حوافز تونسية سخية لتشجيع أصحاب المبادرات الخاصة

تسابق السلطات التونسية الزمن بحثا عن مرحلة استثمارية جديدة، وذلك بحشد جهودها وتقديم حوافز واسعة في ميزانية 2019 لتشجيع أصحاب المبادرات الخاصة على إطلاق مشاريعهم، في إطار تعزيز مناخ الأعمال المرحب بالاستثمارات المحلية والأجنبية.
تونس - استكملت تونس خططها المتعلقة بدعم المبادرات الاستثمارية الخاصة في ظل حزمة الحوافز، التي تقدّمها الحكومة لروّاد الأعمال لإطلاق شركاتهم ضمن برنامجها الإصلاحي.
وهناك مساع لإخراج منظومة العمل من عباءتها القديمة القائمة على التعويل على القطاع العام، إذ يرى خبراء أنها كانت من بين الأسباب التي أدت لزيادة معدلات البطالة.
وأكد عمر بوزوادة المدير العام لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد خلال افتتاح الدورة الثامنة “للأيام الوطنية للمبادرة الخاصة وبعث المؤسسات” هذا الأسبوع أن ميزانية 2019 اعتمدت امتيازات لتشجيع الشباب على إطلاق مشاريعهم. وأشار إلى أن الوكالة أنشأت مكتبا خاصا لروّاد الأعمال سيتكفل بتسريع الإجراءات الإدارية، والتي تعدّ أحيانا معقدة وغير مفهومة.
ودفعت المطبّات الكثيرة، التي تعرقل إطلاق المشاريع، الحكومة للبحث عن حلول لتحفيز الاستثمار في القطاع الخاص بعيدا عن البيروقراطية والفساد، بهدف تعزيز مساهمته في إنعاش النمو.
واستعرض الخبير المحاسب وجدي عبدالهادي، وممثل مركز المسيرين الشبان منير الحبيب خلال الدورة، التي حضرتها “العرب”، الحوافز وتبعات تطبيق الأحكام التشريعية الجديدة في ميزانية العام الجاري على قطاع الاستثمار.
ومن بين الحوافز والتشجيعات، التي وضعتها الحكومة، خفض ضريبة أرباح الشركات وقد تم تقسيمها إلى 3 فئات، حيث تتراوح التخفيضات بين 10 و13.5 و35 بالمئة.
وقررت السلطات أيضا التخلي عن الفوائد الموظفة على القروض والغرامات على الديون الضريبية المستحقة للدولة عندما يتم جدولتها قبل مطلع الشهر المقبل على أقساط ربع سنوية على مدة أقصاها 5 سنوات.
وإلى جانب ذلك، تشجع الدولة شركات القطاع الصناعي على إعادة الهيكلة المالية، من خلال السماح لها بالاعتراف في بياناتها بالقيمة الحقيقية لأصولها، وإعادة تقييمها باستثناء العقارات المبنية وغير المطورة.
كما سيتم منح فرصة لتمديد تاريخ تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة تقدر بحوالي 13 بالمئة على مبيعات المباني المخصصة للسكن حتى نهاية 2020.
ولتنفيذ خططها، ستنشئ الحكومة بنك المناطق برأسمال 400 مليون دينار (132.5 مليون دولار) كجزء من تطوير نظام التمويل في الجهات.
ويقول عبدالهادي إن هذه الخطوة ستتيح تنفيذ نموذج قادر على معالجة أوجه القصور لتسهيل وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة لمصادر التمويل.
وكانت الحكومة قد أطلقت في أبريل العام الماضي أولى دورات هذا البرنامج الموسع في جميع ولايات البلاد لتنمية قدرات المبادرات الخاصة لاستقطاب أكبر عدد من العاطلين عن العمل لاسيما من خريجي الجامعات.
وتراهن الحكومة على دعم المؤسسات المالية الدولية لمواجهات تحديات البطالة المتفاقمة، التي تبلغ وفق الإحصائيات الرسمية 15.4 بالمئة، من أجل توفير فرص عمل جديدة وتحريك عجلة النمو الراكدة.
ويرى اقتصاديون أن المنظومة المتعلقة بتمويل الشركات تشكو من غياب الحوكمة وتفشي الفساد وعدم وجود سلطة مراقبة مختصة ومؤسسة لتقييم المخاطر.
وأشاروا إلى أن الدعم المالي المرصود لا يساعد على تغطية كل ما يحتاجه أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وحتى متناهية الصغر، وبالتالي فإن المراهنة على استدامتها قد يكون فيها الكثير من المخاطر.
وفي خطوة أخرى لدعم الاستثمار، صادق المجلس الأعلى للاستثمار الخميس، على مشروع قانون لتحفيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال وبرنامج العمل 2020.
132.5 مليون دولار رأس مال بنك الجهات، الذي سيساعد على تطوير منظومة تمويل المشروعات الناشئة
وعلّق رئيس الحكومة يوسف الشاهد على ذلك قائلا إن “قانون الاستثمار الجديد من بين الإصلاحات الرئيسة الجديدة، إذ سيوفر للمستثمرين الضمانات اللازمة للمعاملة العادلة، ويعالج القوانين التي تمثّل عوائق لهم”.
كما صادق المجلس على 4 مشاريع كبرى بقيمة إجمالية تبلغ 75.2 مليون دولار تشمل الصناعات الغذائية بولاية سيدي بوزيد ومشروعين لصناعة مكوّنات السيارات ومشروع لصناعة مكوّنات الطائرات بالمغيرة من ولاية بن عروس.
وهناك قائمة أخرى من المشاريع بقيمة تناهز 860 مليون دولار سيتم عرضها في الاجتماعات القادمة للمجلس، الذي يضم مختلف الوزارات والهياكل على غرار الهيئة التونسية للاستثمار.
وتقدمت تونس مرتبة واحدة في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2019، الصادر عن البنك الدولي في أكتوبر الماضي، إلى المركز 80 من أصل 190 اقتصادا.
ولا يزال الاقتصاد يعاني من التركة الثقيلة للسياسات المرتبكة لحكومة الترويكا التي قادتها النهضة، وتسببت في أزمات كثيرة انسحبت على معظم مظاهر حياة التونسيين.
وكان البنك الدولي قد خصص في سبتمبر 2017 نحو 60 مليون دولار لدعم سوق العمل المحلي، سيتم تقسيطها على ست سنوات بهدف مواجهة تحدي البطالة.