شيخة المطيري: كاميرا الإعلام تنقل صور وجوهنا أما الشعر فينقل صور قلوبنا

الشاعرة الإماراتية تحاول إيصال أصوات الشعراء إلى الجميع وفتح قنوات التواصل المختلفة مع الأصوات الجديدة في المشهد الثقافي الإماراتي.
الجمعة 2019/11/01
هناك نصوص لا نستطيع معرفة صاحبها

ترأس الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري قسم الثقافة الوطنية والوثائق، بالإضافة إلى رئاستها لقسم العلاقات العامة والإعلام بمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، كما أنها رئيسة لجنة النشر والتأليف باتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ورئيسة فرع دبي لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، بالإضافة إلى عضويتها في العديد من المجالس والهيئات الأدبية والثقافية. “العرب” تتوقف مع المطيري في حوار حول قضايا الشعر والثقافة على المستوى الإماراتي والعربي.

تؤمن الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري بأن القصيدة التي كتبت بوفاء للإنسان قادرة على أن تتخطى الحدود وتحول عناقيد الحرب إلى عناقيد سلام تتدلى من قلوب الشعراء للبشرية، ويسعدها حين تعرف أن أحدهم قال عن نص من نصوصها “كأنه كتب لي أو عني”.

منذ صدور مجموعتها الشعرية الأولى “مرسى الوداد”، مرورا بمجموعة إصدارات خلال العشر سنوات الأخيرة، والشاعرة الإماراتية شيخة المطيري تنظر إلى الشعر باعتباره اللغة النقية التي تستيقظ بكثير من رذاذ الأحلام البيضاء.

الشعر وبيئته

تقول شيخة المطيري “الشعر رداء صباحي نستفيض من خلاله حلما يقصر أرجل الواقع المر، ففي القصيدة نصنع عالما يجمعنا، نكرر كثيرا كلمة ‘الإنسانية‘، وإننا بحاجة إلى البحث الدائم عن المشترك الإنساني في الشعر، وتحديدا حين تكون لي مشاركات خارجية مع شعراء أجانب أحرص على البحث عن ملمح يؤكد صدق ما نقول، ودليل واضح على ما ندعي. ولذا تجدني أتماهى مع ما أسمع من شعر يرسم صورة الحياة التي نريد، نوجه أصابع الاتهام للجوع والخوف والحرب والدمار، نقف أمام الدبابات، ونشرع في مرافعة شعرية رفيعة للإنسانية واضعين الأبرياء على مقاعد الاطمئنان علنا نصل إلى السلام”.

المجموعة الشعرية الثانية
المجموعة الشعرية الثانية

وفي ما يخص الساحة الثقافية الإماراتية ترى المطيري أن الإعلام لا يستطيع نقل الحياة الثقافية كاملة كما هي. تقول الشاعرة “الإعلام ينقل صور وجوهنا ولا ينقل صور قلوبنا، والأمر على شقين؛ الأول هناك نصوص كثيرة أفردت جناحي إنسانيتها ووصلت إلى سماء عالية واحدة، باحثة عن التقارب مع الآخر. والشق الثاني هو الجانب المحلي،

وأرى أنه من الجيد أن يوثق الشاعر بيئته المحلية في أشعاره ليس من أجل التفاخر، بل من أجل أن يعيد للشعر مقولته ‘الشعر ديوان العرب‘، ونحن بحاجة إلى أن يكون المعجم المحلي حاضرا بأعلامه ومدنه ومعطيات الحياة فيه. وعلينا أن نستحضر أن ما توارثناه من شعر وأدب وما سنورثه للأجيال القادمة سيشكل جزءا من هويتهم الثقافية التي يجب أن تتسم بالثراء والشمولية”.

وتوضح المطيري أن الاهتمامات تتباين بين الشعراء، فمنهم من ينشغل في نصوصه بنفسه عن العالم وما فيه، ومنهم من يمنح القضايا القومية والوطنية جل اهتمامه، ومنهم من يقف وسطا بين هذا وذاك.

وتقول “الأهم هو التأثر الحقيقي بما يحدث حول الشاعر، ونقله للمشاعر دون مبالغة، والابتعاد عن فكرة المناسبات أو الكتابة من أجل المشاركة في مناسبة ما، لأن بعض الشعراء يمكن أن يظن أنه عليه أن يكتب في كل شيء حتى يكون جاهزا أو ‘مطلوبا‘ لكل المناسبات. أظن أن ما يكتب من أجل مناسبة ما وبطلب من أحد لا يمثل غالبا مستوى الشاعر وطبيعة كتاباته. ولأعود إلى قضية الإشكالية في النص الجديد وغياب القضايا القومية فإننا نرى اليوم أن عددا لا بأس به أصبح يتفاعل من خلال المنصات الشعرية الحديثة (تويتر أو فيسبوك أو غيرهما) لينقل مشاعر مباشرة عن الحدث ضمن قصيدة ولو كانت قصيرة”.

