ميليشيات السراج تذكي التوتر على الحدود مع تونس

المئات من التونسيين يقتحمون معبر رأس جدير على مرأى ومسمع أفراد الميليشيات الليبية التي تُسيطر على هذا المعبر من الجانب الليبي،
الأربعاء 2020/04/22
ميليشيات طرابلس تفاقم الفوضى

أذكت أحداث تدافع حشود من المغتربين التونسيين العالقين على رأس جدير المعبر الرئيسي مع ليبيا، المخاوف من أن تكون هذه العملية مفتعلة من قبل ميليشيات حكومة الوفاق، المدعومة من تركيا، في رسالة يرى مراقبون أنها تشير إلى مدى التوتر في العلاقات بين الجارتين نتيجة المواقف المرتبكة للسلطات التونسية من الأزمة الليبية.

تونس –  دفعت عملية الاقتحام الجماعي للمعبر الحدودي التونسي – الليبي المشترك، رأس جدير، بسلسلة لا تنتهي من الهواجس المشروعة، وسط قلق مُتصاعد غذته تساؤلات كثيرة حول رسائل هذه العملية ودلالاتها.

وتثير هذه المسألة الجدل لاسيما في هذا التوقيت، الذي ارتفعت فيه حدة الاضطرابات الأمنية في الجانب الليبي، وتشابكت مع تعقيدات سياسية أخرجت العلاقات التونسية – الليبية من دائرة الفتور الصامت إلى مربع التوتر الصاخب.

وأعادت هذه العملية التي ما زالت تفاعلاتها متواصلة، إلى الأذهان، فتوى “التدافع الاجتماعي” التي أطلقها رئيس حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي الذي يرأس حاليا البرلمان، أثناء دفاعه عن موجة المدّ السلفي الذي استهدف مُحاولة أخونة المجتمع التي عرفتها تونس طيلة فترة حكم الترويكا بقيادة النهضة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.

وأقدم المئات من التونسيين العالقين في ليبيا، مساء الاثنين الماضي، على اقتحام المعبر الحدودي، رأس جدير، على مرأى ومسمع أفراد الميليشيات الليبية التي تُسيطر على هذا المعبر من الجانب الليبي، وذلك في مشهد شبيه بإقدام الآلاف من اللاجئين السوريين في بداية شهر مارس الماضي على اقتحام الحدود التركية اليونانية بتخطيط من المخابرات التركية.

ويقع معبر رأس جدير الحدودي في أقصى الجنوب الشرقي التونسي على بعد 597 كلم عن تونس العاصمة، و175 كلم عن العاصمة الليبية طرابلس، وهو يخضع من الجانب الليبي لسيطرة كتيبة “جمال الغائب” المحسوبة على ميليشيات زوارة الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.

وتمت عملية الاقتحام بطريقة استعراضية وسط شعارات مناوئة للدولة التونسية ومُطالبة بإسقاط النظام، تخللتها هتافات التكبير التي جعلت معبر “رأس جدير” يتحول في جانبه التونسي إلى ساحة ساخنة، لم يعرف مثلها من قبل.

أحمد المسماري: الجيش أحبط هجوما للميليشيات على قاعدة الوطية العسكرية
أحمد المسماري: الجيش أحبط هجوما للميليشيات على قاعدة الوطية العسكرية

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر تدفق المئات من التونسيين على معبر رأس جدير الحدودي بعد أن تجاوزوا البوابة الحدودية من الجانب الليبي.

وأظهرت مقاطع الفيديو في موقع فيسبوك، الأوسع انتشارا في تونس، المئات من التونسيين وهم يقتحمون حواجز البوابة الرئيسية للمعبر الحدودي، ومع ذلك سعت السلطات التونسية إلى محاولة التقليل من شأن ما حدث، حيث نفت وزارة الداخلية تعرض المعبر الحدودي إلى عملية اقتحام.

وقالت في بيان لها، إنه “خلافا لما تم تداوله بخصوص دخول مواطنين تونسيين للتراب التونسي عنوة، فإنه تم قبول 652 تونسيا، يتواجدون حاليا على مستوى المعبر الحدودي رأس جدير، من جانبه التونسي”.

وأمام هذا الوضع، الذي أثار نقاط استفهام عديدة، وهواجس كثيرة، تباينت آراء المراقبين حول أبعاد هذا الاقتحام الجماعي.

واعتبر البعض ما حصل ردة فعل متوقعة من التونسيين العالقين في ليبيا على بطء استجابة السلطات الرسمية التونسية لمطالبهم بالسماح لهم بالعودة إلى ديارهم عبر فتح المعبر المُغلق منذ منتصف مارس الماضي ضمن إطار الإجراءات والتدابير المُتخذة للحيلولة دون تفشي فايروس كورونا المُستجد.

ولم يتردد البعض الآخر في وصفه بأنه رسالة مُشفرة من الميليشيات التي تُسيطر على المعبر الحدودي من الجانب الليبي، لها علاقة بتصريحات وزير الدفاع التونسي عماد الحزقي، التي وصف فيها القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج بأنها “ميليشيات”، ذلك أن عملية الاقتحام للمعبر بالطريقة التي تمت، ما كانت لتحدث لولا تساهل أو تواطؤ الجانب الليبي.

وذهب آخرون إلى القول إنه ما كان بإمكان التونسيين العالقين في ليبيا الإقدام على ما فعلوا لو لم يحصلوا على ضوء أخضر من أفراد الميليشيات الليبية، وذلك في سياق عملية تمويهية لإبعاد الأنظار عن خطة تكتيكية لها علاقة بتطور الأوضاع الميدانية في غرب ليبيا، خاصة وأن الاقتحام جاء قبل ساعات قليلة من إقدام ميليشيات حكومة السراج على شن هجوم فاشل على قاعدة الوطية العسكرية.

واستهدف سلاح الجو التابع للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، رتلا تابعا لميليشيات حكومة الوفاق جنوب مدينة العجيلات كان في طريقه للهجوم على قاعدة الوطية.

ويأتي ذلك الأمر في الوقت الذي أعلن فيه الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، أن الميليشيات الإرهابية والإجرامية قامت مساء الاثنين بالتقدم نحو قاعدة الوطية العسكرية بغرب البلاد “لجس نبض قوات الجيش”.

وأكد في تدوينة له في فيسبوك أن قوات الجيش “تصدت لها، حيث تمكنت من الاستحواذ على سيارة مسلحة ومدرعة تركية”.

ولفت إلى أن قوات الجيش التي سيطرت على بلدة العقربية، طاردت المهاجمين إلى منطقة جميل المحاذية للمعبر الحدودي رأس جدير، والتي تتمركز فيها كتيبة جمال الغائب.

Thumbnail
4