كوميسا تفتح الأبواب أمام انتعاش الاقتصاد التونسي

دخلت تونس عهدا جديدا في علاقاتها مع القارة الأفريقية بعد انضمامها رسميا إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (كوميسا)، التي يمكن أن تمكنها من إنعاش اقتصادها المتعثر، من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول المجموعة في كافة المجالات، وفي مقدمتها التبادل التجاري والاستثمارات
تونس - اعتبر خبراء ومسؤولون تونسيون أن إحداث الحكومة لاختراق في سياسة التبادل التجاري مع القارة الأفريقية من خلال الانضمام إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (كوميسا) ستكون له انعكاسات إيجابية في الفترة القادمة.
ووافقت القمة العشرون لرؤساء دول وحكومات الكوميسا، التي اختتمت فعالياتها أمس بالعاصمة الزامبية لوساكا، على قبول العضوية الكاملة لتونس في إحدى المجموعات الاقتصادية الإقليمية الثماني المعترف بها من الاتحاد الأفريقي، بعد ماراثون طويل من المفاوضات بدأ منذ مطلع 2016.
ولا تعول تونس على تعزيز صادراتها فقط، بل لديها رؤية اعتمدتها منذ بداية المفاوضات مع المجموعة بعد أن حركت دبلوماسيتها الاقتصادية، من أجل بلوغ أعلى درجات التكامل الاقتصادي الشامل مع أعضاء كوميسا التي تتشكل من 19 بلدا.
وقال وزير الخارجية خميس الجهيناوي إن “حرص تونس على الانضمام للاتفاقية يأتي لتمسكها بعمقها الأفريقي وسعيها إلى تطوير التكامل والاندماج القاري”.
وتخوّل العضوية الكاملة لتونس في كوميسا بشكل آلي، الانضمام إلى منطقة التبادل الحر الثلاثية المكوّنة من مجموعة كوميسا ومجموعة الشرق الأفريقي (إي.أي.سي) ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (أس.أي.دي.سي).
ولا يتجاوز حجم التجارة التونسية مع دول القارة حاليا نحو 5 بالمئة من حجم المبادلات التجارية، بينما تبلغ أكثر من 50 بالمئة مع دول أوروبا.
ولدى المسؤولين قناعة بأن التصدير يعد مسألة وجودية بالنسبة للاقتصاد التونسي، وبالتالي لا بد من الإسراع في تطويره وتعزيز احتياطات البلاد من العملة الصعبة بعد أن تراجعت بشكل مفزع في السنوات الأخيرة بلغت وفق أحدث الأرقام 4.4 مليار دولار.
وكتب رئيس الحكومة يوسف الشاهد في تدوينة على حسابه في فيسبوك يقول فيها إن “انضمام تونس إلى هذه السوق المشتركة سيفتح أمام الصادرات التونسية أسواقا كثيرة من خلال إزالة الحواجز الجمركية أمام البضائع المحلية، وهو ما سيزيد في قدرتها التنافسية”.
وأضاف إن “السوق التي تضم نحو 500 مليون نسمة ومجموع الناتج الإجمالي لها يقدر بنحو 800 مليار دولار والمبادلات التجارية التي تصل إلى حدود 250 مليار دولار سنويا ستكون حافزا إضافيا لتعزيز صادراتنا، وبالتالي تسريع نسق النمو وتوفير فرص عمل جديدة”.
وأعلنت الحكومة في يونيو الماضي، عن حزمة إصلاحات عاجلة تهدف بالأساس إلى ترويض العجز التجاري الكبير مع بدء العد التنازلي لانضمام البلاد رسميا إلى كوميسا، من بينها إطلاق خطين بحريين جديدين نحو أفريقيا.
ويتوقع المسؤولون أن تنمو الصادرات التونسية بفضل الخطين البحريين بنسبة تتراوح بين 3 و4 بالمئة سنويا، وهو ما يتيح السلطات من ردم جزء من العجز التجاري المتفاقم، والذي يتجاوز 6 مليارات دولار حاليا.
