دور محدود في خفض التصعيد يُلقي الضوء على ضعف النفوذ الصيني

محللون يعتبرون أن علاقات بكين مع طهران تهدف أيضا إلى موازنة النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج.
الثلاثاء 2025/06/24
تدخلات الصين لدعم الحليف الايراني في مواجهة الهجمات الإسرائيلية كانت خجولة

بكين - يرى محللون أن الصين لم تفعل سوى الوقوف مكتوفة الأيدي أمام تصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل، ما قوّض الجهود الدبلوماسية التي تبذلها منذ سنوات سعيا لترسيخ مكانتها كوسيط في الشرق الأوسط.

وسهّلت الصين التقارب الدبلوماسي التاريخي بين المملكة العربية السعودية وإيران عام 2023. وفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قدّمت نفسها كجهة أكثر حيادية من الولايات المتحدة، حليفة اسرائيل.

ودعمت الصين في السنوات الأخيرة اقتصاد الجمهورية الإسلامية بعدما خنقته العقوبات، بصفتها المستورد الرئيسي للنفط الإيراني، لكن في خضم الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة والقصف الأميركي على ايران، اكتفت الدبلوماسية الصينية بدعوات لخفض التصعيد.

ويقول كريغ سينغلتون المتخصص في الشؤون الصينية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مركز أبحاث أميركي، "لم تقدّم بكين أي مساعدة ملموسة لطهران" وبقيت "في الظل".

ويلفت إلى أن الصين "اكتفت بنشر تصريحات بينها إدانات، وبيانات للأمم المتحدة، ودعوات للحوار، لأن إعلان وعود كثيرة ثم تقديم القليل في النهاية يُظهر محدودية قدرتها على التصرف".

وقال "في النتيجة، إنه ردّ خجول بوضوح يُظهر ضعف تأثير الصين الحقيقي على إيران عند اندلاع أعمال عدائية".

وعزّزت بكين علاقاتها مع طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة في العام 2018 من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى في العام 2015.

في العام 2023، وصف الرئيس الصيني شي جينبينغ العلاقات الثنائية مع طهران بـ "الاستراتيجية"، مؤكدا دعمه لإيران في حربها ضد التضييق عليها.

ويرى المسؤول الصيني المتقاعد ليو تشيانغ، مدير اللجنة الأكاديمية في مركز شنغهاي للدراسات الاستراتيجية والدولية (ريمباك) "أن بقاء إيران مسألة أمن قومي للصين".

وكتب في مقال نُشر في يونيو على موقع "ايسي شيانغ" الأكاديمي أن على الصين اتخاذ "تدابير استباقية" في الصراع لضمان "عدم سحق إيران في الحرب" أو "خنقها من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل".

ويعتبر محللون أن علاقات بكين مع طهران تهدف أيضا إلى موازنة النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج.

ويوضح توفيا غيرينغ، الخبير في الشؤون الصينية في المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث أميركي، أن "إيران جزء من استراتيجية الصين لمواجهة الهيمنة الأميركية، وبدرجة أقل، توسّع حلف شمال الأطلسي".

وعُززت هذه الاستراتيجية عقب سقوط حكم بشار الأسد في سوريا وضعف حركة حماس وحزب الله المدعومَين من طهران.

ويؤكد غيرينغ أن "بكين سعت إلى منع انهيار دور إيران الإقليمي كليا"، مُسلّطا الضوء خصوصا على المبادرات الصينية الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي.

وأدانت الصين الضربات الأميركية الأخيرة على إيران، ودعت كل الأطراف إلى التهدئة، "وخصوصا إسرائيل". كما أيدت التوصل إلى تسوية سياسية ووقف لإطلاق النار.

ويستبعد محللون أن تُزوّد بكين طهران بمعدات عسكرية متطورة، على الرغم من علاقاتهما الوثيقة، خشية وقوع صدام مباشر مع واشنطن.

ويقول الأستاذ في جامعة إكسيتر (إنجلترا) أندريا غيزيلي إن "إيران بحاجة إلى أكثر من مجرد تصريحات في الأمم المتحدة أو مكونات صواريخ"، مضيفا "إنها بحاجة إلى دفاعات جوية وطائرات مقاتلة يمكن للصين توفيرها، لكن ذلك سيستغرق وقتا، ناهيك عن ردّ فعل إسرائيل السلبي جدا" إزاء هذا الموضوع.

وحضّت الولايات المتحدة الصين على الضغط على إيران لمنع إغلاق مضيق هرمز الرئيسي لصادرات النفط والغاز بعد أن استهدفت طائرات أميركية منشآت نووية إيرانية رئيسية.

ويشكّك الباحث في مركز "تشاتام هاوس" البريطاني للأبحاث أحمد أبودوح في قدرة بكين في تأثير إلى هذا الحد على إيران. ويرى أن "مكانة الصين في الشرق الأوسط تراجعت بشكل كبير منذ بداية الصراع"، مضيفا "يدرك الجميع في المنطقة أن نفوذ الصين للعب دور حقيقي في خفض التصعيد محدود، أو ربما معدوم".