مبادرة مصرية تؤهل الشباب لغزو أسواق العمل العربية

"وظيفة تك" توفر قروضا ميسرة والسداد بعد الالتحاق بالوظائف.
الثلاثاء 2019/11/05
التكنولوجيا تغير شكل تأهيل العمالة

كشفت القاهرة عن مساع جديدة لفتح آفاق للشباب المصري في أسواق العمل العربية، من خلال برامج تأهيلية وفق احتياجات الشركات، في خطوة لتعزيز التنافسية التي تراجعت خلال الفترة الماضية لصالح العمالة المؤهلة من دول جنوب شرق آسيا.

القاهرة - دفعت الحكومة المصرية بمبادرة “وظيفة تك” التي تستهدف تنمية الموارد البشرية، وتوفير فرص عمل تدعم قدرات الشباب في مواجهة تحوّلات الاقتصاد الرقمي المتسارعة بوتيرة كبيرة في منطقة الخليج.

وتنفّذ المبادرة أكاديمية فنون التسويق الرقمي المتخصصة في البرامج التدريبية والتعليمية في مصر والمنطقة العربية، بالتعاون مع وزارتيْ الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتضامن الاجتماعي، أملا في زيادة أعداد الكوادر المؤهلة لسوق العمل في مصر والمنطقة العربية.

وفتحت “وظيفة تك” مجالا واعدا للشباب المشاركين في الدفعة الأولى من المبادرة، وقامت بتأهيلهم للعمل في عدد من الوظائف في السعودية، وبعض الشركات عابرة القارات العاملة في السوق المصرية.

ويقدّم بنك ناصر الاجتماعي قروضا ميسرة دون فائدة للمتدربين بقيمة تكلفة البرنامج التدريبي، ويسدّده المتدربون بعد حصولهم على الوظيفة من رواتبهم على دفعات شهريا، تصل إلى ثلاث سنوات.

وتختلف تكلفة التدريب باختلاف التخصص، كما توفر المبادرة للقطاعات والشركات المختلفة فرصا لتلبية احتياجاتهم من التوظيف.

أحمد صبري: المبادرة تعزز الثقة في العمالة أمام تحديات التحول الرقمي
أحمد صبري: المبادرة تعزز الثقة في العمالة أمام تحديات التحول الرقمي

وتتولّى الشركات مسؤولية اختيار المتدربين، ويتمّ توفير التصميم الفني للبرنامج التدريبي، وتلتزم الشركات بتوظيف المتدربين وفي نهاية البرنامج، ولا تقلّ مدة عقود التوظيف التي تقدّمها الشركات للمرشّحين المؤهلين عن سنة.

وقال أحمد صبري الرئيس التنفيذي لأكاديمية فنون التسويق الرقمي لـ”العرب”، إن “هناك إقبالا كبيرا على المبادرة بعد النتائج الإيجابية التي لمسها الشباب في المرحلة الأولى”.

وأوضح أن المبادرة تضاعف الثقة في كفاءة وقدرات العمالة المصرية، وفق متغيّرات التحوّل الرقمي التي تشهدها المنطقة.

وتعزز المبادرة قيمة قوة العمل المصرية البالغة نحو 28.9 مليون شخص، وتعيد رسم ملامحها كثروة بشرية بدلا من النظر إليها على أنها عبء نتيجة زيادة عرضها أمام طلبات السوق الفعلية.

وكشفت نشرة القوى العاملة لجهاز الإحصاء المصري عن انخفاض معدل التشغيل الكلي ليبلغ 38.2 بالمئة خلال الربع الأول من 2019، مقارنة بنحو 39.6 بالمئة قبل عام.

وأشار صبري إلى أن المبادرة تستعد حاليا لإطلاق حملة ضخمة للتعريف بالفرص التي تقدّمها “وظيفة تك” للشباب في جميع أرجاء البلاد، فضلا عن تنظيم فعاليات للتوظيف، لتحفيز الشباب على المشاركة وتأهيلهم لسوق العمل.

