معرض "آرت بازل" يلجأ إلى البث الرقمي

إقامة المعارض عبر الإنترنت تمثل تطورا مهما للأحداث الفنية لكن البث الرقمي لا يصلح أن يكون بديلا لصالات المعارض التي تتيح رؤية الأعمال الحقيقية.
الأربعاء 2020/04/01
عرض افتراضي أبقى الفن على تواصل مع الجمهور

الأزمات عادة ما تُخلّف خاسرين وفائزين، وفي ظل الوضع العالمي العام الذي فرض على نصف سكان العالم الحجر الصحي ببيوتهم إثر تفشي فايروس كورونا المُستجد. وجد تجّار الفن في العرض الرقمي ضالتهم لتجنّب الركود الذي أصاب بضاعتهم.

باريس- زابينه جلاوبيتس- عندما تسبّب فايروس كورونا المُستجد في إلغاء معرض “آرت بازل”، وهو أحد أكبر الأحداث الفنية في العالم، قرّر التجّار المعنيون به تجربة حل تكنولوجي، في محاولة لتعويض بعض ما تكبّدوه من خسائر.

لذلك، وعوضا عن إقامة المعرض في “مركز هونغ كونغ للمؤتمرات والمعارض”، الشهر الماضي كما كان مُقرّرا سلفا، هرع الكثيرون من بين أشهر الأسماء في عالم الفن المعاصر، بحثا عن مكان في ما يعتقد أنه سيكون أول معرض بارز في العالم يُقام عبر الفضاء الافتراضي.

وقبل أن ينطلق المعرض بشكل ملائم الأسبوع الماضي، كان تم بيع سبعة من أصل 10 أعمال، في “غرفة العرض” الخاصة بتاجر أميركي اسمه جاجوسيان. وتضم هذه الأعمال، “ذا آذر سايد أوف ذا أويل ستين” لجورج بيلليتز، و”سبليندر إن ذا جراس” لماري ويذرفورد.

وبشكل إجمالي، شارك في المعرض 235 عارضا، وضم المعرض ألفي عمل، تبلغ قيمتها إجمالا 270 مليون دولار (250 مليون يورو).

ولم يكن الأمر مُذهلا من حيث التصفّح الإلكتروني، ولكن كان هناك مستوى مرتفعا من الاهتمام. وباع التاجر النمساوي تادايوس روباك، عملا من أعمال الفنان جول دي بالينكور، مقابل 140 ألف دولار (127 ألف يورو)، وذلك بعد ساعة واحدة من افتتاح فعاليات المعرض أمام كبار الشخصيات.

وكان العمل واحدا من بين العديد من الأعمال التي تمكّن روباك من بيعها. وقال التاجر، الذي يمتلك صالات عرض في باريس ولندن وسالزبورغ، إن أزمة فايروس كورونا تسبّبت في تراجع التوقّعات، كما لم يتمّ عرض الأعمال الأغلى ثمنا.

وقال روباك إن إقامة المعرض عبر الإنترنت تمثل تطوّرا مثيرا للاهتمام، ولكن قبل كل شيء، هو نوع من أنواع العرض الذي أبقى عالم الفن على تواصل، مضيفا “بعد الساعات الأولى القليلة، أجرينا الكثير من الاتصالات، وخاصة من آسيا”.

أحد أكبر الأحداث الفنية في العالم
أحد أكبر الأحداث الفنية في العالم

ورغم النجاح الذي حقّقته مبيعات المعرض، لا يعتقد روباك أن المساحات الافتراضية تصلح بديلا للمعارض الحقيقية، وأوضح “سنعمل دائما على أن نشجّع مُقتني الأعمال الفنية، على رؤية الأعمال الحقيقية”.

وعلى سبيل المثال، أبدى أحد العملاء اهتماما كبيرا بعمل للرسام الأميركي روبرت راوشينبرغ، المولود في عام 1925، والذي توفي في عام 2008، يبلغ سعره أكثر من مليون دولار. وقرّر المشتري المحتمل الانتظار حتى انتهاء أزمة كورونا، ليسافر إلى باريس لمشاهدة الصورة بنفسه.

يشار إلى أن معرض روباك في باريس مغلق بسبب الإغلاق العام الذي تفرضه السلطات الفرنسية، حاليا، في سياق مكافحة انتشار فايروس كورونا المُستجد. وكان ديفيد زويرنر من أوائل التجار الذين أقاموا “غرفة عرض” افتراضية في عام 2017.

وتقول إلينا سوبوليفا، مديرة مبيعات الشركة عبر الإنترنت، إن حجم التجارة الإلكترونية زاد بشكل كبير، حيث ارتفع بنسبة 159 في المئة على مدار عام 2018، وبنسبة 400 في المئة في عام 2019.

ومن بين اللوحات التي باعها زويرنر في “معرض فنون بازل هونغ كونغ” الافتراضي، لوحة للفنانة مارلينا دوماس، من جنوب أفريقيا، والتي جرى بيعها مقابل 2.6 مليون يورو.

"آرت بازل" يلجأ إلى العرض الافتراضي عبر الإنترنت في محاولة لتعويض بعض الخسائر التي تكبدّها تجّار الفن بسبب كورونا

وقالت سوبوليفا إن 40 في المئة من الاستفسارات عن المبيعات كانت من عملاء جدد. ولا تعتقد مديرة مبيعات الشركة أن النموذج الكلاسيكي للمعارض الحقيقية المقامة داخل المباني والمعارض التجارية، مُعرّضة للخطر، حيث ترى في غرف المشاهدة الافتراضية بديلا قابل للتطبيق بالنسبة لهواة جمع الأعمال الفنية، الذين ليس لديهم رغبة في السفر إلى دول أخرى بسبب مخاوف بيئية.

ويشار إلى أن دار روبرت كيتيرير للمزادات الفنية في مدينة ميونخ الألمانية، تجري بالفعل 90 في المئة من مبيعاتها عبر الإنترنت.

وتُقيم كيتيرير مزادات عبر الإنترنت، سجلت نجاحا كبيرا، لأعمال تتراوح قيمتها بين 10 آلاف و40 ألف يورو. وبعدما اضطرت إلى إغلاق صالات العرض الخاصة بها بسبب تفشّي وباء كورونا، واجهت كيتيرير صعوبة أقل في جذب البائعين إلى الفعاليات التي تُقام عبر الإنترنت، ولا يتوقّع إجراء مزادات حقيقية من جديد حتى شهر يونيو أو يوليو، على أقل تقدير.

والأزمات دائما تخلف الفائز والخاسر. وتخشى صالات عرض كثيرة، وخاصة تلك صغيرة ومتوسطة الحجم، على وجودها في باريس ولندن ونيويورك وبرلين.

ويقول فيرنر تامين، وهو صاحب معرض، ورئيس اتحاد معارض برلين، الذي يضم حوالي 70 عضوا، إنه يتوقّع حدوث بعض التعسّر المالي خلال الأشهر المقبلة في حال عدم وجود حماية مالية.

16