غلق الحدود وكورونا يضغطان على صادرات تونس إلى ليبيا

تعثّرت صادرات تونس نحو ليبيا خلال السنوات الأخيرة بسبب اضطرابات أمنية وتغلغل سلع أجنبية حلت محل المنتجات التونسية لاسيما تلك القادمة من تركيا، فيما عمّق غلق المعابر الحدودية وجائحة كورونا هذا التراجع في وقت تطالب فيه أوساط اقتصادية بإعادة بناء دبلوماسية قوية مع ليبيا وإقرار مبادرة تشريعية لتسهيل عودة الاستثمارات.
تونس - تراجعت الصادرات التونسية نحو الأسواق الليبية إلى مستويات غير مسبوقة، بسبب الوضع الأمني والأزمة الاقتصادية والصحية وغلق الحدود ما دفع خبراء وفاعلين اقتصاديين إلى مطالبة السلطات باستغلال ملف إعادة الإعمار لإرجاع الاستثمارات الليبية في تونس وتحفيز حضور المنتجات المحلية في معارض بالعاصمة طرابلس.
وأفاد مدير مقاربة الأسواق بمركز النهوض بالصادرات عماد حفيظ، أن نسبة صادرات تونس نحو ليبيا فاقت 1.2 مليار دينار تونسي سنة 2020 رغم تراجع بنحو 20 في المئة عن المعدل المسجل سابقا والذي بلغ 1.5 مليار دينار تونسي (0.54 مليار دولار)، نظرا لتداعيات جائحة كورونا وغلق المعابر السنة الماضية.
وقال حفيظ في تصريح لإذاعة محلية، إنّ المركز لم يتوقف عن العمل السنة الماضية رغم إلغاء المشاركة الحضورية بعدة معارض أجنبية بسبب جائحة كورونا بل تم تعديل طريقة المشاركة باعتماد اللقاءات الثنائية عن بعد والمشاركة في المعارض الافتراضية مثلما حدث في شهر فبراير الماضي.
وتستقطب ليبيا ما يقارب 70 في المئة من مجموع الصادرات التونسية، لكن حجم تلك الصادرات تراجع في السنوات الأخيرة تبعا لغلق الحدود مع ليبيا التي شهدت صراعا مسلحا، وتداعيات جائحة كورونا العالمية.
وأكد رئيس مجلس الأعمال التونسي الأفريقي أنيس الجزيري، في تصريح لـ”العرب”، “أن الصادرات التونسية نحو ليبيا تراجعت منذ 2010، إلى أكثر من الثلثين بسبب عدم الاستقرار والوضع الأمني المضطرب، ما جعل حضور المنتجات والمؤسسات التونسية يتقلص في ليبيا”.

