رأيتك في المذياع

أما برامج اكتشاف المواهب التونسية، فقد توقّف إيقاع نبضها الجاد مع برنامج “طريق النجوم” في بداية الألفية الثالثة، لتعوّضه مجموعة من البرامج الفاشلة في بعض القنوات التلفزيونية الخاصة.
السبت 2020/08/29
برامج مواهب تفتقد للمصداقية

في تونس بلد الأصوات الغنائية الاستثنائية، بشهادة كل نقاد الفن، غابت في العشريتين الأخيرتين برامج اكتشاف المواهب الغنائية المحلية، ليرتحل كل ذي طاقة صوتية مميّزة إلى المسابقات الإقليمية، مكره أخاك لا بطل.

تفرّقت الأصوات التونسية بين برامج المسابقات العربية على غرار “ستار أكاديمي”، و”السوبر ستار”، و”عرب آيدول”، و”ذا فويس”، فنجح قليلهم وفشل كثيرهم أمام سطوة التصويت وما تقتضيه لعبة التتويج من ضخّ لكم هائل من إرساليات مدفوعة الأجر بالعملة الصعبة، وما أصعبها على جيب المواطن التونسي المنكود راتبه.

برامج عربية اندثر بعضها واستمرّ غيرها، لكنّها لم تُفرز في النهاية سوى تتويج ثلاثة أصوات تونسية، وفقط.

أما برامج اكتشاف المواهب التونسية، فقد توقّف إيقاع نبضها الجاد مع برنامج “طريق النجوم” في بداية الألفية الثالثة، لتعوّضه مجموعة من البرامج الفاشلة في بعض القنوات التلفزيونية الخاصة التي استمرأت نجاح برامج سابقة كـ”نجوم الغد” و”مواهب على السلم”، فاستنسخت الفكرة دون أن تقدّم جديدا يُذكر.

وهذا الاستسهال في التعاطي مع برامج المواهب الناشئة، هو مربط الفرس وعدم تكافؤ الفرص في ظل الانتصار للمجاملات والمحاباة والشللية، دون الحديث، طبعا، عن لهث بعض البرامج العشوائية وراء الربح السريع المتأتي سواء من الإرساليات أو مبلغ المشاركة في المسابقات.

أجل، ذاك هو الداء الذي نخر مصداقية جلّ برامج المواهب التونسية في العشرية الأخيرة، الأمر الذي أصاب هذه النوعية من البرامج بالوهن والشيخوخة وهي التي تسعى إلى التعريف بالمواهب الشابة، فأصابت طموحاتهم في مقتل وهم في ذروة أحلامهم.

وأذكر هنا، مؤتمرا صحافيا انعقد في العام 2009، مُبشّرا بانطلاق برنامج مواهب محلي فاقد لـ”الكريمه”، سيتنافس خلاله المتسابقون في أربعة أصناف دفعة واحدة هي تباعا: الغناء والتمثيل والتقليد و”عروض الأزياء”، على أن تمرّر العروض في المسابقات الأربع إمّا على إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة أو عبر موجات إحدى الإذاعات الخاصة!

ولكم أن تتخيّلوا أي متعة سيجنيها المُستمع، وهو يسترق السمع لخطوات عارضة أزياء تمشي مُختالة فوق منصة لا يراها سوى باعث البرنامج، الذي فرض على كل مُترشّح ومُترشّحة لمسابقاته “الوهمية” الأربع دفع معلوم اشتراك قيمته ثلاثون دينارا، أما المواهب الحقّة التي لا تملك ثمن التسجيل في المسابقة السوريالية، فلها ربّ اسمه كريم. وقديما قال آباؤنا تهكّما على كل كاذب جسور “كم كانت طلعتك بهية في المذياع”.

24