مطالب جديدة بغلق جمعية اتحاد علماء المسلمين في تونس

قوى سياسية وحقوقية تحذّر من خطورة مضامين الاتحاد.
الأربعاء 2021/09/01
الفكر المتشدد الوافد يحارب التدين التونسي المعتدل

لا يزال استمرار التعليم الديني الموازي لجمعية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يثير الجدل في الأوساط التونسية، حيث استنكرت قوى سياسية وحقوقية تواصل النشاط “الأيديولوجي” للجمعية التي تخدم مسارات الإسلام السياسي في البلاد، مطالبة بغلقها أكثر من أي وقت مضى.

تونس - تجدّدت مطالب التونسيين الداعية لغلق جمعية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالبلاد، وعبرت أطراف سياسية عن رفضها المطلق لتواصل نشاطها الذي يؤسس لأفكار متطرفة، تتعارض ومقومات الدولة المدنية.

وعبّر المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة، عن استغرابه من انطلاق “اتحاد علماء المسلمين” في التسجيل لمجموعة من الدورات التدريبية، في وقت كان الدعوات تطالب بغلق مقر هذه المنظمة.

وحذّر المرصد، في بيان له الثلاثاء، من “خطورة المضامين التي يروجها هذا الاتحاد، المُصنّف إرهابيّا من قبل العديد من دول العالم، والتي تتعارض مع المبادئ الدستورية المدنية ومع القوانين التونسية خاصة في مجال الأحوال الشخصية، وإلى ما تحتويه من فكر ظلامي سلفي ومن حثّ على التكفير والعنف، ممّا يبعث في شبابنا روح الكراهية والإرهاب”.

وقال منير الشرفي رئيس المرصد في تصريح لإذاعة محلية، “طالبنا بغلق مقري الاتحاد في تونس وصفاقس (جنوب) لكن لم يتم الاستجابة لهذا لطلب بسبب المساندة التي كان يحظى بها من الحزب الحاكم في إشارة إلى حركة النهضة، لهذا نوجّه النداء اليوم إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي شنّ حربا ضدّ الفساد لكنه لم يتخذ أي إجراء بخصوص الفساد السياسي وسيطرة الإسلام السياسي على الدولة”.

وتنشط هذه الجمعيات تحت يافطة العمل الخيري، وتعمل على اختراق النسيج الاجتماعي وتقديم نفسها سندا للمواطنين، وتعتبر أداة من أدوات حركة النهضة لأخونة المجتمع، وغطاء لكل التحويلات المالية المشبوهة.

رافع الطبيب: الخطر يكمن في تكوين طائفة مجتمعية جديدة

وأكد عبيد البريكي، أمين عام حركة تونس إلى الأمام، أن “الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، لا بدّ أن تتبع بسدّ المنافذ التي تدعم الإرهاب ومنها جمعية اتحاد علماء المسلمين، لكن يبدو أن كثرة المشاكل جعلت سعيّد يهتم ببعض الأولويات على غرار مقاومة الفساد وحماية قوت التونسيين”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “من يريد أن يأخذ موقفا من الإسلام السياسي في البلاد، يجب أن يتبعه قرار إداري وقانوني”، قائلا “هذه الجمعية تدعم من البداية مسار الإسلام السياسي وتدفع الشباب نحو المحارق وسياسة فتح الحدود أمام الإرهابيين”.

وتابع البريكي “يجب مقاومة الإسلام السياسي عبر فتح ملفات التسفير نحو بؤر التوتر والاغتيالات السياسية، ثم التدقيق في نشاط الجمعيات المشبوهة ومنها هذه الجمعية”.

والإثنين، أعلن الحزب الدستوري الحر، أنّه سيُنظّم الجمعة القادم وقفة احتجاجية نسائية للمطالبة بغلق جمعية اتحاد علماء المسلمين بتونس.

وقال الحزب في بلاغ صادر عنه “إنّه سيقع تنظيم وقفة احتجاجية نسائية تحت شعار ‘نساء تونس غاضبات’ قرب مقر جمعية ‘اتحاد علماء المسلمين فرع تونس’ الكائن 36 شارع خيرالدين باشا تونس بداية من الرابعة والنصف بعد الزوال”.

