عبدالحميد الدبيبة يتسلح بثغرات قانونية في مواجهة الطعون

يتسلح رئيس حكومة تصريف الأعمال في ليبيا عبدالحميد الدبيبة بعدة ثغرات قانونية في مواجهة طعن قُدم ضد ترشحه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في ديسمبر المقبل حيث تعتبر أوساط قانونية وسياسية ليبية أن فرص نجاح الطعن الذي قدمته شخصيات سياسية في طرابلس الأحد ضئيلة، وذلك في وقت يواجه فيه القضاء الليبي اختبارا صعبا خاصة أنه سينظر في طعون تخص مرشحين وازنين في الانتخابات على غرار الدبيبة وسيف الإسلام القذافي.
تونس - قدمت شخصيات سياسية في ليبيا الأحد طعنا ضد ترشح رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة للانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل في خطوة تُعد حظوظ نجاحها ضئيلة وفقا لمتابعين للشأن السياسي الليبي.
ويرى هؤلاء أن الدبيبة وفريق حملته سيلعبون على وتر ثغرات قانونية تُمكنه من البقاء في السباق إلى الرئاسة في مواجهة الطعون المقدمة ضده.
وفي الوقت الذي اتجهت فيه كل الأنظار إلى محكمة الاستئناف بسبها الأحد حيث بدأ قُضاتها النظر في الطعن الذي قدمه فريق سيف الإسلام القذافي ضد قرار استبعاده من السباق الرئاسي، سجلت لجنة الطعون الابتدائية بمحكمة استئناف طرابلس طعنا ضد الدبيبة.
ويقف وراء الطعن كل من المرشحين للرئاسة عارف النايض ومحمد المنتصر وعثمان عبدالجليل وعضو مجلس النواب (البرلمان) السيدة اليعقوبي وعضو ملتقى الحوار السياسي أحمد الشركسي.
وكان الدبيبة قد تحدى المادة 12 من قانون انتخاب الرئيس الصادر عن البرلمان والذي انتقده بشدة ليقدم في الثامن عشر من نوفمبر الجاري أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية التي ستجري في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.
ويرى مراقبون أن الدبيبة سيستغل ثغرات قانونية لتجاوز الطعون التي بات يواجهها الآن، مشيرين إلى أن القضاء الليبي بات أمام اختبار حقيقي خاصة بعد تسريبات طفت مؤخرا على السطح مفادها أن رئيس حكومة تصريف الأعمال يملك جنسية أجنبية.
وما سيزيد مهمة القضاء الليبي صعوبة هي الاتهامات التي تحوم حول الدبيبة بشأن دفع رشاوى لتطويع الأمور لصالحه، مثل الاتهامات التي وجهت إليه أثناء حوار جنيف بشراء أصوات أعضاء ملتقى الحوار للتصويت لصالحه، وهو الأمر الذي نفاه وعمه رجل الأعمال الملياردير علي الدبيبة.
وقال المحلل السياسي الليبي محمد قشوط إن “الدبيبة ناور قبل تقديم هذه الطعون بتحريض وسائل إعلام تابعة له لنشر أخبار مفادها أنه تم تقديم طعون ضده وأن القضاء حسم فيها ما يؤكد أن كل الشروط متوفرة في ترشحه وهذا غير صحيح”.
وتابع في تصريح لـ”العرب” أن “الطعون التي قُدمت الأحد فيها حجج وبراهين قوية بشأن مخالفته للمادة 12، فبخلاف استمراره في منصبه إلى اليوم يحاول استغلال ذلك المنصب للترويج لنفسه، والأهم ثبوت امتلاكه جنسيتين أخفاهما على الدولة الليبية؛ الأولى كندية والثانية من جزيرة سان كيتس ما يضع القضاء أمام امتحان حقيقي”.
وأوضح قشوط “فإما أن يثبت القضاء أنه نزيه ومحايد أو أنه قضاء قد رضخ بالفعل للضغوط التي يكرسها الدبيبة إضافة إلى الرشاوى التي يقدمها وغيرها وهو ما نخشاه”.
وضاعف حصر المجلس الأعلى للقضاء قبول الطعون في طرابلس من الشكوك إزاء ضمان الدبيبة دخول السباق الرئاسي حتى إذا تم تقديم طعن ضد ترشحه.
كما أشارت أوساط سياسية ليبية إلى ثغرة أخرى قانونية تتعلق بالتعديل الذي أدخل مجلس النواب على قانون انتخاب الرئيس وتحديدا في مادته 12 حيث سيعطي ذلك التعديل نتائج عكسية وفقا لهؤلاء.
وأكدت تلك الأوساط أن تطبيق المادة بات مستحيلا باعتبار أن التعديل صدر في العشرين من أكتوبر ما يعني أنه قبل الانتخابات بشهرين فقط، في حين تنص المادة على أنه يجب التخلي عن المنصب الحكومي قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات.
كما تصب مسألة سحب البرلمان للثقة من الدبيبة في صالح الأخير حيث تعتبر أوساط قانونية ليبية أن تلك الخطوة تشكل إقالة للحكومة حسب المادة 194 من القانون رقم 4 وهو اللائحة الداخلية للبرلمان.
وأعرب قشوط عن مخاوفه إزاء الثغرات القانونية الموجودة قائلا “هي ثغرات قد يتم استغلالها، لكن مع ذلك، ننتظر القرارات القضائية لأن القضاء الليبي اليوم أمام لحظة فارقة”.
وكان الدبيبة قد دشن بعد توليه رئاسة الحكومة بأشهر حملة دعاية واسعة النطاق من خلال إطلاق مشاريع ضخمة منها مشاريع تدعم الشباب في محاولة منه لزيادة حظوظه عند ترشحه للانتخابات الرئاسية التي يُراهن عليها لإنهاء سنوات الانقسام في ليبيا رغم أنها تأتي في سياق لم يتم فيه البت في ملفات حساسة على غرار ملف المرتزقة الذين استعان بهما طرفا النزاع في وقت سابق وتوحيد المؤسسة العسكرية وغيرها.
ودخل السباق الرئاسي 98 مرشحا قبل أن يتم إقصاء 25 منهم من بينهم ابن العقيد الراحل معمر القذافي سيف الإسلام، ليستقر السباق على 73 من ضمنهم قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر والدبيبة.
وتزايدت مؤخرا حدة الخلافات بسبب ما يعتبره مراقبون محاولة من الدبيبة لاستغلال منصبه من أجل إقصاء حفتر من السباق الرئاسي وهو ما يثير مخاوف من عودة الحرب خاصة في ظل استمرار رفض شق وازن من الإخوان يتقدمه رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري لإجراء الانتخابات في موعدها أصلا.
والسبت حذر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي من عودة البلاد إلى مربع الصراع المسلح قائلا خلال خطاب بمؤتمر وطني للشباب أقيم في طرابلس إنه “ينبغي المبادرة باتخاذ قرارات وصفها بالمناسبة التي تضع المنافسة السیاسیة في مربع التنافس السلمي الدیمقراطی، دون عدوان أو مغالبة”.
وزادت استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش المحسوب على روسيا الأسبوع الماضي من المخاوف بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات خاصة أن موسكو وأنقرة لم تتحمسا لهذا الاستحقاق؛ الأولى بسبب استبعاد سيف الإسلام الذي تراهن عليه في السباق إلى الرئاسة، والثانية بسبب إمكانية استبعاد الدبيبة بعد الطعن في قانونية ترشحه.