خارطة طريق للمجلس الرئاسي تُثبت تأجيل الانتخابات العامة في ليبيا

عزم المجلس إرجاء تنظيم الانتخابات في موعدها يُتوج مساعي الإخوان لعرقلتها.
الاثنين 2021/11/01
عين المنفي على تأجيل الاستحقاق الانتخابي

تُقرب خارطة الطريق التي من المقرر أن يعلن عنها المجلس الرئاسي الليبي بشأن العملية السياسية ليبيا أكثر من أي وقت مضى من تأجيل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، في خطوة ستعتبر بمثابة التتويج للمساعي التي بذلتها جماعة الإخوان المسلمين لعرقلة تنظيم الاستحقاق المذكور في موعده.

تونس – تعكس التسريبات التي طفت على السطح ليل السبت – الأحد بشأن مبادرة يعتزم عضو المجلس الرئاسي في ليبيا عبدالله اللافي الإعلان عنها وتُشكل مقترح خارطة طريق خاصة بالعملية السياسية مُضي المجلس قدما نحو تثبيت تأجيل الانتخابات العامة بشقيها الرئاسي والبرلماني المُقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.

وأثارت تلك التسريبات التي تزامنت مع دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لإزالة ما وصفته بالقيود المتعلقة بالمشاركة في الاستحقاق المذكور لغطا واسعا، حيث كشفت عن ضغوط تُمارس لتمكين وجوه تتصدر المشهد حاليا على غرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة من المشاركة في الانتخابات الرئاسية وفقا لمتخصصين في الشأن الليبي.

محمد العباني: نرفض تأجيل الانتخابات، البرلمان هو من يقرر وليس المجلس الرئاسي
محمد العباني: نرفض تأجيل الانتخابات، البرلمان هو من يقرر وليس المجلس الرئاسي

ولم يُفلح نفي عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني عزم المجلس تقديم مبادرة بشأن الاستحقاقات المقبلة في تبرئة المجلس من التخطيط لتأجيل الانتخابات العامة التي يُراهن عليها لتتجاوز البلاد مرحلة الانقسامات بالرغم من أن الظروف الحالية تبدو غير مهيئة لذلك حيث لا تزال هناك العديد من العقبات لتنظيم هذه الاستحقاقات على غرار سحب المرتزقة وتفكيك الميليشيات. 

ويرى مراقبون أن هناك تحالفا بين رئيس المجلس محمد المنفي مع عبدالله اللافي لتمرير هذه المبادرة وهو ما سيصب مباشرة في صالح جماعة الإخوان المسلمين التي تحركت على أكثر من جبهة لعرقلة الاستحقاقات المذكورة بدءا من إثارة مسألة الاستفتاء على الدستور قبل إجراء الانتخابات وليس انتهاء برفض القوانين المنظمة للانتخابات الصادرة عن البرلمان.

وسارع الكوني الأحد إلى نفي عزم المجلس طرح مبادرة بشأن الانتخابات قائلا إن “أي اجتهاد مغاير حول موعد الانتخابات المحدد وفق الاتفاق السياسي، لا يمثل المجلس الرئاسي ولكن يمثل رأيا شخصيّا”.

وأضاف في تغريدة على تويتر أن “المجلس ملتزم بإجراء الانتخابات في موعدها، اجتهاد مغاير (في هذا الصدد) لن يمثل المجلس الرئاسي دون اتفاق الأعضاء الثلاثة، ووفق محضر موقّع”.

وتنص خارطة الطريق، التي يعتزم اللافي إعلانها، على وضع آليات ستمكن من تنظيم الانتخابات في أجل أقصاه مارس 2022 حيث سيتدخل المجلس الرئاسي مباشرة في العملية بطرح مبادرة تتعلق بالقاعدة الدستورية على مجلسي الدولة والنواب في الرابع عشر من نوفمبر التي ستجري على أساسها الانتخابات.

وحسب نص المبادرة سيشكل المجلس لجنة، إذا لم ينجح البرلمان ومجلس الدولة الذي يسيطر عليه الإخوان في ليبيا في التوصل لاتفاق بشأن مبادرة القاعدة الدستورية، لإصدار مشروعي قانون الانتخابات بمرسوم رئاسي مع العمل على تحشيد التأييد الشعبي والدولي لهما.

