"منارات" تونس السينمائية تشع من كان الفرنسية على العالم العربي

صنع الجناح التونسي الحدث على الساحل اللازوردي بالمدينة الساحلية الفرنسية في مهرجان كان السينمائي الدولي الأخير، وهو الذي احتضن أكثر من مؤتمر صحافي لكل من أيام قرطاج السينمائية الـ30 والدورة الثانية لمهرجان السينما التونسية ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في دورته التاسعة، علاوة على المؤتمر الصحافي للإعلان عن الخطوط العريضة لمهرجان “منارات” السينمائي التونسي العربي في دورته الثانية.
بتنظيم من المركز الوطني للسينما والصورة التونسي، استعرضت تونس على هامش فعاليات الدورة الأخيرة لمهرجان كان السينمائي الدولي (14 مايو وحتى الـ25 منه) ملامح عامة عن مولودها السينمائي الجديد والمُعنون بمهرجان “منارات” في دورته الثانية، وذلك بحضور شيراز العتيري المديرة العامة للمركز الوطني للسينما والصورة بتونس، والمنتجة التونسية درة بوشوشة مديرة المهرجان الذي يحتفي بالسينما المتوسطية، والفرنسية صوفي رينو مديرة المعهد الفرنسي بتونس، وممثل عن المركز الوطني الفرنسي للسينما والصورة المتحركة، وذلك بالجناح التونسي في القرية الدولية.
تعاون مشترك
في المؤتمر الصحافي الذي حضره لفيف كبير من الإعلاميين من أكثر من بلد عربي وأوروبي تحدثت شيراز العتيري المديرة العامة للمركز الوطني للسينما والصورة التونسي عن أهمية اللقاءات المهنية التي انتظمت في الدورة التأسيسية لمهرجان “منارات”، وما أثمرته من تعاون وإنتاج مشترك لعدد من المشاريع العربية التي يتيح لها المهرجان فرص إيجاد مسالك للإنتاج المشترك مع المركز الوطني الفرنسي للسينما والصورة المتحركة أو مع الصناديق المتوسطية أو العربية، مشيرة في هذا الباب إلى الدعم الفرنسي والبلجيكي لفيلمين الأول لبناني والثاني فلسطيني، والذي أتى نتاج اللقاءات المهنية التي انتظمت في الدورة التأسيسية لمهرجان “منارات”.
كما تحدثت المديرة العامة للمركز الوطني للسينما والصورة بتونس عن منصة للفيلم العربي دون أن توضح تفاصيل هذه المنصة، قائلة “نحتفظ بالمفاجأة التي سنعلن عنها خلال مهرجان منارات”، ولقاءات مهنية مع سبعة مراكز سينمائية عربية وهي: تونس، الجزائر، المغرب، مصر، فلسطين، لبنان والأردن تعمل بشكل جاد في سبيل إيجاد مسالك وسبل للتعاون السينمائي المشترك.
وأعلنت مديرة مهرجان “منارات” المنتجة التونسية درة بوشوشة عن موعد الدورة الثانية لمهرجان منارات من غرة يوليو القادم وإلى السابع منه في عشرة شواطئ تونسية من شمالها إلى جنوبها، مؤكدة أن الدخول لحضور هذه العروض السينمائية مجاني، هدفها خلق ديناميكية سينمائية في فصل الصيف الذي يفتقر للتظاهرات السينمائية ولا يتحمس فيها الجمهور للذهاب للسينما، وهذا ما جعل المهرجان ينظم عروضا شاطئية، وهو الذي يذهب بالسينما حيث الجمهور.
واعتبرت درة بوشوشة المهرجان فرصة للجمهور التونسي لاكتشاف سينماءات جديدة متوسطية لا تحظى بفرص التوزيع في القاعات التونسية.
وتحدثت صوفي رينو مديرة المعهد الفرنسي بتونس عن قيمة هذا المهرجان، وقالت إن المعهد تحمس له مذ كان فكرة وتابع ولادته مع درة بوشوشة حتى دورته التأسيسية العام الماضي.