أنيس الجزيري: لا بد من مبادرة تشريعية لإعادة الاستثمارات الليبية في تونس
ولفت الجزيري إلى وجود قوى دولية مشيرا إلى تركيا التي عززت حضورها هناك عبر التدخل العسكري، فضلا عن تراجع البترول الذي أثر على الاقتصاد والتوريد الليبي.
ولا تغزو السلع التركية وحدها أسواق ليبيا حيث تتواجد بكثافة السلع الصينية، غير أن المنتجات التركية حلت بالأساس مكان المنتجات التونسية خصوصا المواد الغذائية والألبسة والصناعات التحويلية.
ودعا الجزيري إلى “ضرورة تكوين غطاء سياسي لعودة العلاقات إلى نصابها، ولا بد من مبادرة تشريعية لإعادة الاستثمارات الليبية في تونس، علاوة عن ضرورة الحضور الميداني عبر تنظيم معرض ضخم في العاصمة طرابلس بحضور عدد كبير من المؤسسات التونسية”.
واستطرد “نحن بصدد التحضير لتنظيم المنتدى الاقتصادي التونسي الليبي من 23 إلى 25 مايو القادم لدعم الشراكة التونسية مع ليبيا”.
وأفاد أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي أن “التقييم الأساسي لحجم الصادرات بين البلدين يتعلق بمستوى تأثير المبادلات التجارية والتي تقاس في فترات عادية بعيدا عن تداعيات
كورونا”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “تأثير الجائحة ربما يتعلق بالإنتاج أكثر من التصدير، وتونس تصدّر أساسا المواد الغذائية والفلاحية والدواء نحو ليبيا”، قائلا “العلاقات بين البلدين تتمثل أساسا في المشاكل الحدودية على مستوى المعابر وحالة اللااستقرار في ليبيا التي شهدت صراعا مسلحا في السنوات الأخيرة”.
وتابع “عودة الاستقرار تدريجيا إلى ليبيا ستؤثر على العلاقات بين تونس وليبيا بقطع النظر على مخلفات جائحة كورونا”.
ودعا الشكندالي إلى”ضرورة رفع الحواجز الحدودية وبناء علاقات دبلوماسية جديدة وقوية، والرئيس قيس سعيد مطالب أيضا بدعم هذا الروابط واستغلال ملف إعادة إعمار ليبيا”.
وتعد ليبيا ثاني شريك اقتصادي لتونس بعد الاتحاد الأوروبي، والشريك العربي الأول لها قبل 2011، حيث يبلغ رقم المبادلات التجارية بينهما 3.5 مليون دولار.
وساهمت الاضطرابات الأمنية والسياسية في ليبيا، في تراجع عمليات التصدير بين البلدين، فضلا عن تزايد المخاوف من عدم استكمال مسار المصالحة بين الفرقاء الليبيين، حيث شهدت البلاد صرعا مسلحا في السنوات الأخيرة.
ودعا خبراء الاقتصاد إلى ضرورة إيجاد بدائل أخرى لتجاوز تراجع حجم التصدير التونسي مع ليبيا، والانفتاح على الأسواق الخارجية.
وطالبت أطراف بضرورة تفعيل الحضور الميداني في ليبيا، لدعم الشراكة معها وضمان فرص ترويج المنتجات التونسية بالأسواق.
وقال المدير العام لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد عمر بوزوادة في تصريح لـ”العرب”، “الجائحة أثرت على تونس وسائر دول العالم، وهناك نقص في التصدير، علاوة عن أن السوق التونسية صغيرة ولا بد من البحث عن وجهات تجارية وأسواق جديدة”.
وأضاف “أفضل الوجهات هي أسواق الدول الجوار (ليبيا والجزائر)، فضلا عن الاتحاد الأوروبي كسوق تقليدية في المبادلات التجارية التونسية”.

رضا الشكندالي: الرئيس قيس سعيد مطالب بدعم الروابط واستغلال ملف إعادة الإعمار
ودعا إلى “ضرورة غزو الأسواق الأفريقية عبر ليبيا والجزائر وترويج المنتج التونسي”.
وتراجعت صادرات تونس من الغلال إلى ليبيا إلى أكثر من 50 في المئة لتبلغ 15537 طن، منذ بداية يناير إلى غاية 9 نوفمبر 2020 مقابل 32962 طن، خلال نفس الفترة من سنة 2019، بسبب تأثيرات جائحة كوفيد – 19.
وسبق أن أشار رئيس المصلحة التجارية بالمجمع المهني المشترك للغلال، طارق تيرة في تصريح لوكالة الأنباء التونسية (وات)، إلى تراجع عائدات قيمة صادرات الغلال التونسية في اتجاه ليبيا لتبلغ أكثر من 28 مليار دينار في 2020، مقابل حوالي 60 مليار دينار (21.74 مليار دولار) سنة 2019.
واعتبر أن تطور صادرات الغلال التونسية نحو ليبيا يبقى مرتبطا بشكل هام بفتح الحدود البرية .كما شهدت صادرات تونس من الغلال نحو كل الأسواق التصديرية، تقهقرا في السنتين الأخيرتين بنسبة 48 في المئة على المستوى الكمي.
وأعلن المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين تراجع حجم التبادل التجاري بين تونس وليبيا من 3.5 مليار دينار ( 1.27 مليار دولار) في سنة 2010 إلى ما دون مليار دينار، في 2021
ووفق بيانات للمرصد الوطني للفلاحة، انخفضت صادرات تونس من المنتجات الزراعية والغذائية إلى ليبيا في أبريل 2020 بنسبة 5.17 بالمئة.
وتراجعت قيمة صادرات منتجات الأسماك في اتجاه ليبيا بنحو 3.6 مليون دينار (1.30 مليون دولار) مقارنة بسنة 2019 ( 1.82 في المئة) والخضر بنسبة 17.2 في المئة بقيمة 1.2 مليون دينار (0.43 مليون دولار).
وأوضح تقرير لوزارة الفلاحة التونسية أن الحبوب والخضر ومنتجات الصيد البحري تمثل 5.6 في المئة من مجموع الصادرات الزراعية إلى ليبيا.
وتعد فاكهة الخوخ من أهم المحاصيل التي توردها السوق الليبية بنسبة 57 في المئة من الكمية الإجمالية المصدرة.