمسين ألف دينار (حوالي 177 ألف دولار)، وأن التكلفة الجملية للفنانين المشاركين على امتداد أيام الدورة بلغت واحدا وتسعين ألف دينار (حوالي 45 ألف دولار)، إلى جانب مصاريف الدعاية والإعلان وكل ما يخص تراتيب الإقامة والحفلات.

وأكد رئيس المهرجان المنتخب لمدة ثلاث سنوات أن أسباب تراجع المهرجان في السنوات الأخيرة تعود أساسا إلى ضعف في الميزانية، حيث أن الجهة الوحيدة الممولة للمهرجان هي الإيرادات المتأتية من النزل التونسية، معتبرا أن تراجع السياحة التونسية، منذ ضربات باردو وسوسة، وغلق عدد من النزل أبوابها، خاصة بطبرقة التي عرفت إغلاق تسعة نزل دفعة واحدة منذ انطلاق ثورة 14 يناير 2011، جعل ميزانية المهرجان تتراجع، علاوة على هروب البعض من المستثمرين في الإعلانات عن دورهم في مساندة المهرجان ودعمه.

ويعتبر المنظمون أن الدورة المنتهية، هي بمثابة التمهيد لدورة جديدة كبرى سنة 2017 سيقع الاشتغال على إعدادها من الآن، بهدف أن تكون في حجم الحدث وإعادة إشعاع المهرجان، ليتحول إلى موعد ثقافي فني وسياحي دولي يستقطب نجوما عالميين، كما كان في سنواته الأولى، وهو الذي تأسس في العام 1973 مستقطبا أهم الأسماء العالمية في موسيقى الجاز والبلوز.

ويبقى الحل في إنعاش المهرجان، ربما، رهين توسيع مسرح “البحر بالبازيليك”، حيث أن المسرح الحالي لا تتجاوز طاقة استيعابه الألف شخص، مما يقتضي الإسراع بالمشروع المعطل منذ زمن، والذي من المزمع أن تسع مدرجاته لحوالي سبعة آلاف متفرّج، الأمر الذي سينعش المدينة سياحيا وثقافيا.

16