وأشاد ممثل المركز الوطني الفرنسي للسينما والصورة المتحركة باللقاءات المهنية المثمرة التي تنتظم في مهرجان منارات ونوّه بالورشات وقال إن المركز الوطني الفرنسي للسينما والصورة المتحركة شارك بـ17 فيلما في الدورة 72 لمهرجان كان السينمائي، ساهم في إنتاجها ودعمها، من بينها فيلم “طلامس″ للمخرج التونسي علاء الدين سليم الذي شارك في قسم “نصف شهر المخرجين”، إضافة إلى أربعة أفلام في المسابقة الرسمية، كما سبق له دعم فيلم “ولدي” للمخرج محمد بن عطية الذي قدّم بدوره في قسم “نصف شهر المخرجين” العام الماضي.
وشكل مهرجان “منارات”، المولود السينمائي التونسي والعربي الجديد، الذي احتضنته تونس صيف العام الماضي في دورته التأسيسية مناسبة للتوقيع على اتفاقية تأسيس “اتحاد مراكز السينما العربية”.
ويرنو مشروع اتحاد مراكز السينما العربية، إلى دعم الإنتاج المشترك والحفاظ على التراث السينمائي، والرقمنة والتدريب، وترجمة الأفلام وصناعة المهرجانات، وتسهيلات التصوير في دول الاتحاد، إلى جانب دعم توزيع الأفلام، وتبادل الخبرات والتعاون في مجال أفلام التحريك والواقع الافتراضي.
وضم الاتحاد في مرحلة أولى تونس والمغرب ومصر والجزائر والأردن، ليبقى المجال مفتوحا لكل دولة ترغب في الانضمام إلى هذا المشروع الطموح مع تقدم الدورات.
جناح كل العرب
على مدار أسبوعين هما عمر مهرجان كان السينمائي الثاني والسبعين، كان الجناح التونسي بالقرية الدولية على الساحل اللازوردي للمدينة الساحلية الفرنسية والطاقم المشرف عليه بمثابة خلية نحل لا يتوقف عن العمل، لقاءات، حوارات جانبية، مؤتمرات صحافية والأهم ترحيب مبجّل لكل الطواقم العربية المجاورة له، وهو الذي يحاذيه الجناح المغربي فالأردني على الترتيب، فزيارات العمل التشاركية لا تتوقف بينهم، مما يقيم الدليل على عمق الروابط الفنية العربية-العربية بين ثلاثتهم.
والأهم في كل ما سبق علاوة على احتضان الجناح التونسي للمؤتمر الصحافي لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في دورته التاسعة، الذي سبق وأن تناوله في “العرب”، فإن اللافت في هذا العام في ظل غياب أكثر من جناح عربي عن مواكبة فعاليات المهرجان العالمي الأعرق، كالجناح المصري والجزائري فقد كان الجناح التونسي السند والداعم لكل هؤلاء، وهو الذي فتح الباب على مصراعيه للوفد الفلسطيني، خاصة، ليقدّموا فيه آخر إنتاجاته وتصوراته ورؤاه السينمائية للزائرين المهتمين بجديد السينما العربية خاصة والعالمية عامة.
وعن هذا الاحتضان التونسي للوفد الفلسطيني الذي أقعدته بعض الأمور اللوجيستية المعقدة التي فرضها عليه الاحتلال الإسرائيلي في أن يكون لفلسطين جناحه الخاص، كما هي عادته في كل دورة من دورات مهرجان كان السابقة، قال أحد ممثلي الوفد الفلسطيني لـ”العرب”، “هذا الاستقبال الحسن والتبني لوفدنا من قبل الجناح التونسي، ليس بغريب عن شعب نشترك معه في الحب والدم”، مشيرا إلى الدماء المشتركة التونسية- الفلسطينية التي سالت في غرة أكتوبر 1985 بمدينة حمام الشط التونسية، حين قامت قوّات الاحتلال الصهيونية بقصف المدينة التونسية في محاولة للقضاء على قيادات منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تحتضنها تونس عصرئذ.