القاهرة تلجأ إلى القروض الإلكترونية لتحفيز المشاريع الصغيرة

طرحت مصر برامج تمويلية جديدة لمنح قروض سريعة للمشروعات الصغيرة والمتناهية لتحفيزها على النمو وتعزيز قدرتها الفائقة على تشغيل الاقتصاد وتوفير فرص عمل مباشرة، فضلا عن تشجيعها للانضمام إلى الاقتصاد الرسمي والعمل بشكل شرعي، وهو ما يمثل اختبارا جديدا للمنظومة الاقتصادية ونجاحها في تجاوز العثرات.
القاهرة - أعلن بنك مصر عن أول قرض سريع لتمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية تستغرق إجراءاته خمسة أيام فقط بعد أن كانت تستمر لمدة أسابيع، بما يعزز قدرة هذا القطاع على إنعاش الاقتصاد وسرعة دوران حركة الإنتاج.
وتتراوح حدود التمويل الجديد بين 6500 دولار و128 ألف دولار بحسب حجم المشروع وقدرته على سداد أقساط الدين.
وشجع المنتج التمويلي الجديد جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التابع لوزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع بنك مصر لتوقيع اتفاق يحمل شعار “تمكين” بموجبه يقوم البنك بمنح قروض لنحو عشرة آلاف شاب.
وتكمن أهمية الحزم التمويلية السريعة في نشر ثقافة العمل الحر لدى الشباب، إذ يظل عبء تمويل المشاريع يعيق طموحاتهم، الأمر الذي يسهم في مواجهة البطالة في مجتمع تتسم تركيبته السكانية بأنها فتية.
ويمثل الشباب تقريبا ربع السكان البالغ عددهم نحو 110 ملايين نسمة، فيما تصل نسبة من هم في سن 15 عاما فأقل إلى نحو الثلثين، الأمر الذي يعزز من دور المشروعات الصغيرة والمتناهية لتلبية طموح هذه القوة البشرية لتصبح فاعلة قبل أن تتحول إلى قوى ناقمة.
ولا تحتاج المشروعات متناهية الصغر إلى أصول كبيرة بما يعزز نموها، لكنها تحتاج إلى إعادة ترتيب لأولويات الحكومة عبر تخصيص مناطق صناعية لها بأسعار منخفظة تناسب قدرات الشباب.
وتكمن أهمية هذه الخطوة في وضع قطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية على الطريق الصحيح، ومنع تأسيسها في البداية داخل الكتل السكنية، ما يفضي إلى عشوائية جديدة تضاف إلى المشكلات التي تعاني منها الحكومة في ضم القطاع إلى المنظومة الرسمية للاقتصاد.
وقال محمد الإتربي رئيس بنك مصر لـ”العرب” إن مصرفه “رصد تمويلات بقيمة 256 مليون دولار عبر منتجه الجديد ‘قرض إكسبريس’ للمشروعات الصغيرة والمتناهية”.
ويتيح البنك فرص طلب القرض عبر موقعه الإلكتروني دون الحاجة إلى الذهاب إلى مقرات الفروع، ويتم البت في طلبات القروض والرد عليها لحظيا.
وبلغت محفظة تمويل المشروعات الصغيرة في بنك مصر 3 مليارات دولار العام الماضي، وقدم تمويلات بلغت 2.7 مليار دولار ضمن مبادرة البنك المركزي المصري لدعم القطاع الصناعي البالغة 6.4 مليار دولار بفائدة 8 في المئة.
ويولي المركزي المشاريع متناهية الصغر أهمية خاصة، إذ رصد لها حزمة تمويلية بقيمة 1.7 مليار دولار بعد إصدار القانون الخاص بهذا القطاع لاستهداف ضم 10 ملايين مستفيد من حزم التمويل الممنوحة لهذا القطاع إلى منظومة الاقتصاد الرسمي.
ويعفي المركزي البنوك المشاركة في مبادرة تمويل المشروعات المتناهية من نسبة الاحتياطي التي تسددها له شهريا والبالغة 10 في المئة، وبالتالي تحفز الخطوة البنوك على المشاركة في منح تمويلات بفائدة 5 في المئة، ما يعزز من عوائدها بنسبة 15 في المئة.
