خروف قُرطه جي.بي.أس

يحمل البعض عاداته معه أينما ارتحل وحلّ، نسخ تقليدية لا تراعي الزمان ولا المكان ولا الإنسان ولا الحيوان ولا حتى نفسه.
السبت 2021/02/20
يجب أن نكون مهندسي عاداتنا

ضل خروف في أستراليا طريقه عن القطيع وضاع لمدة 5 سنوات حتى وجدوه مؤخرا، واكتشفوا أن الصوف غطى جسمه بالكامل مستغربين من نجاته بحياته بسبب وزنه الذي أصبح ثقيلا. وزن الصوف الذي تم جزّه بلغ أكثر من 35 كيلوغراما. كان الخبر مثيرا جدا ألم يفكر أحد، مدة خمس سنوات في ذبح الخروف وأكله مثلا؟

ذكرتني القصة بأخرى حدثت في النرويج منذ عشرة أعوام.

نظمت مجموعة من الشباب العربي رحلة إلى المراعي الخضراء الجميلة المحيطة بمدينة هونيفوس النرويجية، أين وجد الشباب خرافا كثيرة ترعى.

هناك تختلف خرافهم عن الخراف في أيّ مكان آخر، هي بيضاء كالثلج تسرح وتمرح بكل حرية لا راعيَ يراقبها، ولا أحد يقيّد حركتها، حتى خطرت فكرة مجنونة برأس أحد الشباب بعد أن لعبت به المشروبات الروحية. نعم! كانت تلك الفكرة بالضبط صناعة “باربكيو” من لحم أحد الخراف المسكينة لتضاف إلى كمية اللحم الموجودة لديهم والتي لم ترض نهمهم.

أكل الجميع وشبعوا واحتفلوا، وحان وقت العودة إلى المنزل.

لفّ أحدهم رأس الخروف يريد أن يعود به إلى المنزل، لكن لماذا يا هذا؟ ماذا ستفعل به. بدا أنه يشتهي أكلة كانت تعدّها أمه البعيدة عنه بآلاف الكيلومترات من رأس الخروف وكان يجيد طبخها جيدا.

وصل الجميع إلى المنزل، ووُضع رأس الخروف في الثلاجة. وما هي إلا ساعة حتى كان المنزل مطوّقا برجال الشرطة.

هل منكم تاجر مخدرات؟ تساءل أحدهم. لقد أتى رجال الشرطة بحثا عن الخروف الذي لم يبق منه سوى رأسه المحفوظ في الثلاجة!

دلّت رقاقة صغيرة مثبتة في أذن الخروف رجال الشرطة على المكان، إذ عادت كل الخراف ما عدا هو فقد تخلف عن العودة.

لقد كان الراعي يتابع حركة خرافه بنظام “جي.بي.أس” على تابليت رقمية.. يا للفضيحة!

دفع الشباب آلاف الكرونات غرامة. الكرونة عملة النرويج، وهي تختلف عن كورونا الفايروس. ورُفض طلب لجوء أحدهم بعد الحادثة! لقد حُدد مصير حياته من خلال عاداته. حدّدت أنماطُه السلوكية مصيرَه بكلّ بساطة.

يحمل البعض عاداته معه أينما ارتحل وحلّ، نسخ تقليدية لا تراعي الزمان ولا المكان ولا الإنسان ولا الحيوان ولا حتى نفسه.

يحتاج الكثيرون منا إلى تغيير عاداتهم لأن نتائجهم في الحياة هي مقياس متأخر، من المؤكّد، لعاداتهم. لحسن الحظ، لدينا قدر كبير من السيطرة على عاداتنا، وبالتالي حظنا منها كل هذه النتائج المتأخرة.

باختصار يجب أن نكون مهندسي عاداتنا بدلا من أن نكون ضحية لها.

24