وما يزيد من أهمية المبادرة أن القطاع الخاص يقدّم البرامج التدريبية وفق احتياجات السوق الفعلية، وتتم دراسة متطلبات العمل محليّا وإقليميّا، ما يعزز من فاعلية تلك البرامج في تأهيل الشباب لسوق العمل بشكل أكثر كفاءة.

وقال محمد طوسون خبير الموارد البشرية لـ”العرب”، إن “التدريب على برامج الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مُكلف للغاية من الناحية المادية، فيما يعدّ قرار وزارة الاتصالات منح المبادرة مقابل أموال يضمن جدية من يتقدّمون إليها”.

وكان عدد من المشاركين في الدورات التأهيلية المجانية يتركون البرنامج التدريبية بعد قبولهم، وبالتالي يضيعون فرصة على أعداد كانت ترغب في المشاركة.

وأوضح طوسون أن المبادرة خطوة هامة، لأن الوظائف المطلوبة على الساحة سواء للعمل بدول الخليج أو أوروبا، وفي مقدمتها مصمّمو ومطوّرو البرامج والوظائف التكنولوجية المتنوعة، تمنح المبادرة فرصة للاستفادة من تصدير العمالة للخارج.

ووفق الأرقام، تراجع أعداد تصاريح العمل للمصريين في الخارج بنحو مليون تصريح خلال العام الماضي، مقارنة بنحو 1.2 مليون في العام السابق عليه.

وتتصدّر السعودية المركز الأول في تشغيل العمالة المصرية بحوالي 51 بالمئة من إجمالي العمالة، تليها الكويت بنحو 23 بالمئة، ثم الأردن بنحو 12.5 بالمئة، ورابعا الإمارات بنحو 10 بالمئة.

ويرى محمد سعيد، رئيس شعبة البرمجيات بجمعية اتصال لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أن مبادرة “وظيفة تك” لامست مشكلة رئيسية تعاني منها مصر وهي نقص العمالة المدربة، والتي تفاقم من أوضاع معدلات البطالة.

ووصف سعيد في تصريح لـ”العرب” تعامل وزارة الاتصالات مع المبادرة بأنه “يغلب عليه الطابع التجاري، ويرهق الشباب المقبلين على العمل، حيث تتراوح تكلفة البرامج بين 1200 دولار و2400 دولار، وهو رقم كبير يحتاج إلى دعم حكومي لتخفيضه، رغم أنه يسدَّد على أقساط”.

والهدف من تلك المبادرات تخفيف معدلات البطالة، وبدراسة التكلفة والعائد، فإن فاتورة تكلفة البطالة وما يصاحبها من أمراض اجتماعية تفوق بكثير أي عوائد، وبالتالي من الممكن المشاركة في المبادرة مقابل تكلفة رمزية، بدلا من وضع شروط تبدو تعجيزية أمام الشباب المقبلين على العمل.

فتح أفاق جديدة للشباب المصري
فتح أفاق جديدة للشباب المصري

وأشار سعيد إلى أنه بمقارنة المبادرة الحالية والمبادرة التي شهدتها مصر عندما تولى الدكتور أحمد نظيف وزارة الاتصالات في عام 2004 وانتهت في عهد وزير الاتصالات طارق كامل عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011، يتبيّن أنها أهلت أعدادا كبيرة من الشباب مجانا لسوق العمل، وصدرت مصر من خلالها قوى عاملة عديدة لدول
الخليج.

وكانت المبادرة التي أطلقتها وزارة الاتصالات آنذاك تقوم على تدريب شباب الخريجين من حملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة والعليا مجانا على المهارات الأساسية لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والإنترنت.

وأكد فؤاد ثابت، رئيس جمعية بورسعيد للصناعات الصغيرة والمتوسطة، لـ”العرب” أن تدريب الشباب والخريجين على مهارات التكنولوجيا تحت إشراف الحكومة في جميع الأحوال يكون من خلال المنح.

وأشار إلى أن قيمة المصروفات المطلوبة في مبادرة “وظيفة تك” تقلّل من فرص مواصلة نجاحها، في الوقت الذي أثبتت فيه مؤشراتها نجاحا ملموسا في تصدير العمالة للخارج، فضلا عن تأهيل أجيال جديدة قادرة على مواجهة سوق العمل.

11