الشاعرات والأجيال

ترفض المطيري التعميم حيال الرأي القائل بعدم وجود تجارب شعرية نسائية في الإمارات تستحق الإشادة والمتابعة، وأن الجيل النسائي الشعري الجديد يأتي ضمن مشهدية ثقافية متشابهة لا تمتلك بصماتها الإبداعية الخاصة.

وعن هذا الشأن تقول “المقترب من المشهد الشعري الإماراتي يدرك أن الأصوات الجديدة موجودة ولها حضورها، وإن كانت قليلة نوعا ما في الشعر الفصيح. لكن المتابع أيضا أصبح اليوم قادرا على تمييز هذه الأصوات، غير أن الأمر بحاجة إلى قراءة متأنية لكل شاعرة وإعطائها حقها من القراءة دون استحضار حكم مسبق على شعراء المنطقة وشاعراتها لأن بعض النقاد ما زال يتعامل مع شعراء المنطقة وفق تعامل الأستاذ والتلميذ”.

وتتابع “الشاعرة الإماراتية اليوم تشارك في المحافل العالمية، وقد تمت ترجمة عدد كبير من دواوين الشاعرات إلى لغات عدة. وكم رأينا تفاعلا كبيرا بين الشاعرات والمتلقين. مما يدل على تشكل البصمة الإبداعية لهن”.

وفي سؤال عن رأيها حول مقولات الأدب النسوي، وأين وصلت من أدب المرأة، ومن حركة الكتابة التي تشارك فيها المرأة في الثقافة العربية؟ وما الذي طرأ على أدب المرأة من تحولات في الثقافة العربية، بفعل الانتفاضات والتحولات العاصفة التي تشهدها البلاد العربية؟

المجموعة الشعرية الأولى
المجموعة الشعرية الأولى

تجيب المطيري “أراها نوعا ما في تراجع في الاستخدام، إلا إن دعت الحاجة لذلك، فالأدب واحد. وكما أن لكل أديب لغته الخاصة واهتماماته الخاصة فالمرأة أيضا لها لغتها واهتماماتها التي لا تختلف فيها كثيرا عن الرجل”.

وتضيف “هناك نصوص لا نستطيع معرفة صاحبها ولا يمكن تحديدها بأدب امرأة أو رجل. يحتاج بعض الدارسين إلى هذا التقسيم ربما من أجل تحليل نص ما أو محاولة فهمه. لكن لا أظن أن المشهد الأدبي بحاجة إلى التقسيم. والمرأة في تاريخنا العربي الإسلامي حاضرة مشاركة في الحياة الأدبية. المرأة تتحول في كتابتها كما يتحول المجتمع، يطرأ عليها ما يطرأ عليه، تكتب في مجريات الأحداث من حولها، وتؤثث ديوان العرب مع الرجل بقصائد قوية وجزلة، مدركة أن الشعر لم يوجد للحب والغزل والشوق والوجدان فقط، لكنه صوتها في قضايا الطفولة والمآسي والفلسفة والحكمة”.

وعن رأيها في الأجيال الشعرية الإماراتية السابقة عليها، وعن الأسئلة التي تؤرق الأديبة الإماراتية المنتمية إلى هذا الجيل. تقول المطيري “الأجيال بحاجة إلى مساحة جيدة من الثقة والتواصل المعرفي. وإنني أحاول من خلال أماكن عملي أن أفتح قنوات التواصل المختلفة مع الأصوات الجديدة التي تريد أن تتعلم، وأن تكون جزءا واقعيا ومشرفا من المشهد الثقافي الإماراتي. ومن خلال عملي في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث واتحاد كتاب وأدباء الإمارات أحاول منحهم منصات شعرية مناسبة تجمعهم بالجمهور لإحداث التلاقي الحقيقي مع الجمهور. ومن خلال وجودي في إذاعة الشارقة فإنني أفتح مساحة أثيرية لهم لتصل أصواتهم للجميع. وإنني أرى أنهم يشتغلون بشكل جميل”.

وتضيف مختتمة الحوار “أما الأسئلة الكبرى التي تؤرقني فهي أنني أحاول كثيرا فهم ما يحدث في هذا الكون، إلى متى نظل كائنات تنافس هذه الكرة الأرضية في دورانها؟ نملك أشياء كثيرة ونريد كل شيء، نركض في الحياة دون توقف، ولماذا على الضفة الأخرى يقف آخرون لا يملكون حق الحلم، يركضون بأشباه أقدام لا حول لهم ولا قوة؟”.

ونذكر أن شيخة المطيري قد أصدرت خلال العشر سنوات الماضية عدة مجموعات شعرية وإبداعية، نذكر منها ديوان “مرسى الوداد” 2009، وكتاب “قائمة” 2011، وديوان “للحنين بقية” 2014، وديوان “يا أكثري وأقلي” 2016، وتعكف حاليا على إعداد مجموعة من الأبحاث في مجال المكتبات منها المكتبة والسيرة الذاتية، كما تتهيأ لطباعة ديوانها الجديد تحت عنوان مبدئي سيحمل “وأظن أنا”.

15