"قابس سينما فن" مهرجان تونسي يراهن على سينما المؤلف

المهرجان سيقدم أعمالا سينمائية عربية وعالمية ستعرض للمرة الأولى في تونس وعروضا فرجوية في تفاعل حيّ بين الفنانين والجمهور.
الثلاثاء 2019/04/02
"ليل خارجي" المصري.. سينما تقطع مع ثقافة الاستهلاك

اختار مهرجان "قابس سينما فن" في دورته التأسيسية التي تنطلق في الـ12 من أبريل الجاري بمدينة قابس التونسية سينما المؤلف هدفا لمضامينه، حيث يعمل على الاحتفاء بالثقافة خارج سياقها الكلاسيكي من خلال طرح بديل مقياسه جودة الأفلام المقترحة، كما يعمد إلى البحث والنقاش وتبادل الأفكار ومحاورة الآخر من خلال برمجة تراعي الحديث والآني في السينما العربية المستقلة.

قابس (تونس) - ينتظم في الفترة الممتدة بين 12 وحتى 18 أبريل الجاري بمدينة قابس التونسية (جنوب) مهرجان “قابس سينما فن” تحت شعار “تعالا شوف” (تعال انظر)، ويحتوي برنامج التظاهرة في نسخته التأسيسية على 50 فيلما موزعا بين أقسام المسابقات الرسمية، وهي مسابقة الفيلم الروائي الطويل، مسابقة الفيلم الوثائقي الطويل، مسابقة الفيلم القصير، علاوة على الأعمال الموازية ضمن “نافذة على السينما التونسية”، وأخرى على “سينما العالم” و“سينما الطفل”، بالإضافة إلى التكريمات.

ومن المزمع أن توزع عروض وفعاليات المهرجان على عدد من الفضاءات الثقافية بقابس ومطماطة والحامة ومارث، إلى جانب عروض بالهواء الطلق بكل من سوق جارة وسوق المنزل.

وكشف مهرجان “قابس سينما فن” الذي تتولى رئاسته الشرفية الفنانة التونسية هند صبري، أصيلة الجنوب التونسي، أن المهرجان سيقدم في دورته التأسيسية أعمالا سينمائية عربية وعالمية ستعرض للمرة الأولى في تونس، كما ستشمل الأيام برمجة العديد من العروض الفرجوية منها معارض للفن المعاصر بالساحة العامة للمدينة، في تفاعل حيّ بين الفنانين وجمهور قابس، علاوة على تقديم عروض للفيديو في المقاهي.

المهرجان يحتفي في دورته التأسيسية بالثقافة خارج سياقها الكلاسيكي من خلال طرح بديل مقياسه جودة الأفلام المقترحة

وتبحث التظاهرة السينمائية الناشئة عن مقاربات فنية من العالم تعكس التنوّع والثراء واختلاف وجهات النظر، والتي تمنح فرصة للجمهور للتفكير بعيدا عن ثقافة الاستهلاك. واختار المهرجان في دورته الأولى تناول إشكالية “مستقبل السينما العربية” عنوانا لندوته الفكرية، حيث ستناقش الندوة العديد من النقاط التي تعنى بصناعة السينما منها سوق الإنتاج والتوزيع، وكيف يمكن للسينمائي اقتراح خطاب يماثله في ظل التحديات والقيود السياسية في علاقة الشمال بالجنوب؟ ويدير هذه الجلسة التي تجمع عددا من محترفي الفن السابع كل من لمياء قيقة بالقايد وسامية العبيدي.

وعلى هامش العروض الرئيسية من أفلام وورشات، ينفتح “قابس سينما فن” على مختلف فنون الصورة، حيث تتماهى الفعاليات بين فن الفيديو والتصوير الفوتوغرافي والسينما التجريبية والواقع الافتراضي.

وسيكون لمحبّي الفن السابع من هواة ومحترفين مواعيد هامة مع صنّاع سينما من خلال برنامج الــ“ماستر كلاس”، ومن بين هذه الجلسات المهنية التكوينية واحدة لكل من سفيان الفاني وأمين المسعدي حول إدارة التصوير وأخرى لهند صبري حول إدارة الممثل.

وهند صبري، عرّابة المهرجان، التي راكمت تجربة سينمائية تونسية وعربية مديدة ومتنوعة منذ أول إطلالة لها في الفيلم التونسي “صمت القصور” لمفيدة التلاتلي في العام 1994، مرورا بتجربتها المصرية الثرية وصولا إلى آخر أعمالها العربية “زهرة حلب” لرضا الباهي، ستقدّم في ورشتها التكوينية عصارة تجربتها التمثيلية التي تجاوزت اليوم زهاء العشرين عاما في إدارة الممثل، وما يترتب عنها من ترسيخ للعلاقة القائمة بين أداء الممثل وبين المناخ الدرامي الذي ينقله للمشاهد، باستناده إلى إشارات من عوالم الشخصية المؤدّاة، وما يمكن أن تحمله للعمل ككل ومن ثم للمشاهد بعد ذلك، وهي مهمة تتجاوز ما يعتقده بعض المخرجين من فكرة الاكتفاء باحتراف الممثل وخبرته وشهرته، على اعتبار كون فن التجسيد المتقن للورق المكتوب على الشاشة بنوعيها الصغيرة والكبيرة يعتمد أساسا على فن تركيبي، يقوم على مفردات عدة يساهم أي تقصير في واحدة منها في إرباك العمل وإيقاعه في حالات من الضعف والفتور بينه وبين المشاهد.

جديد السينما الجادة والمغايرة
جديد السينما الجادة والمغايرة

ويتطلع مهرجان “قابس سينما فن” من خلال انفتاحه على التقنيات التكنولوجية الحديثة في مجال الفنون المعاصرة لسينما الغد، على غرار تقنيات الواقع الافتراضي فيتفاعل مع تحدياتها ويسعى إلى الانخراط في عوالمها الإبداعية بإرساء أسس مهرجان سينمائي بديل ومنفتح، يتخذ من خصوصية قابس الواحة المتوسطية الوحيدة في محيطها الإقليمي فضاء حاضنا.

ووفق المنظمين لـ“قابس سينما فن”، هو “مهرجان هادف غايته ربط الصلة بين جمهور الجنوب التونسي وجديد السينما الجادة والمغايرة”، ومن هناك سيقدّم المهرجان في افتتاح دورته الفيلم المصري الجديد “ليل خارجي” لأحمد عبدالله السيد في عرضه الأول بتونس، ويحكي الفيلم عن ثلاث شخصيات من عوالم مُتباعدة تضطر لقضاء ليلة سويا في شوارع القاهرة.

وهو فيلم يندرج ضمن ما يصطلح على تسميته بسينما المؤلف الذي يسعى مهرجان “قابس سينما فن” في نسخته الأولى إلى تقريبه أكثر فأكثر إلى المشاهد التونسي، الذي اعتاد هذه النوعية من الأفلام التي أرساها منذ بداية تسعينات القرن الماضي العديد من المخرجين المخضرمين، على غرار النوري بوزيد والناصر خمير ومفيدة التلاتلي والراحلة كلثوم برناز، مرورا بجيل الألفية الجديدة كالجيلاني السعدي ولطفي عاشور، وصولا إلى الجيل الجديد مثل كوثر بن هنية ونجيب بلقاضي.. والقائمة تطول.

16