وسيُفتح بذلك الباب للترشح للانتخابات الرئاسية والنيابية في الرابع عشر من ديسمبر على أن يُغلق في الرابع والعشرين من يناير من العام المقبل لينطلق الاستحقاق الانتخابي في الأول من مارس 2022.

وبالرغم من نفي الكوني تبني المجلس الرئاسي لهذه الخارطة، إلا أنها حملت شعار المجلس في خطوة يرى مراقبون أنها كانت متوقعة حيث لا يحظى الكوني بأي تأثير مقارنة باللافي الذي يقود توافقا مع المنفي لتأجيل الاستحقاق.

وقال المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل إن “تأثير الكوني داخل المجلس الرئاسي ضعيف جدا وأقصى ما يمكن أن يفعله هو الاستقالة كما فعل عندما كان عضوا في المجلس السابق برئاسة فايز السراج، المنفي واللافي من فريق واحد ويشكلان أغلبية داخل المجلس وقد يكونان اتفقا على هذه المبادرة”.

وتابع عقيل في تصريح لـ”العرب” أن “خطوة تأجيل الانتخابات تخدم حتما جماعة الإخوان المسلمين، وهي في الواقع كلمة حق يُراد بها باطل ذلك أن ليبيا ليست مستعدة أصلا لهذه الاستحقاقات حيث لا تزال الميليشيات ترتع بسلاحها ولم يتم حسم ملف المرتزقة ناهيك عن الصراع الميليشياوي الكبير غرب البلاد”.

عزالدين عقيل: خطوة تأجيل الانتخابات تخدم جماعة الإخوان المسلمين
عزالدين عقيل: خطوة تأجيل الانتخابات تخدم جماعة الإخوان المسلمين

وترفض أوساط سياسية ليبية مبادرة اللافي – المنفي لتأجيل الاستحقاق الانتخابي حيث شدد عضو البرلمان محمد العباني على أن “من يقرر الانتخابات في ليبيا من عدمها هو البرلمان المنتخب في الخامس والعشرين من يونيو 2013 وليس المجلس الرئاسي أو اللافي”.

وأوضح العباني في اتصال هاتفي مع “العرب” أن “اللافي حر في ما يقول لكننا نرفض تأجيل الانتخابات التي ستقام في موعدها المحدد في الرابع والعشرين من ديسمبر”. 

وزاد تزامن هذا التطور مع دعوة البعثة الأممية برئاسة يان كوبيتش مساء السبت إلى اعتماد تعديلات تشمل “إزالة القيود المفروضة على المشاركة في الانتخابات للسماح لليبيين الذين يشغلون مناصب عامة بفرصة تجميد مهامهم من وقت تقدمهم بطلبات الترشح للانتخابات الرئاسية، على النحو الذي اقترحته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات” من تسميم الأجواء المرتبطة بالانتخابات.

وذهبت البعثة إلى ما أبعد من ذلك حيث دعت إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن على عكس ما ينص عليه القانون الذي أصدره البرلمان وهو ما جوبه برفض من قبل أوساط سياسية ليبية.

وينص القانون المذكور على إجراء الانتخابات البرلمانية بعد شهر من تنظيم الدور الأول للانتخابات الرئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر، وبالتزامن مع الدور الثاني في يناير 2022.

وأعلن الأحد 44 نائبا عن رفضهم لما وصفوه بتدخل البعثة الأممية والسفراء الأجانب في قوانين الانتخابات التي أصدرها البرلمان وهي قوانين عارضها بشدة المجلس الأعلى للدولة، الذي يهيمن عليه الإخوان المسلمين، ووصل الأمر برئيسه خالد المشيري إلى البعث بتهديدات مبطنة إلى المفوضية العليا للانتخابات لثنيها عن اعتماد تلك القوانين.

وقال هؤلاء النواب في بيان نشرته وسائل إعلام محلية “نستغرب استقواء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بالخارج في محاولة لفرض تعديلات سياسية وليست فنية على قوانين الانتخابات”، مشيرين إلى أن “تجاربنا السابقة مع متصدري المشهد الحالي تجبرنا على القلق العميق من خطة جديدة لعرقلة الانتخابات الرئاسية أو رفض نتائجها”.

وتشهد ليبيا مرحلة انتقالية من المقرر أن تنتهي بإجراء انتخابات عامة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل كما تنص على ذلك خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف السويسرية.

4