وأضاف أن الوقفة الاحتجاجية تأتي في إطار المطالبة بـ”غلق هذا الوكر الذي ينشر الفكر الإخواني لتنظيمه الأم الذي أسسه يوسف القرضاوي ويجاهر بتبني فكر حركة طالبان الأفغانية المعادية لحقوق النساء والقامعة لحرياتهن ويكفر من يحاول التخلص من التنظيمات الإخوانية”.

ويرى متابعون أن هذه الجمعية المشبوهة تقوم بالتدريس الموازي وتعتمد مناهج وبرامج تعليم تضرب وحدة المنظومة التربوية وتناهض مجلة الأحوال الشخصية التونسية، فضلا عن كونها منظومة تؤسس لفكر متطرف وصناعة طائفة جديدة في المجتمع وفقا لأفكار أيديولوجية.

  وأفاد المحلل السياسي رافع الطبيب في تصريح لـ”العرب”، أن “هناك منظومة كاملة اشتغلت مع الإسلام السياسي، وهي منظومة تعليمية لتكوين كوادر معينة، حيث إن أكبر مشكلة اعترضت النهضة منذ 2011، هي كيفية ملء مناصب الدولة بالكوادر التي تتبعها، وبالتالي جاء دور جمعية القرضاوي للقيام بالمهمة”.

وأضاف “الخطر يكمن في تكوين أشخاص خارج نواميس المجتمع وعلاقاتنا، وبالتالي تكوين طائفة جديدة”، قائلا “غلق الجمعية يتطلب قانونا يحرّم أي نوع من التعليم لا يحترم مقررات التعليم في تونس”.

عبيد البريكي: مقاومة الإسلام السياسي تبدأ بالتدقيق في نشاط الجمعيات المشبوهة

وتابع “الجمعية تتبنى فكرا داعشيا ومحتويات التدريس التي تبثها ضد المجتمع، وهي تقوم أساسا على التكفير والاستعلاء، وإذا أردنا الانتصار عليها يجب علينا الإقرار جميعا أن لا أحد بمفرده قادر على ذلك”.

وفي وقت سابق، وجه رئيس المركز الدولي للحوار حول الحضارات والأديان والتعايش السلمي لطفي الشندرلي، نداء إلى مصالح الدولة بفتح تحقيقات بخصوص هذا الفرع والقائمين عليه والتقصي حول أنشطتهم ومصادر تمويلاتهم خصوصا أن من بين أعضائه من سبق أن دعا إلى الجهاد في سوريا.

وأكّد الشندرلي أن العديد من الأسماء الناشطة بالمجتمع المدني والسياسي تنتمي لهذا الفرع على غرار وزير الشؤون الدينية السابق نورالدين الخادمي وعبدالله الوصيف (أستاذ بجامعة الزيتونة) متهما هذا الفرع بنشر الفكر الإخواني المتطرف من خلال الدورات التكوينية التي نظمها واستقطب خلالها عددا من الشباب.

وحسب مراقبين، تتوفر معطيات مؤكدة عن وجود تجاوزات بجامعة الزيتونة خاصة أن بعض الأساتذة والمدرسين سبق لبعضهم أن دعوا إلى الجهاد في سوريا على غرار مختار الجبالي، وهو خطر يحدق بالجامعة والطلبة لاسيما وأن أساتذة وأعضاء اللجنة المشرفة على رسالة الدكتوراه تعلقت بهم شبهات في انتمائهم إلى تنظيمات فكرية متطرفة.

وفي وقت سابق، وقع عدد من الجامعيين على عريضة ضد نشاط هذه المؤسسة، وقالوا إنه يتعارض مع القانون المدني للبلاد ومع مبادئ الدستور، ووصفوها بـ”المؤسسة الطائفية” التي ساهمت في التغرير بالشباب وإرسالهم للقتال في بؤر التوتر، فضلا عن الإحراج الذي تسببه للدبلوماسية التونسية بالنظر إلى تصنيف اتحاد القرضاوي منظمة إرهابية في عدد من الدول.

واستخدمت حركة النهضة، جمعيات مثل “الإسلام يجمعنا” و”صفاقس الخيرية” و”رابطة العمل الخيري”، و”الإنصاف والعدالة” وغيرها، خلال الحملات الانتخابية لشراء الأصوات، كما وظفتها بعض الدوائر المشبوهة في دعم الإرهاب ونشر الفكر المتطرف.

4