وأمعنت القاهرة في الحوافز وأطلقت مبادرة لإلغاء جميع الرسوم التي تتحملها شركات القطاع الخاص الصغيرة والمتناهية على خدمات التحصيل الإلكتروني.
وتسعى عبر تلك الخطوة إلى تشجيع المشروعات الصغيرة والمتناهية على الاندماج في الاقتصاد الرسمي بشكل يضمن كفاءة حركتها داخل نطاق الاقتصاد بشكل كامل.
ويسهم القطاع بنحو 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المصري، ويغطي نحو 90 في المئة من التكوين الرأسمالي للنشاط الاقتصادي، ويسيطر على نحو 13 في المئة من قيمة الإنتاج الصناعي.
وأكد الخبير المصرفي محمد عبدالعال أن الهدف من تفعيل القروض الإلكترونية للمشروعات الصغيرة هو التيسير على أصحابها في الحصول على التمويل بشكل سريع دون تعقيدات، إذ لا تقوى هذه الفئة على الإجراءات التقليدية التي تنفذها الشركات الكبرى مثل الضمانات والتصنيف الائتماني وتحليل الميزانيات.
وقال لـ”العرب” إن “التمويل عبر القروض الإلكترونية يحقق عددا من العوامل، منها تقدير الملاءة المالية للمشروع من خلال مقاييس جديدة تعتمد على التقييم الرقمي لسلوك المشروع ومعاملاته المالية”.
وتقوم بهذه المهمة شركة “آي سكور” للاستعلام الائتماني التابعة للحكومة، حيث ترصد جميع المتغيرات إلكترونيا، لذلك يتم البت في بعض القروض لحظيا، وتحديدا للمشروعات التي تتمتع بسرعة في حركة دورات رأسمالها، ومنها المطاعم وعمليات البيع والشراء بغرض المتاجرة.
وتحقق الآلية الجديدة مرونة في التعاملات بين صاحب المشروع والبنك ما يخفض تكاليف وإجراءات الاقتراض، كما تعزز الشمول المالي لأنه لا يمكن لمن لا يملك حسابا مصرفيا الاستفادة بالقرض الإلكتروني، بالتالي فأول خطوة للحصول على التمويل فتح حساب مصرفي.
وأوضح علاء السقطي رئيس اتحاد المشروعات الصغيرة والمتوسطة أن القروض الإلكترونية تعزز قدرة المشاريع الصغيرة على التمويل، فالأسلوب الجديد يتجاوز مشاكل البيروقراطية.
وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن الحصول على القروض بشكلها التقليدي يرهق أصحاب المشروعات، لأنها تستلزم تردد صاحب المشروع مرات عدة على البنوك ليستوفي متطلبات الحصول على القرض، لكن القروض الإلكترونية حلت هذه المشكلة.
وفطنت البنوك إلى القروض السريعة بعد أن كانت مقتصرة على الجمعيات المتخصصة في إقراض هذا القطاع، وكانت تمنح أصحاب المشروعات الصغيرة والمتناهية قروضا فورية.
ويصل عدد الجهات المرخص لها بمنح التمويل متناهي الصغر نحو 755 مؤسسة وجمعية أهلية عبر 1425 مقرا بمختلف محافظات مصر.
وكشفت بيانات هيئة الرقابة المالية عن نمو محفظة التمويل الممنوح للمشروعات متناهية الصغر من الجمعيات والمؤسسات الأهلية وشركات التمويل إلى نحو 1.2 مليار دولار استفاد منها نحو 3.2 مليون مواطن.
وسيطرت الإناث على نحو 63 في المئة من حجم التمويل بما يتجاوز مليوني سيدة، الأمر الذي يكشف قدرة القطاع على تشغيل السيدات بشكل يفوق الرجال في التعامل مع هذا النشاط.
ورغم أهمية التمويل بالنسبة إلى المشروعات الصغيرة والمنتهية الصغر إلا أن هناك حاجة لمساعدتها في تسويق منتجاتها لضمان سرعة دورانها، حيث يدرس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين بالتعاون مع جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة إنشاء منصة لتسويق منتجات المشروعات الصغيرة.
ويجري بالتوازي تأسيس شركة حكومية لتسويق منتجات الشباب الخريجين ومنحهم دعما كاملا للمشاركة في المعارض بالداخل والخارج لمساعدتهم على فتح أسواق جديدة لمنتجاتهم.