تونس تحصي أصول أفريقيا الاقتصادية بحثا عن بوصلة جديدة

اختيار الاتحاد الأفريقي تونس لتكون مركزا لإحصاء أصول القارة الاقتصادية للمرة الأولى في تاريخها جاء متأخرا، لكنه يمكن أن يضع بوصلة جديدة لتعزيز النمو عبر تعزيز التجارة الخارجية والاستثمارات.
الثلاثاء 2018/11/06
ممر ضيق نحو أفق اقتصادي أوسع

تونس - شكل إطلاق المعهد الأفريقي للإحصاء في تونس بعد سنوات من التأخير خطوة  لدول القارة من أجل حصر أصولها الاقتصادية، والتي ستساعد الحكومات على النهوض بمستويات النمو بشكل مستدام.

وتواجه بلدان القارة تحديات كبيرة مع اقتراب إقامة منطقة للتبادل الحر على مستوى أفريقيا في العام المقبل، خاصة في ما يتعلق بالبنية التحتية وتوفير فرص عمل.

وأكد الخبير أنيس القاسمي، لـ”العرب” أن اختيار تونس لتكون مركزا لهذه المهمة يعتبر شهادة ثقة في أنها تسير على طريق الاندماج الكامل مع أفريقيا، وخاصة بعد انضمامها إلى السوق المشتركة لدول شرق أفريقيا (كوميسا).

ووقعت تونس في يوليو الماضي، اتفاقية الانضمام إلى كوميسا على أن تدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، لتكون العضو العشرين في هذه المجموعة الاقتصادية.

لكن القاسمي يرى أن مهمته، ورغم تأخر الخطوة، ستكون من حيث مساهمته فعالة في دفع العلاقات والمبادلات التجارية لدول القارة ورسم الاستراتيجيات المستقبلية وصناعة القرار السياسي والاقتصادي.

وكان الاتحاد الأفريقي قد صادق في عام 2013 على تأسيس المعهد، لكن تشدينه رسميا تأخر بشكل متكرر لأسباب تمويلية وفنية.

ومن المتوقع أن يصادق الاتحاد الأفريقي بحلول نهاية العام الحالي على الهيكل التنظيمي للمعهد لتنطلق بعدها عملية انتداب موظفين، سيعملون مع مجموعة من الخبراء والمتخصصين الأفارقة في هذا المجال.

ولطالما اعتبر محللون أن أفريقيا بحاجة ماسة لوضع استراتيجية شاملة لتطوير القطاعات ومعالجة الاختلالات التي تعاني منها، ولزيادة الشراكات بين بلدانها، بهدف استغلال كافة المقومات التي تتمتع بها، ما جعل القوى الاقتصادية العظمى تتهافت على الاستثمار فيها.

ونسبت وكالة الأنباء التونسية الرسمية لمفوض الشؤون الاقتصادية بالاتحاد الأفريقي، فيكتور هارسون، قوله خلال ندوة عقدت الأسبوع الماضي، لتدشين المعهد “لقد كانت هناك حاجة ماسة لإطلاق المعهد لتقديم إحصائيات دقيقة وموثوق بها”.

فيكتور هارسون: حان الوقت لتغيير الواقع الاقتصادي في أفريقيا والمعهد سيكون محفزا لنا
فيكتور هارسون: حان الوقت لتغيير الواقع الاقتصادي في أفريقيا والمعهد سيكون محفزا لنا

وأضاف “حان الوقت لتغيير الواقع الاقتصادي في أفريقيا وسيتطلب منا ذلك الكثير من الوقت، لكن أعتقد أننا وضعنا شيئا ملموسا، والمعهد سيكون بمثابة المحفز من أجل المضي قدما على درب هذا المشوار”.

وأوضح أنّ تونس قادرة على أن تلعب هذا الدور فالسوق الإفريقية توفر لها العديد من الفرص، التي يمكن أن يستفيد منها رجال الأعمال التونسيون في شتى المجالات.

وأعطي مثلا على ذلك، من خلال قطاع التمور في تونس، الذي يعد إحدى الركائز الأساسية في صادرات منتجاتها الزراعية، ويرى اكتساح السوق الأفريقية سيضمن لتونس عائدات هامة.

وثمة عدة قطاعات أخرى، التي يمكن أن تكتسحها الصادرات التونسية على غرار منتجات البحر، إضافة إلى الفرص المتوفرة في الطاقة والبنية التحتية، خاصة وأن أفريقيا تحتاج لبناء وتطوير الطرقات وسكك الحديد، كما أن هناك فرصا واعدة في قطاعي الخدمات والتكنولوجيا.

وقال وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، زياد العذاري، على هامش تدشين المعهد إن “تدشين المقر، الأول من نوعه في تونس، يعد حدثا مهما يعزز حضورها في أفريقيا ويمنحها فرصة كبيرة لدفع علاقاتها الاقتصادية مع بلدان القارة، التي تمثل المستقبل باعتبارها سوقا واعدة تضم 3 مليارات ساكن”.

وأشار إلى أن بلاده ستسهم في مرحلة أولى في تمويل أنشطة المعهد إلى حين المصادقة على هيكله التنظيمي من الاتحاد الأفريقي، الذي سيتولى لاحقا تمويله مع بعض الشركاء الآخرين على غرار البنك العالمي.

ولا تزال المبادلات التجارية بين دول أفريقيا ضعيفة للغاية، فأسواق القارة غارقة حتى الآن ببضائع مستوردة من الصين وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، وأما صادرات الدول الأفريقية فهي تقتصر على تصدير مواد غير مصنعة.

وتشير التقديرات إلى أن صادرات الصناعات التحويلية لا تمثل سوى نحو 18 بالمئة من حجم المبادلات الأفريقية البينية، في حين تمثل واحد بالمئة من المبادلات التجارية على مستوى العالم.

ويأتي تدشين المعهد بالتزامن مع كشف ألمانيا عن خططها الاستراتيجية في السباق الاقتصادي المحتدم إلى أفريقيا أسوة بالمنافسين التقليديين لها في العالم، بفضل مناخ الأعمال، الذي بدأت تحظى به عدد من البلدان الأفريقية في السنوات الأخيرة.

وأعلنت المستشارة أنجيلا ميركل، خلال افتتاح مؤتمر “الشراكة مع أفريقيا”، بالتعاون مع البنك الدولي، الأسبوع الماضي، عن تأسيس صندوق بقيمة مليار يورو بهدف تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة لتعزيز أنشطتها في القارة.

وأشار صندوق النقد الدولي، في تقرير حديث نشره مؤخرا إلى أن معدل النمو في أفريقيا جنوب الصحراء، والمتوقع أن يبلغ 3.1 بالمئة بنهاية هذا العام، لا يرقى إلى مستوى القدرة على استيعاب ملايين الشباب الباحثين عن وظائف.

ويقول بابا ندياي، رئيس قسم الدراسات الإقليمية في الصندوق، إن سوق العمل الأفريقية يدخلها سنويا 90 مليون شخص، لكن 10 ملايين فقط يحصلون على العمل.

11