وتأمل تونس في رفع حجم المبادلات التجارية مع مختلف بلدان أفريقيا ليتجاوز حاجز المليار دولار سنويا، كما تطمح إلى رفع معدل الاستثمار أيضا ليبلغ نحو 8.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2020.
ويبذل المسؤولون جهودا للتغلب على عوامل الضعف المتعلقة بنقص التغطية الدبلوماسية في القارة وكذلك الربط الجوي من خلال دعم تواجد الخطوط التونسية في دول أفريقيا بأسرع وقت ممكن.
وقال وزير التجارة عمر الباهي في وقت سابق هذا العام إن “الوزارة تعكف على رقمنة المعاملات التجارية وأن الحكومة تعمل على تفكيك العقبات أمام المستثمرين الأجانب وخاصة في ما يتعلق بالقطاع اللوجستي والجمارك وعمل البنوك”.
ويمثل ضعف تواجد البنوك التونسية في دول القارة مشكلة مزمنة تعيق الوصول إلى أسواق القارة.
ولطالما دعا اقتصاديون إلى استنساخ التجربة المغربية في الاستحواذ على البنوك الأفريقية، ما سهّل الصادرات والمعاملات التجارية للرباط مع القارة.
وكان رجال أعمال تونسيون قد أسسوا في 2015، مجلس الأعمال التونسي الأفريقي، لتعزيز التعاون الاقتصادي بين تونس وبلدان أفريقيا.
قفزة جديدة للاستثمارات الأجنبية في تونس
تونس - تظهر أحدث المؤشرات أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس حققت قفزة خلال النصف الأول من هذا العام بنحو 16.8 بالمئة، بمقارنة سنوية، مدفوعة بجهود حكومية للحد من العقبات أمام المستثمرين من بينها تقليص التراخيص والحد من البيروقراطية. وبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية، بحسب بيانات رسمية نشرتها وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي على موقعها الإلكتروني 10.7 مليار دينار (406 ملايين دولار)، بينما بلغت في الفترة نفسها العام الماضي، 918.3 مليون دينار (374.8 مليون دولار).
وتشير الإحصائيات إلى أنّ الاستثمارات الخارجية واستثمارات المحافظ صعدت بنحو 17.7 بالمئة، إلى 1.14 مليار دينار (432.5 مليون دولار). وتصدر قطاعا الطاقة والصناعة، النصيب الأكبر من الاستثمارات بقيمة 526 مليون دينار (199 مليون دولار) و403 ملايين دينار (152 مليون دولار) على التوالي. واستعادت تونس منذ 2016 نسق صعود الاستثمارات الأجنبية المباشرة بعد سنوات من التباطؤ منذ عام 2011 بسبب الاضطرابات وتبعاتها على الاقتصاد المحلي ومناخ الاستثمار. وتعهدت الحكومة مرارا بإلغاء العديد من التراخيص الإدارية، التي تعرقل جهود استقطاب المستثمرين الأجانب.
وبات متاحا منذ منتصف يونيو الماضي، استخراج بعض الوثائق المتعلقة بإنجاز المشاريع الاستثمارية عبر الإنترنت. وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في مايو الماضي، في أول تقرير لها عن الاقتصاد التونسي إن “على تونس أن تحسن مناخ الاستثمار وتقلص التعقيدات الإدارية لكي تجذب مزيدا من الاستثمار وتوفر فرص عمل جديدة”. وتستهدف تونس، التي بدأت العام الماضي تطبيق قانون جديد للاستثمار، إعادة جذب المستثمرين الأجانب بعد سنوات من الركود بسبب الوضع الأمني الهش وتزايد الإضرابات. ويتضمن القانون الجديد حوافز للمستثمرين التونسيين والأجانب من بينها خفض الضرائب ومساهمة الدولة في إنجاز البنية التحتية للمشاريع الكبرى.