دعوات لكشف حقائق الملفات العالقة للمفقودين والعالقين التونسيين في ليبيا

تونس – تواجه الحكومة التونسية دعوات متصاعدة إلى بذل المزيد من الجهود لتسوية ملف التونسيين العالقين في ليبيا على غرار الصحافيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، حيث ظلّ ملفّ هؤلاء عالقا لسنوات دون تحقيق نتائج تذكر، رغم المتابعة المستمرّة من قبل جمعيات المجتمع المدني ووزارة الخارجية.
ودعت جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى “تكوين لجنة مشتركة للبحث والتقصي حول المفقودين والعالقين التونسيين في ليبيا، والبتّ بصفة نهائية في مواضيع عالقة لسنوات”.
وأشارت الجمعية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بموقع “فيسبوك” إلى أن من بين المواضيع العالقة، ملفا الصحافيين سفيان الشورابي ونذير الكتاري، والأطفال التونسيين العالقين في معيتيقة بمعيّة أمهاتهم.
وأعربت الجمعية عن أسفها لتواصل المصير الغامض لبعض التونسيين المفقودين والعالقين في ليبيا، مؤكدة مساندتها للأمهات التونسيات في كل ما أصابهن من حزن وألم ومماطلة للوصول إلى حل نهائي يحقق لهنّ الاجتماع من جديد مع أهلهم، أو حتى معرفة مصيرهم.
ويعدّ ملف العالقين والمفقودين التونسيين في ليبيا من المسائل الشائكة التي ظلّت متواصلة منذ التغيرات السياسية والاجتماعية بالبلدين بداية 2011.
وعلى الرغم من إثارة المسألة من الجانب التونسي في العديد من المناسبات مع الجهات الليبية المعنية، لم تفض الجهود المبذولة حتى الآن إلى توضيح مصير المفقودين ومعرفة حقيقة أوضاعهم.
وقال دبلوماسي تونسي سابق إنه “كانت تأتينا أخبار متناقضة خصوصا حول الصحافيين القطاري والشورابي بين من يقول إنهما قتلا ومن يقول إنهما مازالا على قيد الحياة، والحقيقة القضائية غير موجودة”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “طلبت من وزارة الداخلية أن تتدخّل وقدمت لها أسامي الإرهابيين وأيضا للأمم المتحدة لتوقيفهم من قبل الأنتربول، وأعلمت القضاء التونسي والليبي بذلك، وأرسلت شخصية دبلوماسية لطبرق تحدّثت مع موقوف هناك وأعطته أوصاف الصحافيين”.

مصطفى عبدالكبير: لدينا أكثر من 200 معتقل في السجون الليبية ولا توجد أي جهة تقدم لنا معطيات حولهم
وتابع “في فترة نشاطي الدبلوماسي والسياسي، وقع إطلاق سراح كل المعتقلين، واستعملت العديد من الطرق مع الجيش وغيره وعلاقاتي الشخصية في ليبيا، والموضوع وقع تسييسه وهناك أطراف دخلت على الخط، واكتشفت أنه توجد شبكة كاملة فيها أطراف ليبية وتونسية تشرف على عمليات الاختطاف والاعتقال بمقابل”.
وأكّد على “وجود تواطؤ من أطراف فاسدة في تونس مع الميليشيات الليبية لاعتقال أطراف تشتغل في ليبيا، والموضوع معقّد جدا”.
وطالبت شخصيات حقوقية بأن يتصدّر ملف العالقين محور النقاشات بين السلطات التونسية والليبية، معتبرة أنه بمثابة “قنبلة موقوتة لبعض الأطراف السياسية”.
وأفاد مصطفى عبدالكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان أن “المسألة تعتبر من الملفات الكبرى للدولة، ولدينا معطيات غير دقيقة ومحينة حول أعداد المفقودين والمعتقلين في السجون الليبية من أطفال ونساء وشباب، وهذا من الملفات الجدية التي يجب أن تطرح على طاولة الحوار بين السلطات التونسية والليبية”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “لدينا أكثر من 200 معتقل في السجون الليبية، ولا توجد أي جهة رسمية يمكن أن تقدم لنا معطيات وحقائق حول من تمت تصفيتهم أو اغتيالهم ومن هم في السجون النظامية ومعتقلات الميليشيات”.
وأردف عبدالكبير “الملف كبير ومعقّد، ولدينا مسجوني حق عام جراء حوادث طرقات أو خلافات عادية، وهناك من هو مسجون ولا نعرف التهمة الموجهة إليه، ومنذ سنة 2015 بذلنا مجهودات كبيرة في المسألة لكن جهودنا لا تكفي لحلّها، وهذا ملفّ دولة بالأساس ومواز للملفات الاقتصادية والاجتماعية، وإذا أردنا شراكة حقيقية مع ليبيا لا بدّ من حلّ هذا الملف”.
وتابع الناشط الحقوقي “الملف سياسي بامتياز، جوهره التسفير إلى بؤر التوتر (ليبيا وسوريا والعراق)، وهناك أطراف سياسية ليس من مصلحتها أن يحلّ، ولكن يجب أن نعرف مصير أبنائنا”.
واستطرد “تنقصنا الإرادة السياسية اللازمة لكشف الحقائق، وهذه ملفات فيها عدة أطراف متداخلة، وهي بمثابة قنبلة موقوتة لأطراف سياسية”.
وتتضارب تقديرات الجمعيات والمنظمات الحقوقية حول حقيقة أعداد العالقين والمفقودين التونسيين في الأراضي الليبية، بعضهم موجود في السجون على خلفية تهم إرهابية والبعض الآخر في ملاجئ بانتظار تسوية وضعياتهم والتثبت من حملهم الجنسية التونسية.
وكان رئيس المجلس الرئاسي الليبي المنفي قد أدى زيارة إلى تونس تمتد ثلاثة أيام وانتهت الاثنين بدعوة من الرئيس سعيد، وتناول اللقاء خلال اليوم الأول من الزيارة ملف الأموال الليبية المجمدة في تونس، فيما طالب الجانب التونسي بتسوية مستحقات المصحات التونسية التي فتحت أبوابها أمام الليبيين إثر ثورة 2011.
وتطرّق الجانب التونسي إلى ملف التعاون الأمني وملاحقة التنظيمات الإرهابية المتسللة عبر الحدود ووضع خطة بين البلدين لمواجهتها.
ويحظى الملف الأمني بأهمية كبرى في تونس خاصة بعد التأكد من أن منفذي بعض الهجمات الإرهابية التي عرفتها تونس كانوا قد تدربوا في معسكرات بليبيا.